لبنان

في طرابلس.. الهاجس الأمني إلى الواجهة مجدّداً

في طرابلس.. الهاجس الأمني إلى الواجهة مجدّداً

ضرب الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً محكماً في مدينة طرابلس وعلى مداخلها بعد الجريمة التي أودت مساء الجمعة بحياة 4 أشخاص داخل محل لبيع الهواتف في محلة التل، بعد فترة غابت فيها هذه المظاهر عن المدينة وانتشرت الفوضى وأعمال العنف بشكل واضح.

سواء حصلت هذه الجريمة بهدف السرقة والسطو أم لأسباب إرهابية، وهذا ما ستظهره التحقيقات الجارية بهذا الخصوص لتوضيح أي من الروايتين هي سبب الجريمة، فإن طرابلس بكل هذه الفوضى هي بالفعل الخاصرة الرخوة لأي اهتزاز أمني قد يتم التحضير له، كما أن ما حصل أعاد شبح المخاوف بقوة إليها، في ظل الإنتشار الواسع للسلاح فيها وارتفاع ضحايا تفلته، وازدياد العصابات وأعمال السرقة والجرائم بشكل يومي من دون أن يكون هناك رادع قانوني لهذه الجرائم ومن يقترفها.

الكاتب والمحلل السياسي الطرابلسي شادي نشابة أوضح لـ»نداء الوطن» أن طرابلس تعيش فوضى إجتماعية وتفلتاً أمنياً نتيجة الأوضاع المعيشية والإقتصادية الصعبة والفراغ السياسي، وهناك من يستغل هذا الأمر لأكثر من ذريعة، ومنها بلا شك توجيه رسائل سياسية في أكثر من اتجاه، وخلق فوضى أمنية، ومع الأسف وفي عدة مراحل في التاريخ السياسي اللبناني، كانت طرابلس صندوق بريد وساحة لتبادل الرسائل.

ويتابع نشابة: «لا يمكن الجزم أن ما حصل في طرابلس قبل أيام هو عمل إرهابي أو عمل فردي وسطو أو ما شابه، ولكن المؤكد أنه إذا ما استمرت الأمور في طرابلس وفي لبنان بشكل عام على ما هي عليه من الإنفلات على جميع المستويات، فإن طرابلس ستتأثر بشكل سلبي أكثر وسنشهد مع الأسف المزيد من التوترات الأمنية ودفع الفواتير، نتيجة هذه الفوضى الحاصلة».

ما حصل في طرابلس مساء الجمعة يأتي في إطار التفلت والفوضى الحاصلين في المدينة منذ أشهر، ويرى فيه متابعون أنه «حالة طبيعية للتفكك الإجتماعي الذي تعيشه طرابلس وغياب الدولة عنها بالكامل، وتقاعس الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها. ويشدد مراقبون على القول أن «انكفاء رئيس الحكومة وحكومته عن مشاكل مدينته بهذا الشكل، وعدم وضع خطة تنموية للنهوض بطرابلس المنكوبة، بالإضافة إلى تراجع حدة القبضة الأمنية بالرغم من أن وزير الداخلية هو ابن طرابلس، كلها عوامل أسهمت في وصولها إلى هذا الدرك من الفوضى».

وقد أسفرت الحادثة عن أربعة قتلى هم صاحب المحل محمود خضر (48 عاماً) ابن جبل محسن، الشقيقان الشابان محمد وعمر الحصني من بلدة ببنين العكارية وهما يعملان في المحل لديه، وخالد عبد المجيد الذي كان بين المهاجمين وهو من بلدة خربة داوود العكارية، والذي تحدثت معلومات عن أن لديه أصولاً متشددة.

وكان جبل محسن قد شهد مساء الجمعة اطلاقاً كثيفاً للنار أثناء تشييع خضر، تزامن ذلك مع تكثيف الجيش والقوى الأمنية للدوريات والحواجز في المدينة، تجنباً لحصول أي ردات فعل وتوترات إضافية داخل المدينة.

في المقابل لا تزال التحقيقات جارية بشأن الحادثة وينفذ الجيش اللبناني عمليات دهم مستمرة في الأسواق القديمة في طرابلس وفي أكثر من محلة، ويعتقل متورطين. وأشارت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، في بيان أنه “بتاريخ 10 / 9 / 2022 نفذت قوة من الجيش بمؤازرة دورية من مديرية المخابرات عمليات دهم في منطقة الأسواق القديمة - طرابلس في سياق ملاحقة المتورطين بإطلاق النار الذي وقع بتاريخ 9 / 9 / 2022 في منطقة التل”.

وأضاف البيان: “أوقِف خلال عمليات الدهم المواطن (ب. ح.) للاشتباه بتورطه في إطلاق النار، وضُبطت بحوزته بندقيتان حربيتان نوع كلاشنيكوف و3 رمانات يدوية وكمية من الذخيرة. سُلّم الموقوف مع المضبوطات إلى المراجع المختصة وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص”. وتتفق شريحة واسعة من الطرابلسيين على أن أداء النواب الجدد لم يختلف عن أداء من سبقهم، فجلّ ما يقومون به هو اجتماعات ولقاءات لا تحل أي مشكلة أو أزمة تعاني منها المدينة، بدءاً من أزمتها مع أصحاب المولدات إلى موضوع الموقوفين الإسلاميين، إلى مسألة زورق الموت وغيرها الكثير من المشاكل الأساسية التي تقض مضاجع المدينة وأهلها وتتفاقم من دون أي وجه حل. ويأتي كل ذلك في ظل غياب تام للمجلس البلدي الغارق بخلافاته عن متابعة شؤون مدينته، معطوفاً على عدم اكتراث المحافظ بكل ما يجري، مكتفياً بإصدار بعض التعاميم على الورق تاركاً تنفيذها للصدفة والقدر.

وتبرز في طرابلس المطالبات بخطة أمنية تعيد الإستقرار إلى ربوع طرابلس على غرار ما حصل في العام 2014 من خطة أنهت جولات العنف بين جبل محسن وباب التبانة.

مايز عبيد - نداء الوطن

يقرأون الآن