مناصرو الصدر يقتحمون البرلمان...

عاد الهدوء إلى العاصمة العراقية بغداد بعد انسحاب أنصار التيار الصدريّ من داخل مجلس النواب في المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، والذين اقتحموه احتجاجاً على ترشيح أمانة الإطار التنسيقي محمد الشياع السوداني لرئاسة مجلس الوزراء. وردد المتظاهرون هتافات مؤيدة للصدر، ومناهضة لقوى "الإطار التنسيقي" المدعوم من إيران. لكنهم ما لبثوا ان انسحبوا منه بعد دعوة زعيم التيار مقتدى الصدر، بعد نحو ساعتين من اقتحامهم للمبنى، قائلا "وصلت رسالتكم... عودوا لمنازلكم سالمين".

يشهد العراق منذ نحو 9 أشهر أزمة سياسية جراء خلافات حادة على تشكيل الحكومة بين "الإطار التنسيقي" والكتلة الصدرية التي فازت بالمرتبة الأولى بـ73 نائبا من أصل 329، لكنها انسحبت من البرلمان في 12 حزيران الماضي بعد عدم تمكنها من تشكيل الحكومة، في خطوة عدّها الصدر "تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصه من المصير المجهول".

  وبعد 11 يوما من الانسحاب، أدى 64 نائبا جديدا اليمين الدستورية، ومعظمهم من قوى "الإطار التنسيقي" أو من مقربين منها، وبينهم مستقلون، وهو ما يضمن لـ"الإطار التنسيقي" النصاب البرلماني المطلوب لتشكيل الحكومة. ولكن ما هي الرسالة خلف ما جرى؟

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يقول لـ"المركزية": "يبدو وفقاً للمصادر التي تعرف الجغرافيا السياسية تماما في العراق بأن محمد شياع السوداني سيكون ظل نوري المالكي في رئاسة الحكومة، وهذا ما دفع القوى الشعبية ومنها مؤيدو مقتدى الصدر الى المظاهرات في المنطقة الخضراء ودخولهم الى البرلمان كحركة احتجاجية ضد هذا التعيين لأنهم يرفضون العودة الى ظل قيادة تأتمر كلياً بما تريده ايران من مصالح في العراق"، مشيراً الى ان "هذا الموضوع هو لب الخلاف القائم منذ انتهاء الانتخابات حتى اليوم. التيار الصدري لا يريد إطلاقا ان يعود الى ما كانت عليه الأمور في زمن حزب الدعوة وتجمع دولة القانون الذي كان يرأسه المالكي، وبينما الاطار التنسيقي للميليشيات يعني فرض إرادة ايران على الشعب العراقي من خلال ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لايران".


ويؤكد عبد القادر ان "مشكلة العراق الى حد كبير تشبه مشكلة لبنان مع "حزب الله" الذي يريد ان يفرض رئيسا وحكومات وقوى سياسية وتشريع قانون انتخابات لتكوين اكثرية في مجلس النواب ومن ثم امتلاك السلطة التنفيذية سواء برأسها اي رئيس دولة كما هو الحال مع الرئيس ميشال عون، وتشكيل الحكومة وخاصة اذا لم تكن بكاملها فبالثلث المعطل وبذلك يشل قرارات مجلس الوزراء ويعطله ويشتته ساعة يشاء"، لافتاً إلى أن "هذا ما يجري في العراق أيضاً، حيث يريدون العودة الى حكومة غير حكومة مصطفى الكاظمي التي تصرفت بتوازن وطني كلي وفتحت ابواب العراق من جديد على الدول العربية وخاصة الخليجية منها. وهذا ما لا تريده القوى التابعة لايران، ولذلك جاؤوا بهذه الصيغة، اي نجحت إمكانية تشكيل حكومة من قبل الكتلة الصدرية المتحدة مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وغيرها من القوى السنيّة، بالاضافة الى القوى الكردية لتستكمل المسيرة التي بدأها الكاظمي بمزيد من الاستقلال والابتعاد عن النفوذ الايراني. وهذا ما لم يكن يعجب الميليشيات التابعة لايران في الحشد الشعبي وتجمع دولة القانون الذي يرأسه المالكي والذين يتبعون كليا للنفوذ الايراني. ما يدل على ان المالكي يقود معركة ايران، اننا شاهدناه بالامس على وسائل الاعلام بعد المظاهرات الصاخبة في المنطقة الخضراء بأنه يسير مع مجموعة مسلحة وهو شخصيا مسلح ببندقية".

ويختم عبد القادر: "وصلت الامور الى مواجهة شبه عسكرية او تنذر بالوصول الى مواجهة شبه عسكرية بين التيارين، التيار الوطني والآخر التابع لايران، وقد يكون الخوف من حصول ما لا تحمد عقباه في ظل هذه الاجواء المتوترة جدا طالما ان مقتدى الصدر طلب من الجموع التي دخلت الى البرلمان بالخروج من المنطقة الخضراء ومن مبنى البرلمان تفادياً لصدام مسلح قد يضع العراق على حافة حرب أهلية فعلية. خاصة وان هذه المرة الحرب ستكون في طابعها العام شيعية – شيعية بين الوطنيين من الشيعة وبين المؤيدين للنفوذ الايراني من جهة اخرى. هذا الوضع خطير اعتقد وقد يكون من الصعب تشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني وستبقى الازمة مستمرة وبذلك يبقى الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات". 

يقرأون الآن