حملة دولة الإمارات "معك يا لبنان" التي وجه بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ويشارك فيها المجتمع الإماراتي كافة، تهدف لتقديم كل ما يلزم لدعم الأشقاء اللبنانيين من الإمدادات الطبية والغذائية والإغاثية ومعدات الإيواء.
كما تهدف إلى المساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية والصحية الحرجة، ومساعدة الشعب اللبناني والوقوف معه في مواجهة التحديات الراهنة والصعوبات الحالية.
ويسجل التاريخ لدولة الإمارات، مواقف مشرفة منذ عام 1974، في دعم الشعب اللبناني الشقيق، حيث قدمت الكثير من الدعم لتعزيز مواقفه ودعمه وسط الظروف التي يعاني منها طيلة تاريخه الممتد بالأزمات.
وقد شهدت مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990، العديد من المبادرات الإماراتية الهادفة، لترسيخ الأمن والسلام في لبنان الشقيق، وإعادة إعماره، ودعم أسس استقراره وازدهاره.
ودعمت دولة الإمارات الكثير من الهبات والقروض المالية للحكومة اللبنانية، لتمويل العديد من مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة وغيرها من المجالات، كما سيرت جسراً جوياً وخطاً ملاحياً وخطاً برياً مباشراً، لنقل المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين، التي شملت المواد الغذائية والأدوية والخدمات الطبية ونقل الجرحى والمصابين لتلقي العلاج في المستشفيات الإماراتية.
وكانت دولة الإمارات من أولى الدول الداعمة للشعب اللبناني، خلال جائحة كورونا "كوفيد 19"، فقدمت مساعدات طبية عاجلة إلى لبنان، كما سارعت إلى مد يد العون والنجدة له، إثر تعرضه لأكبر الكوارث الإنسانية التي شهدها في العصر الحديث، نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، عبر تقديم المساعدات الإنسانية للمتأثرين، وأطلقت حينها حملة تحت عنوان "من الإمارات ومن أجل لبنان"، بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، في إطار التضامن ومساندة ودعم الشعب اللبناني الشقيق.
إن المتتبع لمسار العلاقات السياسية بين دولة الإمارات ولبنان سوف يجد الجهد المتواصل الذي تبذله دولة الإمارات من أجل تقوية الروابط بين البلدين، بفضل التشاور والتنسيق الذي يميّز هذه العلاقات، ويحافظ على تجددها وحيويتها في كل الظروف.
إن من أهم العوامل التي لعبت دورها في ترسيخ العلاقات بين دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية، تلك الزيارات الأخوية والرسمية التي كان يقوم بها مسؤولو البلدين بصفة مستمرة، لعل أبرزها تلك التي قام بها الرئيس اللبناني العماد إميل لحود لدولة الإمارات في عام 2000، ولقاؤه مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –طيب الله ثراه- لبحث الوضع العربي بصفة عامة، وتبادل الرأي حول القضايا العربية الراهنة، والتطورات المختلفة بشأنها.
لقد أكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه - خلال اللقاء أن قوة العرب في تضامنهم وتآزرهم، وأنه لا وزن ولا ثقل ولا عزّة بدون تحقيق التضامن العربي الحقيقي.
كما شكّلت الزيارة التي قام بها رئيس لبنان إلياس الهراوي إلى دولة الإمارات في 1998، معلماً مهماً في مسار التعاون بين البلدين، تم فيها بحث الوضع العربي وتطورات الأحداث في منطقة الخليج والشرق الأوسط.
وجاءت زيارة رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان إلى دولة الإمارات في 1996 لتثمن كل الجهود والوشائج القائمة بين البلدين، وفي 1990 أجرى الرئيس إلياس الهراوي زيارة لدولة الإمارات تبادل خلالها مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –طيب الله ثراه - وجهات النظر حول تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية والتحركات الدبلوماسية لتسوية القضية اللبنانية وسبل تنفيذ اتفاق الطائف الرامي إلى تحقيق المصالحة الوطنية، ودعم السلطة الشرعية وإعادة السلام والاستقرار إلى ربوع لبنان.
وفي 1987 عقدت في أبوظبي جلسة مباحثات بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –طيب الله ثراه- والرئيس اللبناني أمين الجميل، تركزت حول تطورات الوضع في لبنان، كما عقدت في العاشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول 1978 في إمارة دبي جلسة مباحثات بين الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي رحمه الله والرئيس اللبناني السابق إلياس سركيس اشترك فيها عدد من كبار المسؤولين بالدولة لتناول الوضع اللبناني وتأثيره على الساحة العربية والعالمية.
إن الزيارات التي تمت بين كبار المسؤولين بالبلدين كان لها دورها الفعّال في تنسيق المواقف والجهود في كل المراحل التي كانت تقتضي تشاوراً وتضامناً بين البلدين، لقد أخذت تلك الزيارات أبعاداً أكثر عملية لزيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والسياحي وتعميق أواصر الأخوة الإنسانية في ظل الظروف التي يواجهها لبنان حالياً والتي نتمنى أن يتجاوزها ليعود أقوى من السابق.