قبل أيام من موعد الاستشارات النيابية الملزمة المحددة بعد غد الخميس لتسمية رئيس جديد للحكومة اللبنانية، لا تزال خريطة توزيع الأصوات النيابية غير واضحة، خاصة مع الإرباك الذي تعاني منه أطراف المعارضة، وهي التي لا تزال تسعى للتوافق على اسم منافس لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يعتبر الأوفر حظاً حتى الساعة.
وعاد إلى التداول اسم السفير السابق نواف سلام الذي سبق أن طرح في مرات سابقة، وذلك مع إعلان «حزب تقدم» الذي يتمثل في البرلمان عبر النائب مارك ضو، والنائبة نجاة صليبا، بأنه يدعم سلام، مستبقاً بذلك اتفاق «نواب التغيير» الـ13 (بينهم ضو وصليبا) على اسم مرشحهم، وهو ما طرح علامة استفهام، خاصة في ظل المعلومات التي تشير إلى خلاف وانقسام فيما بينهم حول هذا القرار، رغم أن معظمهم يدعمون تسمية سلام، وهو ما أشار إليه أحد نواب التغيير رامي فنج، قائلاً في حديث تلفزيوني: «نتواصل بشكل مستمر كتكتل تغييريين، وسنحسم الموقف في الساعات المقبلة متماسكين ومتضامنين، وقد نذهب باتجاه ترشيح نواف سلام».
وأعلن حزب «تقدم» في بيان له تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة وتأليفها، «لأنه يمتلك النزاهة والشفافية، والقدرة المطلوبة للعمل والمواجهة، وليست لديه مصالح مع شبكة المحاصصة والفساد».
وكان حزب «الكتائب اللبنانية» أعلن على لسان النائب سليم الصايغ أن سلام أحد الأسماء المطروحة لديه لتسميته لرئاسة الحكومة. وهو التوجه الذي لا يبدو أنه بعيد عن حزب «القوات اللبنانية» إذا أجمع عليه النواب المعارضون والمستقلون، بحسب ما يقول مصدر نيابي في «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن «الاتصالات لا تزال مستمرة، لكن ما يهمنا هو التوافق على اسم واحد تتبناه الأكثرية المعارضة والتغييريية، وبالتالي إذا حصل اسم مرشح على دعم هذه الأكثرية فسنؤيده بالتأكيد، وسلام هو أحد الأسماء المطروحة على أن يتخذ التكتل القرار النهائي بهذا الشأن في اجتماع له غداً».
وفيما تشير المعلومات إلى أن الحزب التقدمي الاشتراكي سيدعم موقف الأحزاب المعارضة والتغييريية إذا اتفقت على مرشح واحد، بينما قد يذهب لإعادة تسمية ميقاتي إذا فشل التوافق، علّق أمس النائب في «الاشتراكي» هادي أبو الحسن في حديث تلفزيوني على هذا الطرح قائلاً: «قوى التغيير لم تعلن مرشحها بشكل موحد، ونأمل أن نلتقي معهم، ونحن أوّل من سمينا نواف سلام، لكننا لا نريد تسمية فولكلورية أو شعبوية، بل نريد أن تكون التسمية وازنة ومؤثرة نخرج منها بنتيجة».
وفيما لفت إلى أن اللقاء الديمقراطي سيعقد اجتماعات اليوم، أكد «أن لا شيء محسوماً بعد في تسمية رئيس الحكومة، والاتصالات مع الحلفاء قد تحتاج التواصل حتى ربع الساعة الأخير».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان التباين بين الرئيس نجيب ميقاتي و«التيار الوطني الحر», برئاسة النائب جبران باسيل, سيؤدي إلى قبول إعادة تسميته، قال أبو الحسن إن «المسألة مرتبطة بالالتزامات والبرنامج، من دون أن يستبعد أن تكون لعبة مفاوضات من قبل التيار». وعن المشاركة في الحكومة، أشار إلى «أن اللقاء الديمقراطي لن يشارك بشكل مباشر، إلا أن طائفة الموحدين الدروز ستتمثل انطلاقاً من الميثاقية وما يمليه الدستور».
وبانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات التي تنشط على أكثر من خط، دعا المكتب السياسي لـ«حركة أمل» في اجتماعه الدوري إلى «تأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات والأزمات التي تثقل كاهل اللبنانيين جميعاً، وإلى عدم تضييع الوقت الذي لا يملك لبنان ترفه، وإلى عدم الدخول في متاهات التسويف والمماطلة والشروط والشروط المضادة في الفترة المتبقية للاستحقاق الرئاسي، لأن البلد لم يعد يحتمل خسارة أي فرصة».
كما دعا الأطراف السياسية الفاعلة جميعاً إلى «وضع عنوان للمرحلة المقبلة، هو ماذا نريد من الحكومة العتيدة؟ وليس بحث كل طرف عن مصلحته في أي حكومة، بخاصة أن الوضع الاجتماعي المتأزم إلى أقصى الحدود، والانهيار الاقتصادي الذي يضرب كل القطاعات، يستوجب الإسراع في ورشة عمل حكومية جدية تضع خريطة طريق واضحة للإصلاحات الداخلية والمطلوبة من المجتمع الدولي، وإعادة النظر سريعاً في خطة التعافي الاقتصادي وإقرارها وفق الأصول، بما يسمح بقيامة لبنان من عثراته وحفظ حقوق الناس».
كارولين عاكوم - الشرق الأوسط