لبنان

المصوّر الشخصي لبشار الأسد في لبنان؟!

المصوّر الشخصي لبشار الأسد في لبنان؟!

أفادت تقارير إعلامية حديثة عن تواجد عمّار عبد ربه، المصوّر الشخصي للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، في لبنان.

وتثير هذه التطورات تساؤلات عديدة حول دور القضاء اللبناني، حيث يطرح الكثيرون سؤالًا ملحًا: متى سيتخذ القضاء الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين الذين سمحوا لداعمي النظام السوري، مثل عمّار عبد ربه، بدخول لبنان وتوفير ملاذات آمنة لهم؟

عمار عبد ربه

أمضى المصور السوري عمار عبد ربه، 20 عاماً من حياته وهو يصور النخبة الحاكمة في سوريا، معاصراً حقبة الرئيس السابق حافظ الأسد ثم ابنه بشار قبل أن يأخذ موقفاً حاسماً بالوقوف إلى جانب الشعب السوري في ثورته ضد الدكتاتورية، وهو تحول لم يعجب النظام السوري بطبيعة الحال لأنه لم يتمكن من ضم شخص رافق العائلة الحاكمة طوال سنوات ملتقطاً أبرز صور حزنها وفرحها وبطشها على حد سواء، وبالتالي لم يدرج هذا المصور في حملة البروباغندا الرسمية.

وكشف عبد ربه في لقاء مع موقع "سيريا ديبلي" الأميركي، للمرة الأولى، كواليس صناعة البروباغندا الرسمية، وتفاصيل عن التفضيلات الشخصية لكل من الرئيسين حافظ وبشار الأسد والاختلاف في نظرتهما للتصوير والإعلام، مع كره الأب للصور الشخصية الحميمة وتفضيله الصور الجدية التي تظهره بحزم وقوة، وهي النقطة التي نسفها الابن بعد وراثته للرئاسة العام 2000 بتفضيله الصور "العفوية غير الرسمية"، بما في ذلك الصورة الشهيرة التي التقطه عبد ربه بنفسه لبشار وهو ينتحب فوق قبر والده.

ويؤكد عبد ربه أن بشار كان مهتماً حقاً بتصوير نفسه بشكل مختلف عن التصوير الرسمي، وكان في بداياته يعارض التقاط أي صور "بورتريه" تقليدية له، ومن أجل ذلك، طرد المصورين القدامى المتبقين من حقبة والده والذين خدم بعضهم في القصر الجمهوري لثلاثين عاماً، وأحضر عدداً من المصورين الشباب لتقديم الأشياء بطريقة جديدة، علماً أن الأسد يتحدث دائماً في لقاءاته الإعلامية، مع الصحف الغربية تحيدداً، عن هواية التصوير التي مارسها منذ طفولته حينما كان يمتلك مختبراً لتحميض الصور في منزله.

ولم يكن العام 2000 عابراً في سوريا، ليس لأنه يوم وفاة حافظ الأسد ووصول بشار إلى الحكم فقط، بل لأنه العام الذي شهد أيضاً وصول الكاميرات الرقمية إلى البلاد، وكان بشار متحمساً للتصوير الفوتوغرافي. وخلال رحلات مختلفة إلى دمشق، بين العامين 2001 و2002، التقى عبد ربه، بالأسد وزوجته أسماء، ولم يخل أي لقاء بينهم من أسئلة الأسد التقنية عن آليات التصوير الجديدة، مثل كيفية التعامل مع الإضاءة والكاميرات المختلفة، والأهم من ذلك كيفية إيصال رسائل محددة من خلال الصور، لتتوطد العلاقة بين الرجلين على أساس الاهتمام المشترك بالتصوير.

وأسس الأسد لنوع مختلف من البروباغندا الأسدية. ففي العام 1990 مثلاً، وهو العام الذي التقط فيه عبد ربه، أولى صوره الخاصة لحافظ الأسد، لم يكن هنالك أي صور للرئيس الراحل وهو يضحك أو يلوح بيديه أو يقوم بأي فعل إنساني، لكن بشار قدم سياسة مزدوجة في صناعة البروباغندا، حيث احتفظ بتلك السياسة الصارمة في الصور الموجهة للشعب السوري التي يجب أن تظهره كقائد قاس يحكم البلاد بقبضة حديدية من دون رحمة، عبر صوره الرسمية الجافة، بموازاة حرصه على تقديم رسالة أخرى للغرب على أنه رجل وزوج وأب ورئيس لطيف في الوقت نفسه، عبر صوره مع زوجته أسماء وابنه حافظ أو صوره وهو يقود سيارته بمفرده على سبيل المثال.

وفي لقاء مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" يؤكد عبد ربه على هذه المفارقة مطولاً، حيث منعت مجلة "لها" التي نشرت صور الأسد مع عائلته العام 2001 من دخول البلاد لأن تلك الصورة للرئيس اللطيف يجب أن تبقى بعيدة عن عيون السوريين من منطلق ضرورة حكمهم بالقوة كي لا يتمردوا لاحقاً. علماً أن المصور السوري الذي توقّف عن تصوير الأسد وعائلته بعد اندلاع الحرب في البلاد، أخذ على عاتقه تفسير الرسالة الخاصة لكل صورة يوصلها للعالم، وما معنى أن يكون الأسد في كل صورى ضاحكاً أو غاضباً أو مسلياً، وغيرها من الحالات الانفعالية.

ويؤكد عبد ربه أنه، وغيره من المصورين، لم يكونوا يختلقون تلك الصور بل كانت صوراً عفوية يتم ترويجها لاحقاً لأغراض سياسية، بما في ذلك صور الأسد وهو يقود سيارته بمفرده أو صور زوجته أسماء التي نشرتها مجلة "فوغ" قبل أشهر من انطلاقة الثورة السورية، وأن تلك العفوية كانت انطباعاً سائداً عن الأسد في أعقاب تسلمه للسلطة، عطفاً على دراسته في لندن وتأثره بالأجواء الغربية، فضلاً عن زواجه بامرأة من الطائفة السنية ما أشاع حالة من الرغبة في تصديق بأن سوريا لا تسير نحو نفق مظلم تنهار في نهايته، بل أن الأسد سوف يقوم بإصلاحات حقيقية تقرب البلاد من الحياة الغربية أكثر، وهو أمر لم يحصل يوماً.

يقرأون الآن