على الرغم من ان المشهد الدولي يستقطب انظار العالم في ما خص تطورات الحرب الروسية –الاوكرانية وتداعياتها على الدول بأجمعها بما فيها لبنان الغارق اصلا في ازماته المتعددة والمتشعبة، فهي شكلت حالة من القلق والخوف لدى العديد من الاطراف حول ما اذا كانت انعكاساتها ستؤدي بشكل سلبي على الاهتمام الدولي والعربي بلبنان والتخلي عن مساعدته في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها، الا ان بيروت التي استقبلت بداية الاسبوع وفد الخزانة الاميركية ووفد صندوق النقد الدولي تستعد ايضا خلال الايام المقبلة لاستقبال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان والامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، مما يؤكد ان الملف البناني لا يزال مدرجاً على جدول بعض الدول المهتمة بأوضاعه، وهذا الامر بدا جليا من خلال البحث الذي دار بين الوزير لودريان ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان واللذين توافقا على تمويل مشاريع انسانية لمساعدة الشعب اللبناني.
مصادر ديبلوماسية رفيعة متابعة لكافة التطورات كشفت عبر «اللواء» بأن هدف زيارة وفد صندوق النقد الدولي هو الاطلاع بشكل مباشر على التحضيرات التي قامت بها الحكومة والمراحل التي قطعتها في شأن خطة التعافي التي يطالب الصندوق بإنجازها بأسرع وقت ممكن، تحضيرا لابرام اتفاق تعاون بينه وبين لبنان من اجل حصوله على مساعدات ضرورية يحتاجها لتخطي ازمته الاقتصادية والمالية.
المصادر تعتبر ايضا ان لبنان لا يزال يعتبر اولوية لدى بعض الدول لا سيما فرنسا رغم انشغالها الحالي بالحرب الروسية –الاوكرانية، وفي هذا الاطار فإن المصادر تؤكد انه حتى الساعة لم يتبلغ لبنان رسميا من دوائر وزارة الخارجية الفرنسية الغاء او تأكيد الزيارة التي كان من المقرر ان يقوم بها وزير الخارجية جان ايف لودريان الى بيروت خلال الايام المقبلة كما كان وعد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي خلال الاجتماع الذي عقده معه في المانيا على هامش مشاركته في «مؤتمر ميونخ للامن»، حيث ابلغه نيته بزيارة العاصمة اللبنانية من اجل البحث مع المسؤولين بكافة التطورات الراهنة بعد ان تأجلت في السابق مرتين، ولكنها تستبعد ان تحصل هذه الزيارة في وقت قريب بسبب الانشغال الفرنسي بتطورات الحرب الروسية-الاوكرانية متوقعة ان يكون موعدها ربما نهاية الشهر الجاري قبل الانشغال الفرنسي بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي الشهر المقبل، وبحسب المعلومات فإن زيارة المسؤول الفرنسي في حال حصلت لن تحمل اي افكار جديدة او طروحات بل ستتخصص لمتابعة الاوضاع في لبنان وستتركز على ثلاث نقاط اساسية:
اولا، الاطلاع على ما تقوم به الحكومة في موضوع الاصلاحات الذي يطالب المجتمع الدولي بتنفيذها بعد ان اقرت الحكومة اللبنانية مشروع الموازنة واحالته الى مجلس النواب.
ثانيا، موضوع خطة التعافي التي وعدت الحكومة بإنجازها لارتباط الملف بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
اما الموضوع الثالث حسب المصادر هو الاطلاع على التحضيرات الجارية لاجراء الانتخابات النيابية المقبلة.
وتشير المصادر الى ان زيارة المسؤول الفرنسي ستكون بمثابة تأكيد على متابعة باريس اهتمامها بالوضع اللبناني وتقديم المساعدة له ودعمه خصوصا اذا رافق لودريان السفير بيار دوكان المكلف متابعة الملف اللبناني عن كثب بما في ذلك موضوع الاصلاحات والتي على اساسها سيستأنف المجتمع الدولي تقديم الدعم والمساعدات للبنان.
اما بالنسبة الى الزيارة السريعة التي قام بها الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابوالغيط السبت الماضي الى بيروت فيؤكد المصدر الديبلوماسي ان الزيارة كانت مخصصة لمشاركة ابو الغيط في حفل تكريم الفائزين بـ«الجائزة العربية لافضل اطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في الوطن العربي» لذلك فإنه لم يجرِ التطرق خلالها لتفاصيل الاوضاع اللبنانية بما في ذلك المبادرة العربية التي كان نقلها وزير الخارجية الكويتي الى بيروت موفدا من دول مجلس التعاون الخليجي في اواخر شهر كانون الثاني الماضي.
ولكن المصادر كشفت الى ان الامين العام لجامعة الدول العربية سيعود الى لبنان مجددا في منتصف الشهر الجاري، وعن هذه الزيارة سألت «اللواء «الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي فقال:«زيارة الامين العام للجامعة الى لبنان هي تلبية لدعوة الامين العام «للاسكوا» لحضور اجتماع عن التنمية في العالم العربي، وخلال هذه الزيارة سيكون لأبو الغيط لقاءات مع الرؤساء الثلاثة، وسيتركز الحديث على الشأن اللبناني من كل جوانبه والتي تهتم الجامعة بمواكبتها، خصوصا انها تدعم المبادرة العربية التي لا تزال سارية المفعول كما انها تتفهم منطلقاتها، وتأمل بتجاوز الخلاف وحشد الصف العربي لدعم لبنان واعادة علاقاته الطبيعية مع دول الخليج الى سابق عهدها».
وأشار زكي الى ان جامعة الدول العربية تعمل على التحضير للقمة العربية التي من المتوقع ان تعقد في دولة الجزائر في النصف الثاني من العام المقبل وعلى جدول اعمالها سيكون الكثير من القضايا الاساسية ومنها بطبيعة الحال علاقة لبنان مع الدول العربية.
وفي المحصلة، يبقى الامل بأن يستفيد لبنان من مساعدة واهتمام المجتمعين الدولي والعربي من اجل خروجه من ازماته وقبل فوات الاوان خصوصا في ظل الحرب الروسية-الاوكرانية والتي لا احد يعلم كيف ستنتهي.
صحيفة اللواء