باكراً بدأ اليوم الانتخابي الطويل في دائرة بعلبك الهرمل بعد أشهر من التحضيرات التي سبقت الاستحقاق، معطوفةً على شحن مذهبي وتعبئة عامة لرص الصفوف ودفع الناس باتجاه صناديق الاقتراع، وما بينها عمليات ترغيب وترهيب.
على عكس الدوائر الانتخابية الـ15 في لبنان، امتازت دائرة البقاع الثالثة بنكهةٍ خاصة لما تحمله من خصوصية جغرافية وطائفية تتداخل في ما بينها، فالمعركة هنا لها رمزيتها المسيحية والسنية التي صُهرت على مدى دوراتٍ متتالية حتى عام 2018 بفعل المحادل الانتخابية والقوانين الأكثرية التي احتكرت من خلالها بعض القوى تمثيل الطائفتين، وهي تحاول اليوم استعادة هذا التمثيل بفعل غياب تيار "المستقبل" عن الساحة السنية ومنها البقاعية، واتخاذ الرئيس الحريري قراره بالانكفاء وتركه الطائفة يتلاعب بها أخصامه السياسيون، وبعدما فعل التحالف الانتخابي مع "القوات اللبنانية" عام 2018 في دائرة بعلبك الهرمل فعله وحجزت "القوات" المقعد الماروني لها في الدائرة كذلك فعل "المستقبل" وحجز مقعداً سنياً من أصل اثنين.
أكثر من 341 ألف ناخب في بعلبك الهرمل يتوزعون على 590 قلم اقتراع لانتخاب عشرة نواب (6 شيعة، 2 سنة، 1 ماروني، 1 كاثوليكي)، بدأوا بالتوافد تباعاً منذ الساعة السابعة صباحاً للبدء بعملية الاقتراع، سبق ذلك توزيع صناديق الاقتراع في مركز اتحاد بلديات بعلبك على رؤساء الأقلام ومساعديهم يوم السبت باشراف محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، وبعدما استكمل الجيش اللبناني انتشاره على مختلف الأراضي اللبنانية وسيّر دوريات مؤللة على الطرقات الرئيسية وأمام مراكز الاقتراع، بالتزامن مع استلام عناصر قوى الأمن الداخلي الصناديق وحفظها في المراكز المخصصة.
ومع بدء ساعات الصباح الأولى التي كانت فيها حركة المقترعين ضعيفة جداً، بدأت المخالفات في عدد من مراكز الاقتراع، حيث انقطعت الكهرباء لعدة دقائق عن بعضها، وغاب مندوبو اللوائح المتنافسة في عدد منها في قضاءي بعلبك الهرمل واقتصر الحضور على مندوبي لائحة "الأمل والوفاء"، كذلك تم طرد مندوبي "القوات" من عدة بلدات بقاعية وصولاً الى الاعتداء الجسدي على أحدهم واصابته بجروح، ما دفع برئيس حزب "القوات" الدكتور سمير جعجع الى مناشدة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي باعادة المندوبين الى مراكزهم ومحاسبة الفاعلين، كذلك جرت محاولات لتنخيب المواطنين بواسطة اخراجات القيد.
الانجاز الذي قالت الحكومة اللبنانية أنها أنجزته كان ناقصاً والعرس الديمقراطي كان شبه غائبٍ عن بعلبك الهرمل، مخالفات وضغوطات مورست في عدد من المناطق، حيث تميزت بعض الاقلام بأحادية المندوبين وارتفاع نسبة الاقتراع في تلك الأماكن مقابل موضوعيتها في اماكن أخرى، حيث يتواجد ممثلون عن مختلف اللوائح، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال تفاوت نسبة الاقتراع بين الماكينات الانتخابية لا سيما بين ماكينتي "حزب الله" و"القوات اللبنانية". أما المشهد العام فلم يكن مختلفاً عن مشهد المناطق اللبنانية كافةً، فنسب الاقتراع كانت شبه متطابقة، حيث سجلت لدى الطائفتين المارونية والشيعية أكثر من خمسين بالمئة، في حين تدنت لدى السنة ولم تتجاوز 35%، لتسجل على الصعيد العام 53في المئة، في حين سجلت عند ساعات الظهر 28 في المئة، كذلك لوحظ عدم تجهيز بعض مراكز الاقتراع بمداخل خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي وقت تتنافس ستة لوائح في بعلبك الهرمل على عشرة مقاعد، كانت المعركة محصورة بالمقعد الماروني الذي يشغله النائب أنطوان حبشي، حيث احتدمت المعركة في فترة ما بعد الظهر، ودوّت أصوات أجراس الكنائس في مختلف مناطق دير الأحمر لدفع الناس الى الاقتراع، كذلك عمل الثنائي الشيعي على حض مناصريه للنزول الى مراكز الاقتراع قبل ساعات من اقفال الصناديق، ومع اقتراب الساعة السابعة بدأت الحملات بدعوة الناس والتوجه الى باحة المراكز ليتسنى لهم حجز دور للاقتراع.
أقفلت صناديق الاقتراع عند السابعة مساء في مختلف المناطق البقاعية وبدأت عمليات الفرز داخل الأقلام على أن تنقل الى قصر عدل بعلبك لجمع الاعداد واعلان النتائج على صعيد الدائرة بأكملها، واللافت أيضاً عدم ارتفاع الحاصل الانتخابي مقارنة مع عام 2018 حيث لم يتجاوز هذه الدورة الـ18 ألفاً.
عيسى يحيى - نداء الوطن