احتفت حسابات السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يوثق افتتاح أول جزارة لبيع اللحوم الحمراء في سوق أم درمان، في إشارة إلى عودة الحياة تدريجيًا إلى أقدم وأشهر أسواق السودان.
فوسط تحديات الحرب الدائرة حاليًا، تمكن متوكل كمال، أحد أقدم جزاري أم درمان، من إعادة فتح متجره، مما يعكس إصرار المواطنين على استعادة نبض الحياة في المدينة. وعودة الحياة إلى سوق أم درمان، كما وثقتها حسابات السودانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، تمثل بصيص أمل في ظل الحرب التي تعصف بالبلاد. الفيديو الذي أبرز افتتاح أول جزارة في السوق بعد فترة طويلة من الإغلاق بسبب الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يعكس رغبة الأهالي في استعادة نشاطاتهم اليومية وإعادة بناء مجتمعهم.
واقع السوق بعد الصراع
ومع ذلك، يتطلب هذا الإحياء مواجهة الواقع الصعب الذي تشهده المنطقة، حيث تحولت أحياء وأسواق أم درمان، التي كانت تنبض بالحياة، وتزخر بالحركة والنشاط، إلى مناطق شبه مهجورة بسبب الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وبالحديث عن الوضع، يعد سوق أم درمان من أبرز الأماكن التي تعرضت لعمليات نهب وتخريب واسعة، حيث خلفت المعارك المحتدمة أضرارًا كبيرة، طالت المنازل والمحلات التجارية والبنية التحتية بالمدينة التاريخية، وإحدى المدن الثلاث المكوِّنة للعاصمة السودانية. وقد أظهرت المشاهد المصورة، ابتداء من شهر مايو من العام الماضي حجم الخسائر الفادحة، حيث تحولت الأماكن العريقة إلى أطلال بعد تعرضها لعمليات سلب ونهب وحرق غير مسبوقة.
خطوة نحو إعادة البناء
إلا أنه برغم حالة الدمار الذي طال هذه المناطق، فإن افتتاح الجزارة في سوق أم درمان يمثل خطوة شجاعة نحو إعادة بناء ما دمرته الحرب وإحياء ذاكرة السوق العريق.
وتزامناً مع انتشار مقاطع الفيديو كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي، تعززت مشاعر الأمل لدى السودانيين، مؤكدين أن مظاهر عودة الحياة رويدًا رويدًا إلى سوق أم درمان تمثل خطوة رمزية في سبيل استعادة الحياة الطبيعية في العاصمة وما حولها.
تاريخ سوق أم درمان
يشار إلى أن سوق أم درمان يُجسد تاريخًا يمتد لأكثر من قرنين، حيث يقع في قلب المدينة التاريخية بولاية الخرطوم، ويعد نموذجًا مصغرًا يعكس التنوع الثقافي والعرقي والديني في المدينة التاريخية التي تعتبر العاصمة القومية للسودان. ولطالما كان هذا السوق الكبير ملتقى لمختلف الجاليات، حيث تجاور محلات التجار الهنود ومحلات الأقباط الذين قدموا من صعيد مصر واشتهروا بتجارة المنسوجات والمفروشات، إلى جانب محلات اليمنيين المعروفين بـ"اليمانية"، الذين تميزوا في مجال المتاجر.
ومن أبرز معالم السوق كان محل العدني، الذي رغم اختفائه، لا يزال موقعه نقطة جذب للسياح والأجانب. كما يحتفظ السوق بشارع يُعرف باسم "سوق اليهود"، وهو اسم بقي شاهدًا على وجودهم رغم رحيلهم في السبعينيات.