ما إن أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «ضرورة الحوار مع حزب الله»، في مقابلة تلفزيونية في التاسع من الشهر الجاري، حتى ثارت تساؤلات حول سبب تراجعه عن المواقف التي خاض على أساسها معركته الانتخابية. وازدادت التساؤلات بعد اللقاء الذي جمعه، الأسبوع الماضي، مع وفد من الحزب برئاسة معاون الأمين العام حسين الخليل حول خلفية استدارته التي غالباً ما تعبّر عن أحداث «يقرأها» أو «يتوقعها». وتركّزت الأسئلة حول ما إذا كانت «حركة» جنبلاط الأخيرة نِتاج عملية حساب فردية، أم إنها منسقّة ومدروسة مع الخارج، خصوصاً مع الولايات المتحدة، وما إذا كانت الرياض على بيّنة من خطواته في الفترة المُقبلة. في وقت يبدو أن الرجل يتحوّط للأيام المقبلة بـ «مهادنة» حزب الله وتحييد نفسه بالقول إنه في حلّ من أي مواجهة معه.
على عكس المرات السابقة، استغرق اللقاء خمسين دقيقة طرح خلاله جنبلاط عدداً من الأسئلة والاستفسارات التي «تُصدِّع رأسه» كان قد سجّلها على ورقة بيضاء. بدأ اللقاء بالإشارة إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن ضرورة تشكيل حكومة قوية وبصلاحيات مكتملة، مستفسراً عمّا إذا كانت لدى الحزب معلومات أو توقعات عن استحالة انتخاب رئيس للجمهورية في موعد الاستحقاق. فكانَ الجواب بأن «الحزب يسعى للإثنين ويريدهما. يريد انتخاب رئيس ويريد تشكيل حكومة». فتوسّع جنبلاط في النقاش مؤكداً أن «من مصلحة البلد البحث عن رئيس غير استفزازي لأن ظروفنا لا تسمَح بغير ذلك»، قائلاً: «سأبدأ بنفسي وبحلفائي. لن أسمّي رئيس مواجهة بل أعتبر أن الرئيس المقبل لا بد أن يحظى، بالحد الأدنى، بتوافق كل الأطراف». ولفت جنبلاط إلى أن «هناك مجانين في البلد لا يمانعون أخذه إلى الحرب الأهلية من جديد»، مشيراً أنه «لولا حكمة الحزب في حادثة الطيونة لكنا في مكان آخر».
لم يدخل زعيم المختارة في الأسماء، لكن كانَ واضحاً أنه يقصِد سمير جعجع وجبران باسيل، مكتفياً بوضع معايير وصفات عامة أيّدها وفد الحزب الذي أكد أن «اسم الرئيس يحتاج إلى تشاور».
وأبدى جنبلاط اهتماماً بتفاصيل ملف الترسيم البحري جنوباً، فكانَ يعود إليه كلما انتهى من السؤال عن نقطة ما. وبعدَ محاولة ربطه إرسال المسيرّات الثلاث فوقَ «كاريش» بالملف النووي، مستوضحاً من الوفد عن إمكانية وقوع حرب، قال بعد سماعه تأكيداً بأن «كل الخيارات مفتوحة لأننا لن نسمح بأن نموت في الطوابير ولن نسكت على حرمان لبنان من الاستفادة من ثروته الغازية»، بأن «لبنان صارَ أسوأ من غزة وسوء الأوضاع فيه لا يسمح بالحرب»، مُحملاً الوفد توصية إلى نصرالله مفادها أن «التفاوض أفضل من الحرب».
وفي معرض نقاش وضع البلد وتأكيده أن «فساد المسؤولين هو من أوصل الحال إلى ما هي عليه اليوم»، أجاب جنبلاط على كلام الخليل عن الحصار الأميركي بأنه «سأل السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن منع بلادها نقل الكهرباء والغاز من مصر والأردن إلى لبنان، فنفت ذلك وأشارت إلى أنهم يشترطون رفع التعرفة وتشكيل الهيئة الناظمة»، فرد الخليل «هذا الأمر من شأن الحكومة ولو كانوا يريدون مساعدة لبنان لما منعوا تأمين الكهرباء».
بعدها عادَ جنبلاط إلى ملف الترسيم والغاز، سائلاً عن فكرة تشكيل شركة وطنية لإدارة هذا القطاع، «كما هي الحال في السعودية وإيران»، وهي فكرة أكد وفد الحزب بأنها «قابلة للنقاش»، مذكراً بطرح الصندوق السيادي الذي تحدث عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي حين حضر سؤال عن موقف الحزب من صندوق النقد الدولي، تطرق جنبلاط إلى مواضيع أخرى من بينها وضع الجامعات الخاصة والمدارس وإفراغ لبنان من طاقاته، مؤكداً ضرورة وضع خطة للحد من هذا النزف. كما تناول موضوع التهريب إلى الأردن عبرَ سوريا، وسأل إن كانَ بإمكان الحزب التدخل لدى النظام السوري لحل هذا الأمر، فأكد الوفد بأن «الحزب لا يسمح لنفسه بالتدخل مع الدولة السورية في هذه التفاصيل. عندما ذهبنا إلى سورية كانَ ذلك للمساعدة في منع الحرب على لبنان، وكل المعلومات الموجودة في حوزتنا حول موضوع التهريب نضعها في عهدة الأجهزة الأمنية».
ميسم رزق - الأخبار