اليوغا في السعودية: من رياضة ناشئة إلى نشاط صحي واسع الانتشار

خلال السنوات الأخيرة، شهدت السعودية انتشارًا لافتًا لمراكز اليوغا، حيث أصبحت هذه الرياضة التأملية واحدة من الأنشطة الأكثر شعبية بين النساء السعوديات، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها المراكز، إلا أن هناك فرصًا كبيرة للنمو والتوسع في سوق اليوغا، وفقًا لعبد الله العبيّد، أخصائي العلاج الطبيعي المتخصص في هذا المجال.

اليوغا، التي نشأت في الهند منذ القدم، تجمع بين الحركات الجسدية، وتمارين التنفس، والتأمل. ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن الهدف الرئيسي منها هو تصفية الذهن، إلا أن اليوغا تهدف أيضًا إلى تقوية الجسم وزيادة المرونة، ما يحسن الصحة العامة ويخفف من التوتر.

الفوائد العلاجية لليوغا

توضح رنيم البلوي، مدربة يوغا تأملية وهوائية لـ "العربية.نت"، أن اليوغا ليست فقط للتأمل، بل تساعد أيضًا في علاج الإصابات الجسدية وتفاديها. كما تشير إلى أن هذه الرياضة مفيدة لجميع الأعمار، مضيفة أن الحالات التي تستدعي ممارسة اليوغا العلاجية تشمل عرق النسا، الانزلاق الغضروفي، اعوجاج العمود الفقري، مشاكل الرقبة، والانفصال العضلي.

تزايد عدد مراكز اليوغا

بحسب العبيّد، شهدت مدينة الرياض تزايدًا في عدد مراكز اليوغا، حيث يتراوح عددها حاليًا بين 9 و17 مركزًا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات عندما كانت هناك مراكز معدودة. وتؤكد البلوي، خلال حديثها لـ"العربية نت"، أن هذا الانتشار الملحوظ للرياضة جاء نتيجة لزيادة الوعي بفوائدها البدنية والنفسية.

التحديات التي تواجه مراكز اليوغا

ورغم هذا الانتشار، يرى العبيّد أن محدودية الوعي بفوائد اليوغا بين بعض شرائح المجتمع ما زالت تشكل تحديًا كبيرًا، مما يؤدي إلى ضعف الإقبال على بعض المراكز. بالإضافة إلى ذلك، تعاني بعض المراكز من نقص في المدربين المؤهلين، وارتفاع تكلفة الجلسات، خاصة في المراكز الفاخرة. كما أن هناك حاجة إلى تحسين البنية التحتية لبعض المراكز لتوفير بيئة أكثر راحة وأمانًا، خاصة مع الاهتمام المتزايد بالرياضة النسائية. وأشار العبيّد أيضًا إلى أن المنافسة مع رياضات أخرى تمثل تحديًا إضافيًا.

فرص نمو سوق اليوغا

ورغم التحديات، يعتقد العبيّد أن سوق اليوغا في السعودية يمتلك فرصًا واعدة للنمو. فمع تزايد الاهتمام بالصحة والعافية، وازدياد الطلب على الأنشطة التي تدعم التوازن الجسدي والنفسي، ويتوقع العبيّد أن يشهد السوق توسعًا كبيرًا في السنوات القادمة. ويضيف أن تقديم برامج متخصصة مثل اليوغا العلاجية أو اليوغا للصحة العقلية قد يجذب شرائح جديدة من المجتمع.

تفاوت في أسعار الجلسات

وتشير البلوي إلى أن تكلفة جلسات اليوغا تختلف بناءً على نوع الجلسة، سواء كانت جماعية أو فردية. ففي الرياض، تتراوح أسعار الجلسات الجماعية بين 150 و175 ريالًا سعوديًا، بينما تصل أسعار الجلسات الفردية إلى ما بين 250 و325 ريالًا. وتعتبر جلسات اليوغا الهوائية هي الأعلى تكلفة، حيث تتراوح أسعارها بين 180 و200 ريال للجلسة الجماعية. ويضيف العبيّد أن الأسعار قد تبدو مرتفعة بالنسبة للبعض، خاصة في المراكز التي تقدم خدمات فاخرة.

النمو المستقبلي للمجال

يتوقع العبيّد أن تشهد مراكز اليوغا المتخصصة تطورًا وانتشارًا في السعودية خلال السنوات القادمة، مشيرًا إلى أن زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الصحة البدنية والعقلية ستساهم في تعزيز الطلب على هذه الرياضة. ويرى أن مع تزايد الاهتمام بالرياضات التي تدعم الصحة النفسية، من المرجح أن يشهد السوق توسعًا ملحوظًا في الفترة المقبلة.

دور النساء في انتشار اليوغا

ولفت العبيّد أن النساء السعوديات، خاصة الفئة العمرية بين 25 و40 عامًا، هن الأكثر ممارسة لليوغا. ومع تزايد الوعي بفوائدها، بدأ الرجال أيضًا في الانخراط تدريجيًا في هذه الرياضة. وتضيف البلوي أن هناك مدربين سعوديين من الرجال معتمدين، رغم أن معظمهم حصل على شهاداتهم من خارج المملكة. كما تؤكد أن الإقبال المتزايد على اليوغا جاء بعد إنشاء اللجنة السعودية لليوغا.

فوائد اليوغا في الوقاية من الإصابات

من جهة أخرى، يوضح محمد اليوسف، أخصائي العلاج الطبيعي، أن اليوغا تقدم فوائد كبيرة تتجاوز التأمل، فهي تلعب دورًا مهمًا في علاج العديد من الإصابات الرياضية وتعزز من مرونة الجسم. ويضيف أن اليوغا تسهم في تقوية العضلات، بما في ذلك عضلات التنفس والحجاب الحاجز، وتساعد على الوقاية من الإصابات عن طريق تعزيز ثبات المفاصل وزيادة الحركة العضلية، مما يقلل من مخاطر التعرض للإصابات.

من جانبه، أشارت ندى الداود، أخصائية العلاج الطبيعي ومدربة يوغا، إلى أن يوغا العلاجية، تتناسب تمامًا مع خطط العلاج الطبيعي، ما يساعد المشاركين على تحقيق تحسينات ملموسة في صحتهم الجسدية والنفسية.

يذكر أن الحكومة السعودية أنشأت لجنة متخصصة لأنشطة اليوغا تحت مظلة اللجنة الأولمبية العربية السعودية التابعة لوزارة الرياضة، تأسست في عام 2021م، وجاء تأسيس اللجنة نظراً لشعبية رياضة اليوغا وانتشارها الواسع في المملكة السعودية، ووجود قاعدة جماهيرية لها.