تخطى الاستحقاق الرئاسي المرتقب في الخريف المقبل ما سواه من ملفات عالقة وازمات، وفي مقدمها تأليف الحكومة الذي يتم التعاطي معه على قاعدة لزوم ما لا يلزم، فاذا تألفت كان به واذا لم يحصل فانها لن تصنع المعجزات وسط التجاذبات المحلية وانعكاس التطورات الخارجية على الداخل.
وكانت المواصفات الرئاسية التي حددها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة الاحد يوم امس وكأنها الاعلان الرسمي للبحث الجدي في الملف الرئاسي من قبل المرجعية المارونية الروحية المعنية بشكل او بآخر بموقع الرئاسة الاولى.
في الموازاة يبقى الدور الأساسي على عاتق النواب للانتخاب او ترجمة اي تسوية او اتفاق يحصل خارج جدران برلمان ساحة النجمة.
وهنا تقول مصادر قريبة من رئاسة المجلس، عبر وكالة "أخبار اليوم"، من الطبيعي ان تفتح معركة رئاسة الجمهورية حتى قبل المهل الدستورية نتيجة الواقع اللبناني والتركيبة اللبنانية والظروف التي يمر بها البلد، خاصة واننا في مرحلة تزداد فيها التوترات، حيث اننا في ازمة لم نشهد لها مثيلا في السابق.
وتضيف المصادر: التحضير للاستحقاق يأتي باكرا خشية من الفراغ الذي يحاول الكثيرون تفاديه، ولعل ما نسمعه من شخصيات في مواقع المسؤولية وعلى كافة المستويات يعبر عن فتح باب النقاش ولتأخذ معركة الانتخابات الرئاسية مجراها.
وفي هذا السياق، تشدد المصادر على ضرورة الانطلاق من معيار وطني كونه الوحيد القادر على ان يكون مؤثرا تأثيرا مباشرا، آسفة الى اننا تعودنا حتى في الاستحقاقات الطبيعية منذ الاستقلال لغاية اليوم ان يكون هناك تأثير مباشر او غير مباشر للتدخلات العربية والاقليمية والدولية، والتجارب كثيرة في هذا المجال بدءا من الدور المصري مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصولا الى الدور السوري السعودي منذ ما بعد اتفاق الطائف لغاية العام 2005، واليوم المؤثرات ما زالت نفسها سواء بالتأثير العربي من دمشق الى الرياض الى العواصم الخليجية وصولا الى الدور الايراني ولا ننسى ايضا الدور الاميركي والفرنسي ... وبالتالي الملف الرئاسي مرتبط باتجاهات عدة ولا توجد جهة واحدة وحدها الفاصلة. وهذا ما قد يجعل الاستحقاق عرضة لكثير من التجاذبات خاص وانه يأتي بمرحلة دقيقة على وقع تطورات داخلية واقليمية ودولية.
وتتابع المصادر: في مطلق الاحوال المجلس سيأخذ دوره الطبيعي والرئيس نبيه بري سيكون حاضرا وجاهزا للبدء بالدعوة لجلسات انتخاب الرئيس في المراحل الاولى من المهلة الدستورية.
أما عن مواصفات الراعي، فتقول المصادر: أثبتت التجربة أن الرئيس القوي هو الرئيس الذي يستطيع بحكمته وحنكته ومواقفه ان يكون قريبا من الجميع وقادرا على محاكاة كل القوى، وان يكون طبعا منفتحا على نقاش وحوار موضوعي وطني لما في مصلحة لبنان، من اهم المواصفات ايضا ان يكون قادرا على التواصل ولديه رؤية منفتحة. وتختم: الظروف اليوم هي التي تفرض الكثير من المواصفات التي حددها الراعي.
وكان البطريرك الماروني قد تطرق في عظته بالامس الى الاستحقاق الرئاسي وقال الآتي: "نرفض مع شعبنا التلاعب باستحقاق رئاسة الجمهورية. نتمسك بضرورة احترام هذا الاستحقاق في وقته الدستوري، وانتخاب رئيس متمرس سياسيا وصاحب خبرة، محترم وشجاع ومتجرد، رجل دولة حيادي في نزاهته وملتزم في وطنيته. ويكون فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب، ولا يشكل تحديا لأحد، ويكون قادرا على ممارسة دور المرجعية الوطنية والدستورية والأخلاقية، وعلى جمع المتنازعين الشروع في وضع البلاد على طريق الإنقاذ الحقيقي والتغيير الإيجابي. وتقتضي ظروف البلاد أن يتم انتخاب هذا الرئيس في بداية المهلة الدستورية لا في نهايتها ليطمئن الشعب وتستكين النفوس وتنتعش الآمال". بهذه العبارات حدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المواصفات الواجب توفرها في شخصية الرئيس العتيد قبل نحو 50 يوميا من بدء المهلة الدستورية للانتخاب في الاول من ايلول المقبل."
رانيا شخطورة - أخبار اليوم