لم يكن أدل من توزيع الجيش الإسرائيلي صورة لعدد من قادة حزب الله على رأسهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ومن بينهم ستة اغتالتهم إسرائيل في رسالة تهديد مباشرة باغتيال نصرالله، لكي يتضح الطابع الأشد خطورة للتصعيد الاستراتيجي الذي بلغته الحرب في شكلها المتطور في الأسبوع الماضي بين إسرائيل وحزب الله.
وإذ تعاظمت المخاوف من انسداد كامل للحل الديبلوماسي مع تهافت السفارات والدول على الطلب من رعاياها مغادرة لبنان في أسرع وقت، رسمت الوقائع الميدانية الوجه الآخر للإنزلاق المتدحرج نحو حرب بلا سقوف او خطوط حمر لم يعد يفصل عنها سوى ترقب أي مفاجأة جديدة. ذلك ان إسرائيل في اجتياح جوي حربي واستباقي جديد ليل السبت، عمّقت غاراتها الكثيفة التي فاق عددها الـ 100 غارة الى عمق تجاوز اكثر من ثلاثين كيلومتراً وطاول البقاع الغربي وفق ما ورد في "النهار".
في المقابل، وصف الردّ الصاروخي الأولي للحزب صباح امس على شمال إسرائيل بأنه الأعمق منذ اندلاع المواجهات وصولاً الى حيفا ناهيك عن استعمال طراز جديد من الصواريخ الثقيلة البعيدة المدى. بذلك ترتسم معالم اتساع التصعيد الاستراتيجي المنذرة بتعمق واتساع أكثر فأكثر مع كل جولة من جولات تبادل الضربات الثقيلة والمدمرة بما يخشى معه المراقبون بأن يكون انفجار الحرب الشاملة مسألة وقت قصير.
وتفاقمت هذه المخاوف مع معطيات ديبلوماسية بدت أقرب الى إنذار من ان المواقف التي أعلنت في جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع في لبنان عكست عقم أي رهان او أمال على تحرك دولي فعال راهناً على الأقل من شأنه ردع إسرائيل عن المضي في تصعيد الوضع واستدراج “حزب الله” الى حرب واسعة. وهو الأمر الذي ساهم في قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العزوف عن السفر الى نيويورك والبقاء في بيروت.
وعكس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش امس خطورة الوضع في لبنان، عندما حذر من مخاطر تحويل لبنان غزة أخرى في خضم تصعيد للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله. وقال غوتيريش في تصريح لشبكة سي ان ان الإخبارية الأميركية قبل يومين من موعد انطلاق أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة ما يثير قلقي (هو) خطر تحويل لبنان غزة أخرى، في إشارة إلى القطاع الفلسطيني حيث تدور منذ تشرين الأول الماضي حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس.
وفي السياق نفسه، شككت أوساط معنية في أي نجاح محتمل للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيصل اليوم الى لبنان في تحريك الملف الرئاسي وسط هذا الانفجار الحربي. ومن المقرر ان يقوم لودريان بمشاورات جديدة في ظل معالم ومؤشرات ديبلوماسية وعسكرية مختلفة تماماً في مهمته بعد ان تغييرت قواعد اللعبة عما كانت في زياراته السابقة. وأدرجت الزيارة كرسالة دعم فرنسية في ظل الاوضاع المقلقة التي يعيشها البلد، فيما ذكر ان لودريان لا يحمل ورقة اقتراحات جديدة لحل الأزمة الرئاسية بل يعوّل على المتغيرات للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية بعدما شارفت الازمة على طي سنتها الثانية.
رد اولي
اما أبرز الوقائع العسكرية في الساعات الأخيرة فتمثلت في اول ردّ لحزب الله على سلسلة الضربات الموجعة والخطيرة والعمليات التي استهدفته الأسبوع الماضي، اذ أعلن صباح الأحد بأنه قصف مُجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي1 وفادي 2 والكاتيوشا في ردٍ أولي على المجزرة الوحشية التي إرتكبها العدو الإسرائيلي في مختلف المناطق اللبنانية يومي الثلاثاء والأربعاء مجزرة البيجر وأجهزة اللاسلكي.
وأعلن الحزب انه لمرتين استهدف ايضاً قاعدة ومطار رامات ديفيد بعشرات من الصواريخ من نوع فادي. واكد الجيش الإسرائيلي، أن أكثر من 150 صاروخاً أطلقت من لبنان صباح الأحد بعد ساعات من توجيهه ضربات جوية مكثّفة ضد أهداف لحزب الله. واعترفت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحزب وسّع بصورة جوهرية مدى الصواريخ التي أطلقها وسجل سقوط عدد منها في مناطق عدة. واشارت الى ان صفارات الإنذار دوت في مدينة العفولة وفي العديد من القرى المحيطة بها وفي محيط حيفا للمرة الأولى منذ 7 تشرين الأول. وافيد عن أضرار كبيرة خلفتها الصواريخ التي أطلقها الحزب على شمال مدينة حيفا الإسرائيلية، وافيد عن تضرر 12 منزلا واحتراق سيارات وسقوط أشجار في كريات بياليك قرب حيفا. وعلى الأثر نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي هجوماً جوياً واسعاً، حيث شنّ سلسلة من الغارات استهدفت بلدات حدودية ومناطق حرجية ومفتوحة في الجنوب والبقاع الغربي وسجل تنفيذ اكثر من 60 غارة جوية أدت الى سقوط ثلاثة وعدد من الجرحى .
يشار الى ان الدفاع المدني اعلن امس ان الحصيلة الأخيرة الذين تم انتشالهم من موقع موقع المبنى الذي انهار في الغارة الإسرائيلية على محلة الجاموس ارتفعت الى 50 شهيدا بعد انتشال طفلين من تحت الأنقاض، أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. ويبلغ عدد المفقودين 11 مواطناً.
اما في موقف حزب الله من التصعيد فقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في مراسم تشييع قائد وحدة الرضوان إبراهيم عقيل في الضاحية الجنوبية: لن توقفنا التهديدات ولا نخشى أخطر الاحتمالات ونحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية. وأشار الى ان جبهة الاسناد في لبنان مستمرة إلى أن تتوقف الحرب على غزة ولن يعود سكان الشمال بل سيزداد النزوح وسيتوسع الاسناد ولسنا بحاجة إلى إطلاق التهديدات ولن نحدد كيفية الرد على العدوان فلقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح. وراقبوا الميدان لينبئكم عن دفعات الحساب بحسب "النهار".