عن

سواء انخفضت أسعار النّفط العالمية، أو استقرّت، في أي فترة من الفترات، فإنه ما عاد بإمكان المواطن اللبناني إلا أن يتكبّد خسائر "مُشتهى" دولار "السوق السوداء" في لبنان، للحصول على محروقاته.

وسواء انخفضت أسعار القمح، والحبوب، والأغذية، والأدوية، والمستلزمات الطبية... العالمية، أو لا، فإنه ما عاد يُمكن للّبناني إلا أن يحصل على رغيفه، وطعامه، وشرابه، وعلاجاته... إلا بحسب متطلّبات "شهوات" الدولار "الأسود".

هويّة تغيّرت

أفما تكون هويّة لبنان الاقتصادية تغيّرت في تلك الحالة؟ وهل ان ما تبقّى من نظام اقتصادي حرّ في البلد، هو حرّ بالفعل، أم اننا تحوّلنا الى "عبيد" للسوق السوداء، في طعامنا، وشرابنا، وصحتنا، وتعليمنا... وصولاً الى أبسط حاجاتنا حتى؟ وما هي المنفعة من ترك لعبة الاقتصاد الحرّ "فلتانة" بهذا الشّكل، ومن دون أي تدخّل رسمي للَجْم إدخال دولار السوق السوداء إليها بهذا الشّكل، بحجّة الحرية، والحفاظ على هويّة لبنان الاقتصادية الحرّة، طالما أننا أصبحنا عبيداً لكلّ ما هو غير شرعي، ومن دون هويّة اقتصادية فعليّة وفعّالة، على أرض الواقع؟

لن نصدّق

لا نصدّق أن الدولة عاجزة عن فعل شيء، لوقف مفاعيل جحيم دولار السوق السوداء. ولا نصدّق أن حكومة في دولة لا تزال قائمة، عاجزة عن التدخُّل في السوق، والاقتصاد، بالكامل، والى هذا الحدّ المُخجِل، للجَم الانهيار المالي.

لا نصدّق، ولن نصدّق، مهما كثُرَت تبريرات البعض، وشروحاتهم، التي تلمّع صورة تكاسُل السلطة الحاكمة عن فعل شيء.

فالحقيقة هي أنكم لا تريدون، وليست أنكم لا تستطيعون. ونقطة في آخر السطر، لا "على السطر".

إفقار الناس

شدّد النائب السابق محمد الحجار على أنه "عندما تكون الوصفة واضحة، وهي تلك التي تعتمدها كل دول العالم عندما تقع في مشاكل شبيهة بما نحن فيه حالياً، تُصبح الدولة اللبنانية مُلزَمَة باتّباعها، وهي تطبيق الإصلاحات، والاتّفاق مع المؤسّسات المالية الدولية، بدءاً من "صندوق النّقد الدولي". ولا خيارات آخرى، غير ذلك".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "رفض تنفيذ القرارات الواضحة والمُناسِبَة، في هذا الإطار، يعني أن هناك من يريد إفقار لبنان، والناس، وخَلْق مجاعة في البلد".

تلاقي مصالح

وذكّر الحجار بأن "قانون "كابيتال كونترول" مثلاً، الذي أنهينا دراسته منذ ولاية برلمان 2018، والذي لم يسلك طريقه بنجاح حتى الساعة، بالاعتماد على حجج كثيرة ومختلفة في كل مرّة، يضع كل الأطراف وسط علامات استفهام كثيرة".

وأضاف: "تحمّل تيار "المستقبل" مسؤوليّته، كفريق سياسي. وعندما رأينا أن لا مجال لفعل شيء، وأن لا حياة لمن تُنادي، خرجنا من المشهد، ولم نشارك في الانتخابات النيابية، وعلّقنا العمل السياسي، لأننا لا نريد أن نكون شهود زور. بينما بقيَ غيرنا، وخاض الانتخابات على أساس شعارات كثيرة. ولكن ماذا يفعلون الآن؟ هذا يعزّز فرضيّة أن هؤلاء كلّهم داخل لعبة الانهيار الحاصلة".

وختم: "يوجد من يشارك بالمؤامرة على البلد والناس بشكل مباشر، وهناك من يشارك فيها بطريقة غير مباشرة، بحجج جاهزة، وشعبوية كثيرة، وكأن لا انهيارات كبرى في لبنان، وكما لو أن الناس لا يتألّمون الى أقصى حدّ، وسط النّغمة السابقة نفسها التي تتحكّم بكل شيء، والتي تجعلك تفكّر بأن هناك من يريد أن يكفّر الشعب ببلده، وبكلّ شيء. وها نحن نعيش الآن وسط لعبة مُرعِبَة من تلاقي المصالح بين كلّ تلك المجموعات".

أنطوان الفتى - أخبار اليوم

يقرأون الآن