لبنان

السرقات إلى تزايد: "حرامية" بالضيعة والمتهم "غريب"!

السرقات إلى تزايد:

تفيد إحصاءات نشرتها قوى الأمن الداخلي عن «تراجع في حوادث السرقة بنسبة 6.5% مقارنة مع العام 2021». إلا أن الواقع يبدو معاكساً تماماً. فلا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع عن سرقات في القرى والمدن، لم تعد تقتصر على السيارات والمحال التجارية والمنازل بل تعدّتها لتصل، في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة وتزايد نسبة البطالة، إلى قيام أحدهم بسرقة قارورة غاز بهدف «إطعام عائلتي» وفق ما جاء في إفادته. أمام هذا الواقع المأزوم، الذي يضاف اليه تراجع أداء الأجهزة الأمنية بسبب انهيار قيمة رواتب عناصرها ومحفزاتهم، وأخيراً إعتكاف القضاة ما أدى إلى تأجيل المحاكمات وتزايد عدد الموقوفين في السجون، لجأت بعض البلديات والسكان المحليين إلى لعب دور في حماية أمن المدن والقرى من السارقين.

سابقاً، كانت حوادث السرقة تتم في أماكن وظروف محددة. أما اليوم، في ظل الوضع الإقتصادي المتردي، فبتنا نسمع عن سرقات تتم في وضح النهار، في مدن وشوارع مكتظة، وحتى في القرى الصغيرة التي كانت تمثل مصدر أمن وأمان لسكانها.

في العادة، تقوم بالسرقات شبكات منظمة تضع خططاً مسبقة وأهدافاً محددة لعملياتها، تتركّز أساساً على المقتنيات الثمينة كالسيارات والمجوهرات. هذا النوع من السرقات أضيفت اليه اليوم السرقات الفردية. فقد زاد عدد الذين ينفذون عمليات سرقة من تلقاء أنفسهم ومن دون خطط مسبقة. وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، توسعت قائمة «الأهداف» لتشمل حليب الأطفال والحفاضات وقوارير الغاز!

ومع كل حادثة من هذا النوع في القرى والبلدات الصغيرة يكون التعليق الفوري «أكيد سوري». ورغم نشر القوى الأمنية أسماء السارقين وجنسياتهم والتي تتنوع بين اللبناني والسوري وغيرهما، تطال الاتهامات السوريين أكثر من غيرهم، وغالباً ما يكون رد الفعل الأولي في القرى والبلدات الصغيرة مطالبة السلطة المحلية المتمثلة بالبلديات، بفرض حظر تجول ليليّ على السوريين. علماً أنه في ظل الظروف الإقتصادية التي يمر بها البلد لم تعد ظروف حياة اللبنانيين أفضل من ظروف حياة النازحين السوريين.

إجراءات احترازية

للحد من هذه الظواهر، تسيّر بعض البلديات دوريات ليلية لمراقبة الأحياء والشوارع. فيما فرض بعضها، كبلدية الحدث، حظر تجول على الدراجات النارية من السابعة مساءً حتى السابعة صباحاً بعد تزايد حوادث النشل التي تستخدم فيها هذه الدراجات. فيما يعمد السكان إلى إتخاذ تدابير فردية لحماية ممتلكاتهم كوضع كشافات ضوئية، أو كاميرات مراقبة.

رئيس بلدية تفاحتا (قضاء صيدا) إبراهيم كوثراني يؤكد أن قوى الأمن الداخلي «معنيّة بالدرجة الأولى بالحفاظ على الأمن، لكن في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي نتج عنها شبه غياب على المستوى الأمني، فإن البلدية مسؤولة بشكل أو آخر عن تأمين الحد الأدنى من السلامة العامة، والحفاظ على وضع أمني مستقر في القرى والبلدات». وأضاف: «تسير شرطة البلدية دوريات . وفي حال تم الإشتباه بأي حركة مريبة نقوم بمعالجة الأمر، أو نبلغ قوى الأمن».

1262 موقوفاً في شهر واحد

وبسبب أزمة الثقة بين المواطن اللبناني ومؤسسات الدولة، ومنها المؤسسات الأمنية، تشكّل مساران منفصلان لاستعادة ما تتم سرقته. فالبعض يلتزم الطرق القانونية من خلال تقديم شكوى وتسجيلها لدى المخفر، وإنتظار ما تؤول اليه التحقيقات. والبعض الآخر يفضل التعاون مع اللجان البلدية، أو الحزبية لجمع الأدلة وتتبع أثر السارقين.

أما القوى الأمنية، ورغم الامكانيات المحدودة، فلم تتوانَ عن القيام بالحد الأدنى من واجباتها، وكثفت جهودها لتعقب المجرمين، في ظل تزايد حوادث السرقة والنشل والسلب في مختلف المناطق. وكان قد صدر بلاغ عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة، أعلنت فيه أنها تمكّنت خلال شهر آب من إلقاء القبض على 1262 شخصاً بجرائم مختلفة منها: قتل ومحاولة قتل، وسرقة، وسلب، ومخدرّات، وتهريب أشخاص، وإطلاق نار، وعنف أسري، وغيرها... ومن بين هؤلاء 292 شخصاً من جنسيات مختلفة مشتبه فيهم بتنفيذ سرقات متنوعة. وأودع الموقوفون المرجع القضائي المختص بناء على إشارته. وقد تنوعت السرقات بين السيارات، والبطاريات، والكابلات، والأموال والهواتف وغيرها.

عقوبة السارق تصل الى 10 سنوات حبس

يميّز القانون اللبناني بين الجنحة والجناية في ما خص السرقة. فالسرقة هي في الأصل جنحة، إلا أن بعض الظروف التي إذا ما ترافقت معها قد تجعل منها جناية. فيعاقب على السرقة بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى سبع سنوات، وقد تصل العقوبة إلى عشر سنوات. فمن أقدم - على سبيل المثال - على سرقة سيارة أو مركبة برية، أو حدثت السرقة بفعل شخص مقنّع أو يحمل سلاحاً ظاهرياً أو خفياً، أو أقدم على سرقة أموال، أو على موظف عام، أو قام بإستعمال العنف، فإنه يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات. أما إذا أقدم الفاعل على قتل إنسان لسبب ذي صلة بالسرقة المذكورة، فيعاقب بالإعدام.

من أهم عناصر إثبات جريمة السرقة هو توفّر النية الجرمية لدى الفاعل. فقد يقدم على أخذ ما يعتقد أنه ملكه، أو مهمل، أو لا مالك له. وفي حال أثبت الفاعل عدم توفّر النية الجرمية فإنه لا يسأل جزائياً عن جرم السرقة.

سمر فرحات - الأخبار

يقرأون الآن