فرنسا: تأخير الإنقاذ مكلف جداً

إذا كان المناخ العام قد صنّف الفترة الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون كمرحلة انتقالية، من عهد رئاسي راحل، إلى عهد جديد آتٍ، الّا انّها في وضع مهترئ كالذي يعيشه لبنان، يُخشى مع إهمالها وتضييعها من ان يتأسس على عدم استغلالها بخطوات علاحية ما، المزيد من المصاعب والتعقيدات. وهو ما حذّر منه الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان في لقاءاته التي أجراها على غير مستوى سياسي واقتصادي ونقابي في بيروت. وذلك بالتوازي مع انسداد الأفق الحكومي وتعطّل إمكانية تأليف حكومة في المدى المنظور، حيث بات المناخ العام يشي لهذه الناحية، أنّ تأليف الحكومة في هذا الجو المسدود، قد رُحّل إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي يُفترض ان تبدأ ولايته اعتبارًا من 1 تشرين الثاني المقبل.

بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ دوكان أبلغ من التقاهم في الأيام الأخيرة، والتي سيتابعها اليوم في لقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر الجمهوري في بعبدا، وايضًا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأنّه ينقل رسالة فرنسية تؤكّد أنّ باريس والرئيس ايمانويل ماكرون لن يتركا لبنان. الّا انّهما ينتظران خطوات تنفيذية عاجلة من لبنان، تقود الوضع فيه إلى مدار الانفراج، الذي يبقى بعيدًا ما لم يبادر اللبنانيون إلى التقاط الفرصة والسعي الجدّي لإنقاذ لبنان.

وتؤكّد مصادر المعلومات، أنّ دوكان عبّر عن بالغ الأسف حيال ما آل اليه الوضع في لبنان، إن جراء تفاقم الأزمة وزيادة مصاعبها على اللبنانيين، او من التقصير الفاضح في عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحدّ من سوء الوضع في لبنان، حتى أنّه عبّر عن تخوّف بالغ من انحدار كبير في لبنان، تصل فيه الامور إلى حدّ عدم تمكّن لبنان من توفير القمح والطحين للبنانيين.

وأشارت المصادر، إلى انّ دوكان اكّد لمن التقاهم، «انّ طريق العلاج السريع للبنان يبدأ بالسعي الحثيث والسريع لاتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي»، منبّهًا إلى انّ «كل تأخير في العلاج والانقاذ، ستكون كلفته كبيرة جداً».

ولفت دوكان إلى انّ «الفرصة ما زالت متاحة لبلوغ هذا الاتفاق واستفادة لبنان منه»، محذّرًا من انّ «تفويت هذه الفرصة التي ينبغي الّا تؤجّل إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي في لبنان، معناه انّه لن يبقى هناك أي اهتمام لإنجاز الصندوق عقد اتفاق مع لبنان، لأنّه بعد أزمة كورونا وتداعياتها وآثارها السلبية التي أرختها على مستوى العالم، إضافة إلى تداعيات وتأثيرات الحرب الروسية على اوكرانيا، وكذلك أزمة الجوع الحادة المتفاقمة على أكثر من ساحة دولية، فإنّ الدول المانحة امام هذا الوضع، قد لا يعود لديها اموال فائضة تقدّمها إلى لبنان، لا بل اكثر من ذلك قد تصل إلى لحظة لا تمتلك وقتًا تمنحه للبنان».

وتشير المعلومات، إلى أنّ دوكان كان مصرًّا على ان يبادر لبنان إلى التعجيل في انتهاج خطوات خلاصه، محذّرًا من انّ «تأخير تلبية لبنان للشروط والالتزامات التي طلبها صندوق النقد الدولي إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، هو خطأ قاتل يرتكبه من يفكر بهذا التأجيل، وخصوصًا انّ ما بعد الانتخابات الرئاسية قد لا يختلف عن المرحلة الحالية، ولذلك على لبنان ان يسارع فورًا إلى الإيفاء بالتزاماته، ويشرع فورًا في تحضير الارضية لإتمام الاتفاق مع صندوق النقد، الذي يجنّب لبنان السقوط أكثر. وعلى اللبنانيين ان يعلموا انّ وضع بلدهم اصبح ميؤوسًا منه، ونزيفكم المالي اصبح نهراً. فبلدكم ينتحر، فيما هو يمتلك ثروات وغنى كبيراً، في امكانه ان يستثمرها، فساعدوا أنفسكم».

ولفتت المعلومات إلى انّ دوكان شدّد على خطة التعافي وأهميتها، «لكن الأهم هو ان نلمس في لبنان خطوات ومبادرات لبنانية لكي ينقذ اللبنانيون بلدهم وانفسهم»، مشدّداً في الوقت نفسه على «ضرورة الإسراع في اقرار المجلس النيابي لقانون السرية المصرفية و«الكابيتال كونترول» وإنجاز الموازنة العامة، كلها خطوات مطلوبة ومساعدة، فأي شيء يمكن إنجازه في هذا السبيل، بالتأكيد هو افضل من لا شيء».

الجمهورية

يقرأون الآن