تتزايد المخاوف مع إعلان إدارة بايدن إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط، من أن الصراع الآخذ في التفاقم بين إسرائيل و"حزب الله" ينطوي على خطر التصعيد إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا.
والولايات المتحدة تحتفظ من قبل بقوة من 40 ألف جندي متمركزة في المنطقة، هدفها الأساسي هو الدفاع عن حلفاء واشنطن من التهديد الذي تشكله إيران وشبكة وكلائها في المنطقة. وتستخدم القوات الأميركية على نحو خاص للدفاع عن إسرائيل عندما تهدد إيران أو أحد وكلائها الدولة اليهودية بهجمات مباشرة.
ونتيجة لهذا الموقف شنت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة مع كل من المملكة المتحدة وفرنسا، عملية عسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أن بدأوا في شن هجماتهم في البحر الأحمر على السفن التجارية التي قالوا أنها مرتبطة بإسرائيل. فردت قوات التحالف بمهاجمة مواقعهم في اليمن وتكثيف دوريات الحماية البحرية في البحر الأحمر.
كما أن الجيش الأميركي أدى دورا قياديا في الدفاع عن إسرائيل، بعد أن شنت إيران أول هجوم مباشر عليها في أبريل/نيسان ردا على غارة جوية إسرائيلية على السفارة الإيرانية في دمشق. فقد اعترضت الدفاعات الجوية الأميركية التي نشرت في المنطقة، ودمرت قرابة 300 صاروخ ومسيّرة أطلقتها إيران على إسرائيل.
ولهذا فإن إعلان البنتاغون عن إرسال مفرزة "صغيرة" من القوات إلى الشرق الأوسط، ردا على العنف المتصاعد بين إسرائيل و"حزب الله"، سيثير حتما المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تصبح في نهاية المطاف أكثر تورطا في دوامة هذا الصراع المتصاعد.
من المؤكد أن إمكانية استخدام القوات الأميركية للدفاع عن إسرائيل في حالة تصعيد الأعمال العدائية، أمر لم يستبعده اللواء بات رايدر، السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية، وهو يخبر الصحافيين هذا الأسبوع عن تعزيز القوات. وقال: "نظرا للتوترات والتصعيد، فإن اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا أمر محتمل. لا أظن أننا وصلنا إلى هذا الحد، لكن الوضع خطير". ورفض رايدر أن يفصح عن عدد القوات التي سترسل ولا عن الدور الذي ستؤديه.
وبالإضافة إلى القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة من قبل، وقوامها 40 ألف جندي، نشرت الولايات المتحدة أكثر من اثنتي عشرة سفينة حربية مع آلاف من مشاة البحرية على متن السفن في البحر الأبيض المتوسط.
وسوف تتعزز هذه القوة الجبارة قريبا بحاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان، التي غادرت ميناء فيرجينيا تصحبها مدمرتان وطراد. وهذا يعني أن الولايات المتحدة سيكون لها مرة أخرى حاملتا طائرات منتشرتان في الشرق الأوسط، حيث تقوم حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" حاليا بعمليات في خليج عمان.
ويعكس الحشد العسكري الأميركي المتزايد في الشرق الأوسط مخاوف إدارة بايدن المتزايدة من أن الأعمال العدائية المتفاقمة بين إسرائيل و"حزب الله" قد تدفع إيران أخيرا إلى مزيد من الانخراط في الصراع.
الرئيس الإيراني
وفي الأثناء، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" خلال زيارته إلى نيويورك هذا الأسبوع لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "حزب الله لا يستطيع أن يصمد بمفرده" في وجه إسرائيل.
وقال الرئيس: "لا يمكن لحزب الله أن يصمد بمفرده في مواجهة دولة تدافع عنها وتدعمها وتسلحها دول غربية وأوروبية والولايات المتحدة". وأضاف "ينبغي أن لا نسمح بأن يغدو لبنان غزة أخرى على يد إسرائيل."
سيحرص المسؤولون الأميركيون على أن لا يكرروا أخطاء تدخلهم العسكري الكبير الأخير في لبنان في ثمانينات القرن العشرين، الذي أسفر عن مقتل مئات العسكريين والدبلوماسيين الأميركيين بعد أن دمرت سلسلة من الشاحنات المفخخة السفارة الأميركية ومجمع مشاة البحرية الأميركية في بيروت.
وقد اتصل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، في مكالمتين هاتفيتين حتى الآن، سعيا منه لتهدئة التوترات، وقد واصل الضغط على الإسرائيليين في المكالمتين لتنفيذ وقف لإطلاق النار في غزة.
ومع أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على لبنان اقتصر أساسا على الغارات الجوية، فإن المخاوف لا تزال قائمة من أن الإسرائيليين قد يفكرون في شن هجوم بري في جنوب لبنان، بغية إنشاء منطقة عازلة تمكن الإسرائيليين الذين يقدر عددهم بنحو 60 ألفا فروا من ديارهم بالعودة إليها في شمال إسرائيل.
وفي ظل عدم استعداد أي من الطرفين على ما يبدو للحد من الأعمال العدائية، فإن كل المؤشرات تدل على أن القتال بين إسرائيل و"حزب الله" سيشهد مزيدا من التصعيد، مع كل التداعيات التي سوف يخلفها ذلك على أمن المنطقة بمجملها.