يستضيف مبنى "أوتيل دو لا مارين" التاريخي في باريس اعتباراً من الخميس وعلى مدى الأعوام العشرين المقبلة عدداً من التحف من مجموعة آل ثاني أُطلِق عليها اسم صاحبها عضو العائلة المالكة في قطر الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني المعروف عنه شغفه بالفن.
ويبلغ عدد هذه القطع النادرة نحو مئة بينها تماثيل تنتمي إلى حضارات قديمة جداً، موزعة على أربع صالات كانت تُستخدم في القرن الثامن عشر، قبل الثورة الفرنسية، لتخزين أثاث قصور ملوك فرنسا.
وأعيد بين العامين 2017 و2021 ترميم هذا المعلم التاريخي الرمزي الذي تطل إحدى واجهاته على ساحة كونكورد، وجهزت قاعاته بتقنيات حديثة وبمواد ذات جودة عالية.
وسيضم المبنى مدى السنوات العشرين المقبلة جانباً من مجموعة الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني المؤلفة أصلاً مما بين خمسة آلاف وستة آلاف قطعة في المجموع، يعود تاريخ أقدمها إلى آلاف السنين. وتقام في المبنى كذلك معارض ظرفية موقتة تتمحور على مواضيع معينة.
وأبرم اتفاق في هذا المعنى بين مؤسسة آل ثاني ومركز الآثار الوطنية الفرنسي، وأبقيت القيمة الإجمالية لاستثمار الراعي القطري "سرية"، بحسب المؤسستين اللتين لم تنفيا أو تؤكدا معلومات أوردتها وسائل الإعلام عن أنها تصل إلى نحو 20 مليون يورو.
وسبق أن عُرضت قطع من المجموعة في بعض أنحاء العالم، كنيويورك ولندن وطوكيو.
وتضم القاعة الأولى سبع روائع من أربع قارات تسلط الضوء على "حضارات العالم" وتغطي مرحلة تمتد أكثر من خمسة آلاف سنة.
ومن بين هذه القطع صنم من كيليا (الأناضول) يعود تاريخه إلى ما بين 3300 و2500 قبل الميلاد، ورأس فرعون مصنوع من اليشب الأحمر يرجع تاريخه إلى ذروة الحضارة المصرية القديمة، وتمثال برونزي مذهب نادر من عهد أسرة هان الصينية يمثّل دباً، وقلادة نادرة على شكل قناع من أعمال حضارة المايا.
وجوه منحوتة
وقال أمين المجموعة القطرية الكاملة أمين جعفر لوكالة فرانس برس إن القاعة التي تحوي هذه المجموعة والمزينة بزهور ذهبية متشابكة تتدلى من السقف بخيوط ذهبية، تغلف الزائر بكون "ينسجم مع عالمية الفن".
أما صالة العرض الثانية، فهي عبارة عن ممر مائل غارق في الظلام، يضم 11 وجهًا منحوتاً عبر العصور، وُفرت لها إنارة مميزة.
ومن أبرز هذه المنحوتات رأس رجل من الكوارتزيت (يعود إلى قرابة عام 2050 قبل الميلاد) يذكّر بتماثيل الملك كوديا حاكم مدينة لكش السومرية في بلاد ما بين النهرين، ورأس فانغ-بيتسي من الغابون (1700-1850)؛ ورأس من حجر العقيق الأبيض للإمبراطور هادريان نُحِت قرابة عام 1240 وتم تثبيته على تمثال نصفي من الفضة القرمزية في القرن السادس عشر.
أما المحطة التالية من المجموعة فتقع في رواق موازٍ وتضم كنوزاً أخرى ذات دقة عالية، بينها قطع حجرية منقوشة، وأوانٍ ذهبية وفضية، ومجوهرات وزخارف من حوض البحر الأبيض المتوسط يعود تاريخها إلى ما بين عامي 900 و100 قبل الميلاد، بالإضافة إلى العديد من أعمال الفن الصخري الأولمك (1200 قبل الميلاد على أقرب تقدير).
وختام الجولة على المجموعة روائع إسلامية معروضة في صالة أخيرة مصممة لـ "معارض موقتة عن مواضيع متجددة، بهدف تعزيز التبادل الثقافي الدولي"، بحسب جعفر.
ومن بين هذه المعروضات مخطوطات ومنسوجات وقطع من الحديد والسيراميك والزجاج ومجوهرات. ومصدر هذه القطع كل أنحاء العالم الإسلامي، وهي تنتمي إلى أكثر من حقبة، من الخلافة الأموية إلى إمبراطورية المغول. وضمن هذه الروائع ورقة من المصحف الأزرق، وهي واحدة من أشهر المخطوطات التي يرجع تاريخها إلى العصور الوسطى وأثار أصلها الكثير من الجدل.
أ ف ب