لبنان في مؤتمر بروكسل: جندي بلا سلاح

يمكن القول ان لبنان ذاهب بوفده الوزاري الى مؤتمر بروكسل كالجندي الذاهب الى المعركة بلا سلاح، والسبب عدم تمكّن الحكومات اللبنانية المتعاقبة وصولا الى الحكومة الحالية من الاتفاق على خطة واضحة وموحدة وبتواريخ محددة تنطلق من قدرة لبنان التي تلاشت على تحمل النازحين السوريين لمزيد من الوقت.



الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون امس بحضور وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار وممثلي رئاسة الحكومة وآخرين، خصص للبحث في الموقف اللبناني الذي سيبلغ خلال مؤتمر بروكسل الذي يعقد بمشاركة ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمات المجتمع المدني، وخلص الى «تفسير الماء بالماء».

فما الذي سيحمله الوفد اللبناني الى بروكسل؟ يقول مصدر وزاري لـ"نداء الوطن" ان «ما سيحمله الوفد يتمثل في ذات «الردّية» السابقة والمزيد من البكاء على الاطلال، ويتلخص بالتالي:


اولاً: لبنان بات ملجأ للسوريين والفلسطينيين وذوي الجنسيات الاخرى، وكثافة السكان باتت 600 شخص في الكيلومتر المربع الواحد وهذا لا مثيل له في كل دول العالم. لقد سعى لبنان على مختلف المستويات مع المنظمات الدولية والامم المتحدة والوفود الدولية التي تزوره لتسهيل عودة السوريين الى بلادهم، لكن مع الاسف دعواتنا لم تلق تجاوباً، لا مال لدينا ولبنان مكسور اقتصادياً وغير قادر على التحمل.

ثانياً: على الدول الغربية والامم المتحدة ان تدرك بأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل اكثر مما تحمل. وعليكم ان تدركوا خطورة الوضع ودقة ما نقول. ونجدد الطلب من الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها وكل المنظمات والجمعيات والمؤسسات التي تساعد النازحين السوريين بأن يتم تقديم المساعدات للنازحين السوريين في بلادهم ونحن نتكفل بتسريع العودة، لان هذا الاجراء سيدفعهم للمسارعة الى العودة فوراً، والمؤسف ان يبقوا هنا ويتقاضوا هذه المساعدات الى درجة بتنا نشك بوجود نيات سيئة تجاه لبنان. فسوريا اصبحت آمنة بقسم كبير من اراضيها، والدول الاخرى التي تستضيف نازحين تنال مساعدات بمليارات الدولارات، ولبنان حسب تقرير صندوق النقد الدولي دفع حتى الآن 47 مليار دولار لرعاية النازحين غير المساعدات التي يأخذونها من المنظمات الدولية. كيف يمكن ان نقبل باستمرار هذا الوضع ولبنان يعيش ازمة اقتصادية واهله يجوعون ولا من يهتم؟ عليكم التحرك سريعاً لان لبنان لم يعد قادراً على احتمال ضغوط الدول الغربية عليه لابقاء النازحين على ارضه.

ثالثاً: نحن امام وضع خطير لا يجوز ان يستمر، ومن غير الجائز ان تستمر هذه الفوضى مع وجود اعداد كبيرة من النازحين السوريين القادرين على العودة الى بلادهم. لقد تفاهمنا مع القيادة السورية في الماضي على اعادة النازحين الراغبين طوعاً وعاد 500 الف نازح، ولكن تبين لنا ان بعض هؤلاء كانوا يعودون الى لبنان لاخذ المساعدات الدولية ثم يعودون الى بلادهم ثانية ويتكرر الامر شهرياً، وبعض هؤلاء يتاجر بالحصص التي تعطى للنازحين. عندما اثرنا هذا الامر قلنا ان كل جريح ومصاب ابواب لبنان مفتوحة له للعلاج اما الباقون فلا مبرر لبقائهم في لبنان.


الا ان لبنان الذاهب الى مخاطبة العالم في بروكسل، غير قادر على مخاطبة سوريا لاعادة جزء من شعبها الى ارضه، وكلام الوزير بو حبيب بعد الاجتماع في بعبدا مؤشر الى عقم المعالجات اذ قال «ليس من تفاهم مع السوريين، لكن من واجباتهم اخذ أناس من بلدهم، وهناك الكثير من السوريين الذين يذهبون الى سوريا ويأخذون معهم الأموال لان في سوريا لا يمكن استعمال الدولار او الليرة اللبنانية بل يجب صرفها، والقسم الكبير من العملة الصعبة يذهب من لبنان الى هناك. هذا قانوني ولا نقول انه غير شرعي. نعلم ان المجتمع الدولي، ومن هو المجتمع الدولي هو ليس افريقيا بل أوروبا والولايات المتحدة، نعلم ان هؤلاء لا يريدون ان يهاجر اللاجئون الى بلدانهم. ونحن لم نعد قادرين على منعهم من الهجرة في البحر، ليس لدينا هذه الامكانية فماذا حصل منذ أسبوع؟ ليس باستطاعتنا تحمل مسؤولية من هذا النوع مرة أخرى. هل سيساعدوننا في التعويض على الناس؟ لقد طلبنا من المجتمع الدولي الأسبوع الماضي اعطاءنا آليات باستطاعتها النزول في البحر الى عمق اربعمئة متر، وحتى الساعة لم يردنا الجواب. فهل المجتمع الدولي يهتم لمصلحة لبنان؟ كلا، ان مصلحة لبنان تهم اللبنانيين وليس المجتمع الدولي الذي يهتم لمصلحته وكذلك الامر بالنسبة للاوروبيين الذين يهتمون لمصلحتهم باعتبارها اهم من مصلحة لبنان».


اما التبرير الذي اعطي لعدم سلوك لبنان ذات الطريق التي سلكتها تركيا باعادة مليون نازح سوري فكان اقبح من ذنب بقول بو حبيب «ان لبنان لا يمكن ان يفعل ما تفعله تركيا لا سيما وان الأخيرة تحتل أراضي سورية بإمكانها بناء منازل عليها، ان لبنان لا يستطيع ان يقوم بذلك. سوريا لا تقبل، كما ان لبنان لا يحتل أراضي سورية، وليس لديه هذا النوع من العلاقات العدائية الى حد ما مع سوريا». ففي كلامه تبرير لاحتلال تركيا اراض سورية وتبرير لبقاء النازحين في لبنان بما يناقض ما سيطالب به لبنان في بروكسل.

يقرأون الآن