انعقدت قمة الدول العربية والإسلامية في الرياض لتمثّل مجموعة التَّكتلِ العريض من إندونيسيا إلى المغرب، من المحيط الهادئ إلى المحيط الأطلسي.
ولبَّت مطلبَ الدّول المهددة على خط النار، من لبنان إلى اليمن، مرورا طبعا بغزة.
جهود حثيثة قادتها الدبلوماسية السعودية كدليل على صحة نهجها في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إنَّ النهج السعودي الواقعي في التعامل مع عملية السلام العربي - الإسرائيلي وحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، قوبل قبل عملية 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 وعلى مدار عشرات السنوات بمواقف رافضة ومعارضة من قبل محور المقاومة بقيادة إيران ومن تحالف معها، وخصوصاً حزب الله وحركة حماس كأطراف مباشرة في الصراع مع إسرائيل. وقد تسببت مغامرات هذا المحور بتدمير غزة ولبنان، ودفع ثمن ذلك أكثر من مئة وخمسين ألف ضحية، إضافة إلى ملايين المشردين والمهجرين.
وقبل الحديث عن أهم مقررات القمة لا بد من الحديث بوضوح عن دولتين يأخذ الصراع بينهما المنطقة الى شفير الهاوية أي إيران وإسرائيل.
إسرائيل تُعتبر كياناً عدوانياً ينتهك الأعراف الدولية ويعرض الأمن الإقليمي للخطر، ويجب على هذا الكيان وقف الاعتداءات ضد الفلسطينيين واللبنانيين، وتجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة عبر وقف إطلاق النار فورا والعمل على إدخال المساعدات.
في المقابل تلعب إيران دوراً أساسيا في تعقيد الأوضاع في المنطقة، ويتوجب عليها ان توقف التدخل في شؤون البلدان العربية والتعامل بشفافية وصدق.
وعلى إيران أن تعترف بضرورة التعاون والتكاتف والعمل الجماعي العربي الإسلامي، وإبداء حسن الجوار الفعلي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتعاون الأمني، وأن تعمل على ضمان أمن هذه الدول، وعدم السماح لميليشياتها بزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي، وألا تهدد هذه الميليشيات دول الجوار أو تنتهك حرية الملاحة البحرية الدولية.
كما يجب على إيران إدراك أهمية السلام في الشرق الأوسط، وتكريس الجهود المشجعة له، والتعاون في سبيل تحقيقه، وضبط تصرفات كافة الميليشيات التابعة لها، ونزع سلاحها، وتحويلها إلى أحزاب سياسية فاعلة ضمن إطارها الوطني.
إنَّ استمرار إيران على سياستها القديمة لن يجدي نفعاً في حل أزمات الشرق الأوسط. وعلى إيران تغيير سياساتها الحالية، وإثبات مدى مصداقيتها وجديتها في العمل على نزع فتيل أزمات الشرق الأوسط، والتعاون مع القوى الإقليمية والدولية في سبيل إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، وأن يكون دورها بناءً وإيجابياً.
بيان القمة أكد على "تولية السلطة الفلسطينية مسؤولياتِها بشكل فعال على كاملِ الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاعُ غزة، وتوحيده مع الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، ودعم دولةِ فلسطين اقتصادياً عبر دعم جهودِها في برامج الإغاثة الإنسانية والإنعاش الاقتصادي، وإعادة إعمار قطاع غزة، والتأكيد على أهمية استمرار دعم موازنة دولة فلسطين".
وهاجم البيان تعطيل إسرائيل "شبكةَ أمان" المالية، متوعداً باللجوء إلى المجتمع الدولي لإلزام سلطة إسرائيل الإفراجَ عن أموال عائدات الضرائب الفلسطينية المحتجزة.
حيال لبنان، التفت المؤتمرون إلى سيادة لبنان الكاملة لمنع تكرار المأساة بدعم الدولة. كما دعمت القمة ما طالب به الوفد اللبناني برئاسة نجيب ميقاتي، بالدعوة إلى احترام المؤسسات الدستورية اللبنانية، وحقها في ممارسة سلطتها، وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.
وبشكل صريح أيدوا "دعم القوات المسلحة اللبنانية باعتبارها الضامنة لوحدة لبنان واستقراره"، داعين اللبنانيين إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
من حيث التوقيت، لم يكن مصادفة، حيث سبق موعد القمة موعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاليد الرئاسة لتعلن هذه المجموعة الكبيرة من الدول عن مواقف متفقة وموحدة حيال الأزمة.
هل مجيء ترامب سيغير من سلوك إسرائيل وكذلك من سلوك إيران.. الجواب حتما في مقبل الأيام.