إنه رغيف الخبز المرّ المجبول بالدم هذه المرة، في سلطة القبض على الأرواح لا سلطان الرغيف القابض على الجوع، لا لشيء إلا لأن عصابات تهريب الطحين والقمح الذي لا يزال وحيدا شبه مدعوم بالشكل، مسروق من أمام الفقراء ولقمة عيشهم الأخيرة، حيث لم يعد الرغيف ملاذا آمنا لهم بل بات مصيدة للموت ومقصلة للجسد، رغم كشف المستور بالاسماء ورفع الصوت وسؤال المعنيين عن مجرى التحقيقات وكشف المتورطين ومحاسبتهم. وليس آخرها قبل أيام قليلة سؤال عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور الذي قال: “اللبنانيون يقتلون بعضهم البعض لأجل ربطة خبز وكل الإجراءات حتى اللحظة فشلت في علاج الأزمة والسرقات مستمرة وبعض القضاء متمهل وحتى اللحظة ليس هناك موقوف واحد في ملف فساد القمح والطحين.” وأضاف: سؤال الى وزير العدل والى رئيس مجلس القضاء الاعلى: أين أصبحت التحقيقات في هذا الملف فمن حق المواطن اللبناني أن يعرف الحقيقة وأن يتوقف النهب المنظم والاذلال".
وبانتظار الاجابة عن إخبار أبو فاعور الذي يلحّ على سؤاله باسم الشعب اللبناني خصوصا أن الأسماء بعهدة المعنيين، فإن الموت يستنزف الفقراء مواطناً تلو مواطن وضحية تلو ضحية، حيث سقط صباح اليوم السبعيني “أبو فادي” فؤاد.ح من بلدة ضهر الاحمر في قضاء راشيا، كان يجاهد للحصول ربما على ربطة خبز من خلف أفران آراش في راشيا لتجنب طوابير الاهالي أمام الفرن، فما لبث أن فارق “ابو فادي” الحياة بعد أن رجع عليه “كميون” دون انتباه من سائقه الذي كان يفرغ حمولته من الطحين في الفرن.
فلم يكن في حسابات الضحية الجديدة أن يكون ثمن ربطة الخبز موجعا حتى الموت ومرا حتى الشهادة.
وفيما حضرت القوى الأمنية والأدلة الجنائية وباشرت تحقيقاتها، وفيما نقل الصليب الأحمر اللبناني الجثة الى مستشفى راشيا الحكومي لاستكمال التحقيقات والاجراءات، سقط المواطن السبعيني شهيدا للخبز فيما عائلته منيت بفاجعة الموت وهي التي كانت تنتظر عودته لتناول فطور الصباح معه، باتت تنتظر وجها أدمته لقمة العيش المغمسة بالالم، فيما تجار الدم من محتكرين ومهربين وتجار سلطة الفساد ممن لم يكترثوا لصرخة الفقراء وثورة الجياع المؤجلة، لا زالوا يبحثون عن جنس الملائكة في تجميل لمسات إخراجهم الممل وكذبهم المكشوف وشيطنتهم كل من يطرق باب فسادهم المقونن. ليبقى سؤال ابو فاعور أليس من حق المواطن اللبناني أن يعرف الحقيقة وان يتوقف النهب المنظم والإذلال يبحث في برية هذه السلطة الفاسدة عن باب للخلاص!
عارف مغامس - جريدة الأنباء الالكترونية