صحة

دراسة.. ما سبق تعلمه لا يمكن نسيانه ويمكن تنشيطه مجددًا

دراسة.. ما سبق تعلمه لا يمكن نسيانه ويمكن تنشيطه مجددًا

الصورة مرخصة على أنسبلاش بواسطة jesse orrico

النسيان يمكن أن يكون نعمة ونقمة، إذ يكون مشكلة كبيرة لبعض من تعرضوا لحدث صادم لا يمكنهم نسيانه، بينما يبدو نعمة للبعض الآخر الذين ينسون بسهولة وبسرعة كبيرة، بحسب ما نشره موقع "Neuroscience News".

أدت معضلات النسيان وكيفية حدوثه إلى طرح علماء الأعصاب لتساؤلات عن كيفية عمل النسيان بالفعل في الدماغ وما إذا كان يمكن تسريعه أو إبطاؤه. لا تزال هناك طرق لفهم العملية جيدًا بما يكفي لتقديم إجابات، لكن يبدو أن مجموعة من الباحثين في جامعة هارفارد اقتربوا بمقدار خطوة صغيرة من فهم تأثير النسيان على مخ الإنسان.

نتائج تناقض نظريات سابقة

في دراسة جديدة، توصل باحثو جامعة هارفارد، الذين يستخدمون ديدان "C. elegans" وهي عبارة عن كائن حي نموذجي لأبحاث الدماغ، إلى أن النسيان لا يمحو أو يعكس التغييرات في الدماغ الناتجة عن التعلم، كما سبق أن رجحت بعض النظريات العلمية السابقة. وإنما يُولد النسيان حالة دماغية جديدة تختلف عن تلك التي كانت موجودة قبل حدوث التعلم أو تلك الموجودة أثناء تذكر السلوك المكتسب. بعبارة أخرى، ما يتم نسيانه لا يختفي تمامًا ويمكن إعادة تنشيطه بنوع من البداية السريعة.

قالت يون تشانغ، أستاذ علم الأحياء العضوية والتطورية وعضو مركز هارفارد لعلوم الدماغ: "بعد النسيان، يمكن في الغالب أن يتم التذكير بما سبق تعلمه من قبل، ولا يكون الدماغ في حالة السذاجة".

ولتبسيط الفكرة شرحت تشانغ قائلة: "إذا كان لدينا حفلة وبعد ذلك بعدة أشهر، نسينا كل ما يتعلق بها، قائلين: أوه، متى أقيمت تلك الحفلة؟ من ذهب إلى الحفلة؟ وبعدئذ ربما يقول صديق: تذكر هذا وذاك. لقد غنينا لك أغنية كذا وفجأة، يتذكر الشخص الكثير من التفاصيل، أليس كذلك؟".

تسريع أو إبطاء النسيان

يلقي البحث، الذي نُشر في دورية "Science Advances"، الضوء على كيفية حدوث النسيان في الدماغ على مستوى الأنظمة وعلى الجزيئات التي اكتشف الباحثون أنها قادرة على تسريعها أو إبطائها.

يمكن استخدام أساس العمل يومًا ما لفهم مشكلات الصحة النفسية، حيث يحدث النسيان بشكل خاطئ، إما يحدث ببطء شديد أو عندما يحدث بسرعة كبيرة. يمكن أن تؤدي النتائج الجديدة، على سبيل المثال، إلى مفاتيح لمعالجة الاضطرابات مثل حالات المعاناة اللاحقة للصدمات، حيث تستمر الذكريات المكروهة بقوة.

قالت تشانغ إن "الآليات التي توفرها هذه الدراسة ستمنح نقاط دخول للتفكير فيما يمكن أن يكون قد حدث مع تلك الأمراض العصبية. إنها تساعد على وضع فرضيات حول الجزيئات المعنية والعمليات المنخرطة، بالإضافة إلى نشاط الخلايا العصبية التي تعتبر مهمة للنسيان، واقتراح طرق لفهم أمراض الأمراض العصبية ذات الصلة".

الذكريات لا تمحى

إن النسيان هو جزء من وظائف المخ الطبيعية بسبب قدرة الدماغ المحدودة. لقد تم إجراء الكثير من الأبحاث حول كيف تتشكل الذكريات، ولكن القليل منها تناول طبيعة النسيان أو كيفية حدوثه في الدماغ.

تشير بعض الدراسات إلى أنه عند نسيان ذكرى ما، فإنها تمحى ببساطة، ويضيع التعلم. أما الاحتمال الآخر فهو أن الوصول إلى الذاكرة والتعلم يصبح أكثر صعوبة أثناء عملية النسيان ولكنهما يظلان في شكل ما، وهو الاحتمال والفرضية، التي يميل فريق تشانغ وزميليها تيهونغ وو وهي ليو، باحثين ما بعد الدكتوراه، لتبنيها.

استرجاع ما تم تعلمه

قام الباحثون بتعليم الديدان التعرف على الرائحة وتجنب سلالة البكتيريا المعدية التي تجعلها مريضة. لكن بعد ساعة نسيت الديدان. ثم قام الباحثون بتحليل نشاط الدماغ لهذه الديدان والجينات المعبر عنها في أنظمتها العصبية.

بمقارنتها بالديدان التي لم تتعلم السلوك مطلقًا أو أنهت لتوها التدريب، وجد الباحثون أن النشاط العصبي والتعبير الجيني للديدان، التي نسيت السلوك لم يعودوا إلى الحالة الساذجة من قبل ولم يتطابقوا مع النشاط العصبي للديدان التي تم تدريبها للتو، بل كان اختلاف بين كل مجموعة.

إعادة التنشيط

قام الباحثون بدراسة ما إذا كان من الممكن تذكير الديدان، التي نسيت التدريب، وبالفعل أمكن تذكير الديدان في نحو ثلاث دقائق فقط، في أن تدريب الديدان كان يستغرق عادة نحو ثلاث إلى أربع ساعات.

إلى ذلك، قالت تشانغ: "لا تزال هناك آثار للذاكرة في دماغ [الديدان] يمكن إيقاظها، ويمكن إعادة تنشيطها".

نقطة انطلاق

تخطط تشانغ، وزميليها وو وليو، لاستخدام نتائج الدراسة كنقطة انطلاق لمواصلة النظر في آليات النسيان، وكيف يمكن تطبيقها في النهاية على قضايا الصحة النفسية.

قالت تشانغ: إنها "مجرد بداية لفهم النسيان، وهي عملية دماغية ضرورية للأنشطة اليومية".

العربية

يقرأون الآن