رغم الضربات الإسرائيلية المتواصلة ضد حزب الله، ومن قبله استهداف إسماعيل هنية زعيم حركة حماس في طهران، واستهداف طهران نفسها وقنصليتها في سوريا، إلا أن النظام الحاكم في إيران يرفض الرد حتى الآن على تلك الاستهدافات.
وقبل أيام، أكد محسن رضائي عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، أن المرشد الأعلى علي خامنئي لا يريد إشعال حرب مع تل أبيب في الظروف الحالية، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسعى لإشعال حرب ضد إيران، ويريد استغلال مقتل إسماعيل هنية واستهداف حزب الله، لجر طهران للدخول في الحرب.
وأردف رضائي بأن الحكومة الإيرانية لن تمنح نتنياهو هذه الذريعة، لكنها تترقب وستتصرف في الوقت المناسب بحكمة وقوة، مشيرا -حسب وصفه- إلى أن حزب الله في لبنان ردّ على إسرائيل وسيتابع الردود في الأيام المقبلة.
لكن هذه التصريحات جاءت لتخفي وراءها حقائق مؤكدة على الأرض، وشواهد كثيرة، كلها تشير إلى عدم قدرة طهران على الرد ضد استهدافها، واستهداف وكلائها وأذرعها في المنطقة، وهو ما يوضحه اللواء مروان مصطفى، المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الأمني بمجلس وزراء الداخلية العرب لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت".
ويقول الخبير المصري إن إيران تمتلك سلاحاً قوياً يمكنه تدمير إسرائيل، ولكنها لا تستطيع أن تستخدمه لأنها بمجرد أن تفكر في استخدامه ستصل المعلومات الكاملة لإسرائيل، بواسطة جواسيسها المتغلغلين بالداخل الايراني، مضيفا أن إسرائيل ستبادر وتسارع فوراً بالهجوم الشامل، لتدمير كل المنشآت النووية والحيوية وآبار ومصافي البترول في إيران، بما يعيدها إلى ما دون نقطة الصفر، وهو ما تخشاه وتتحاشاه طهران.
وأضاف قائلا: "صحيح أيضاً أن حزب الله يمتلك قدراً كبيراً ووافراً من الصواريخ والقذائف التي يمكنها إصابة العمق الإسرائيلي بكل دقة، ولكنه للأسف أيضاً لا يستطيع استخدامها، لأنه فقد الكثير جداً من قياداته العليا والوسطى وأغلب قوة الرضوان، والتي كان من المفترض ان تكون حائط الصد الأول المانع للجيش الإسرائيلي عند اجتياحه البري للبنان".
وقال إنه و"بعدما قامت إسرائيل باختراق اجتماعات الحزب واتصالاته، واغتالت أغلب كوادره، وباعت له أجهزة اتصالاته المجهزة بمواد شديدة الانفجار من خلال شركات وهمية أنشأها الموساد خصيصاً لذلك فإنه أي -الحزب- إذا ما تمكن من ضرب إسرائيل بضربة غير متوقعة، فسيتحمل وحده نتائج تدمير بيروت وينتهي به الأمر إلى ما لا يحمد عقباه وهو ما يخشاه ويتحاشاه الحزب أيضا".
وتزامنا مع ذلك، كما يقول الخبير المصري: "هناك حالة شديدة من الصمت الدولي والأوروبي أمام نتنياهو وغطرسته وتطرف حكومته"، مؤكدا أن "ما ساعد نتنياهو كذلك وأوصله إلى حالة الغطرسة هذه، هو أن الظروف الدولية كلها مواتية له، فروسيا غارقة حتى أذنيها في مستنقع أوكرانيا، وتدير وجهها وظهرها أمام الاعتداءات اليومية الإسرائيلية على أراضي لبنان وسوريا، والصين أيضاً بعيدة، ولا ترغب في التدخل بأي شكل حتى لا ينعكس تدخلها سلبياً على مشكلتها وأزمتها الخطيرة مع تايوان".
الخبير المصري أشار إلى أن "نتنياهو وحكومته انتهزا فرصة تهيئة الظروف الدولية وانشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات واعتبروا أن هذا الوقت هو الأنسب لتحقيق أطماعهم التوسعية لإنشاء إسرائيل الكبرى"، موضحا أنه لذلك السبب "سارع الجيش الإسرائيلي بالتنفيذ، وبدأ في اجتياح الضفة الغربية لإجبار سكانها على التهجير، كما قام بتدمير البنية الأساسية والعسكرية لحزب الله وتدمير مساحات كبيرة من قرى ومدن الجنوب اللبناني لإجبار ما تبقى من حزب الله للانسحاب والتراجع وراء نهر الليطاني، تمهيداً لاحتلال الجنوب اللبناني مثلما حدث مع الجولان السوري".