لبنان

جدلٌ واستغراب... لماذا فعلت "القوات" ما فعلته؟!

جدلٌ واستغراب... لماذا فعلت

ليس مستغربا أن يحمل قرار كتلة "الجمهورية القوية" بعدم تسمية رئيس مكلف لتأليف الحكومة العتيدة هذا الهامش الواسع من الجدل سواء من الحلفاء والخصوم وحتى من ضمن القاعدة الشعبية القواتية...

فالنقاش الذي سيبقى مفتوحا حتى بعد غروب يوم الإستشارات النيابية غير الملزمة مرده إلى خيارات "القوات" التي لم ولن تتغير من الثوابت الوطنية، ولأن القوات تمكنت من دخول المجلس بأكبر كتلة نيابية مسيحية في الإنتخابات الأخيرة، وأي موقف تتخذه سيكون بمثابة مؤشر مفصلي. من هنا كان الجدل المفتوح حول الأسباب التي دفعت حزب القوات إلى اتخاذ قرار بعدم التسمية واختيار إسم بين الشخصيتين اللتين رست عليهما بورصة الترشيحات لرئاسة الحكومة، الرئيس نجيب ميقاتي والسفير نواف سلام. وهل يعقل أن لا يكون لدى القوات خيار ثالث من داخل الطائفة السنية ؟

في كلمته بعد لقاء تكتل نواب "الجمهورية القوية" عشية موعد الإستشارات النيابية غير الملزمة أوضح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع "ان المرشحَين المطروحَين اي الرئيس نجيب ميقاتي والقاضي نواف سلام لا تتوافر فيهما المواصفات المطلوبة للوصول الى حكومة جدية". وعلى رغم شرحه للأسباب الموجبة، بقي السؤال والجدل مفتوحين على صفحات التواصل الإجتماعهي وداخل الصالونات... لماذا لم تسمّ القوات وهل يعقل الا تجد شخصية داخل الطائفة السنية التي تزخر بالطاقات لتسميتها، واين روح الشراكة الوطنية والدور المسيحي في هذا المضمار؟

"الذهاب إلى خيار عدم التسمية لا يعني الإنسحاب من المعركة. على العكس فهذا الخيار يعني المشاركة في صلب الإستحقاق والقوات معنية بهذا التكليف وقد عبرت عن رأيها من خلال عدم التسمية"، تقول مصادر القوات، وتضيف: "جميع القوى تتعاطى مع استحقاق تشكيل حكومة جديدة على أنه سيكون هناك تكليف إلا ان التأليف سيكون متعذرا أو في أقصى الأحوال متعثرا، وأي حكومة تتشكل ستكون حكومة للعهد بـ24 قيراطا بحيث يحقق فيها "وزراء" العهد ما لم يتمكن وزراء حكومة تصريف الأعمال الحالية من تحقيقه بدءا من التعيينات وصولا إلى القرارات المتعلقة بصندوق النقد الدولي وما بينهما لا يقل دقة وحساسية على المستويين السياسي والإقتصادي".

حصر الترشيحات بإسمَي ميقاتي وسلام لا يعني أن الساحة تخلو من شخصيات سنية تتوافر فيها الشروط والمواصفات التي حددها حزب القوات في شخص رئيس الحكومة العتيدة. وتستطرد المصادر: "من قال إن القوات تريد تسجيل نقاط للنقاط فقط أو أن تسمي فلانا أو سواه؟ هذ مسألة إستعراضية وهي لا تندرج في حسابات القوات". وعن خيار تسمية نواف سلام قبل 3 أعوام توضح المصادر، أنها سمته لتقول إنه النموذج الذي تريده لرئاسة الحكومة، أما اليوم فالظرف يختلف خصوصا أننا على قاب قوسين من الإستحقاق الرئاسي الذي سيعيد إنتاج كل السلطة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

التركيز على برنامج رئيس الحكومة من الأولويات، تقول المصادر، إضافة إلى الصفات التي يجب أن يتحلى بها ومن أبرزها النزاهة والشفافية والإستقامة، على أن يكون هناك ترابط متكامل بين المسألتين. وعليه فإن أي شخصية تتوافر فيها المواصفات لتولي مسؤولية موقع عام عليها أن تتقدم أولا ببرنامجها السياسي. وفي حين تؤكد المصادر على نزاهة القاضي سلام ومواقفه والتزامه الوطني إلا أنها فضلت عدم تسميته لأنها غير مقرونة بمشروع سياسي، وتسأل: "على أي أساس سنسمي نواف سلام ولا نعرف موقفه من سلاح حزب الله وإقفال المعابر غير الشرعية ومفهوم المقاومة وهل يؤيد مبدأ تخصيص حقيبة لشخص بناء لطائفته وسواها من الأسئلة المفصلية؟".

إلى هذه الإستفسارات تطرح المصادر فرضية عدم رغبة القاضي سلام في تسلم مهام التكليف خصوصا أنه سيتولى رئاسة حكومة - في حال تمكن من تشكيلها - لمدة أربعة أشهر وبالتالي قد لا يكون متحمسا لتولي هذه المسؤولية في مرحلة إنتقالية وليس تأسيسية وهي ستؤدي حتماً إلى "حرق" أسماء بعد دخولها نادي رؤساء الحكومات السابقين في حال لم يتمكن الرئيس المكلف من التأليف أو في حال توصل إلى تأليف حكومة بشروط العهد. وفي الحالين سيحرق صورته مع نهاية العهد. ولا تخفي خشيتها من أن تكون مطلق أي حكومة جديدة في ظل هذا العهد إستفزازية وستحرف الأنظار عن الإستحقاق المصيري المتمثل بانتخاب رئيس جديد. من هنا تبقى الأفضلية للقديم والتفرغ للإستحقاق الرئاسي.

أما وقد بات التأليف وراءنا مع انقشاع الرؤية بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، ولو بعدد أصوات غير مرضٍ، يبقى التأكيد على أن شعار القوات "بدنا وفينا" لم يكن مجرد "شعار إنتخابي". "مواقفنا واضحة وكذلك خياراتنا من الإستحقاق الحكومي وعدم التسمية هو الخيار الأمثل لأن المطلوب تمرير المرحلة المتبقية من العهد بأقل سلاسة وخسائر ممكنة" تختم المصادر. 

المركزية

يقرأون الآن