كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: مع دخول البلاد في أجواء الانتخابات النيابية، وقبل أيامٍ قليلة من إقفال موعد تقديم طلبات الترشيح في الخامس عشر من الجاري، بدأت تلوح في الأفق معالم أزمة اقتصادية معيشية خطيرة تشي بالأسوأ، وتذكّر بالأيام الصعبة التي عاشها اللبنانيّون في السنتين الماضيتين، ومشهد الطوابير أمام محطات الوقود والمصارف ومراكز التمويل الغذائي، وذلك كنتيجة، في الظاهر، للارتدادات السلبية للحرب الأوكرانية، والارتفاع الجنوني في أسعار النفط والقمح والزيوت وغيرها من السلع الضرورية التي تأثّر بها لبنان بشكل مباشر. إلّا أنّ حقيقة الأمر تؤكّد أنّ وقع الأزمة ليس على قدر ما يحصل في اليومين الماضيين، والذي تحمّل مسؤوليته جشع بعض التجار والاحتكار الذي يظهر عند كل أزمة تطلُّ برأسها، والذي ينذر بأزمة أصعب إذا لم تتحرك الدولة على خطّين بشكلٍ متوازٍ: الأول إيجاد البديل عن الأسواق الأوكرانية لتأمين الاحتياجات الأساسية، والثاني الضرب بيد من حديد لوضع حدٍ للتجار والشركات المخالفين الذين يستغلّون الأزمة لاستثمارها وجني الأرباح.
توازياً، كشف عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش عبر "الأنباء" الإلكترونية عن اجتماع خُصّص للأمن الغذائي بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء المعنيين والمسؤولين عن تأمين احتياجات اللبنانيّين الضرورية، وتمّ فيه اتخاذ كل الإجراءات لتأمين مصادر أخرى للاستيراد خلال فترة قصيرة لتدارك الأزمة، متوقّعاً البدء بتنفيذ البطاقة التمويلية في وقت قريب بعد أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية قد أنهت عملية التدقيق بأسماء الجهات المستفيدة، ومَن هم الجديرون بالحصول على هذه المساعدة.
في المقابل، رأى الخبير المالي والاقتصادي، أنطوان فرح، أنّ الحرب الروسية - الأوكرانية ستكون لها تداعيات سلبية جداً على المستوى الاقتصادي والمالي في كل دول العالم، لكن المؤكّد أنّ الدول الضعيفة والفقيرة ستكون الأكثر تضرراً، ومن ضمنها لبنان.
وقال فرح في حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية: "أقولها بكل راحة ضمير، سيكون لبنان بأسفل السلّم وأكثر الدول تأثراً، لأن ليس عندنا دولة ولا مسؤولين يفكّرون بكيفية مواجهة الأزمة"، مضيفاً "لقد سمعنا قبل اندلاع الحرب أنّ وزارة الاقتصاد لديها خطة لمواجهة الأزمة، فتبيّن لاحقاً أنّها لا تملك شيئاً. فالدولة ليس لديها إمكانات مالية، والإمكانات المتواضعة الموجودة في مصرف لبنان، وهي من أموال المودعين، أصبحت شحيحة هي الأخرى، فكانت الخسائر كبيرة بسبب دعم الليرة".
وتوقّع فرح، "ارتفاع أسعار القمح والزيت والنفط بشكلٍ كبير، ما قد يؤثّر على كل سلسلة الإنتاج في العالم، ومن ضمنها لبنان، وبالتالي ستكون الدولة عاجزة عن فعل شيء ما يصعّب على مصرف لبنان دفع الفروقات والضرورات. والمواطن في كل ذلك لم يعد عنده قدرة معيشية لتحمّل المزيد، فالوضع يزداد سوءاً"، مستطرداً، "تصوّروا إذا ما أصبح سعر صفيحة البنزين ٥٠٠ أو ٦٠٠ ألف ليرة، فهل سيبقى سعر الدولار على حاله بـ٢٠ ألف ليرة؟ حتماً سيرتفع أكثر، وإذا توقّف مصرف لبنان عن دعم الليرة بالكامل حتماً ستكون الكارثة أكبر. فلبنان، ومع تداعيات هذه الحرب سيكون وضعه صعباً جداً، إلّا إذا حصلت أعجوبة وأصبح عندنا مسؤولين يعرفون كيف يتصدّون لمثل هكذا أزمة".
وفي ما يتعلق بأزمة المحروقات المستجدة، عزا ممثل نقابة مستوردي المحروقات، فادي أبو شقرا، السبب إلى تأخير إفراغ البواخر، وعدم صدور جدول الأسعار، واعداً بحل الأزمة خلال ٤٨ ساعة، كاشفاً عبر "الأنباء" الإلكترونية عن دخول رئيس الحكومة على خط معالجة هذا الأمر بما يشير إلى عدم عودة الطوابير.
أبو شقرا أثنى على تدخّل ميقاتي واهتمامه لمنع حصول أزمة محروقات. ورداً على سؤال عما ستكون عليه الأسعار في الايام المقبلة، أشار إلى أنّ هذا الأمر من اختصاص وزير الطاقة، وجدول الأسعار الذي تصدره لجنة المؤشّر.
فهل أنّ لبنان مقبلٌ فعلاً على أزمة محروقات، وعودة طوابير الذل؟ وما حقيقة مطالبة الشركات برفع الأسعار حتى تقوم بتسليم المحروقات؟ أسئلة على المعنيين الإجابة عليها بأسرع وقت.
الأنباء الإلكترونية