مربكٌ هو المشهد الرئاسيّ. وعلى الرغم من إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأسابيع الماضية أنّ جلسة الغد ستحمل رئيساً، إلا أن المؤشرات السياسية تميل إلى أنّ جلسة الخميس ستكون بلا رئيس في حال لم يستجدّ أي أمر يغير المعادلات.
لم يرفع الثنائي الشيعي أي "فيتو" في وجه اسم قائد الجيش العماد جوزف عون. لكنّ الثنائي في العمق يريد مكاسب ومطالب وضمانات كي لا يكون انتخاب عون "مجانياً".
بحسب مصادر سياسية مطلعة تحدثت ل"وردنا" فإنّ الثنائي الشيعي أمل - حزب الله يفاوضان المبعوث الأميركي آموس هوكستين حول سلة مطالب تتضمّن الآتي:
1- حصر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة جنوب نهر الليطاني.
2- ضمانات أميركية حول مساهمة الولايات المتحدة والدول العربية في إعادة الإعمار والسماح للحزب بإدخال كمية من الأموال من إيران للغاية نفسها.
3- ضمان أن تكون وزارة المالية من حصّة الثنائي الشيعي في أي حكومة مقبلة. إذ إن الثنائي يدرك أن لا ثلث معطّل في الحكومة المقبلة، خصوصاً أن التيار الوطني الحر سيكون في صفوف المعارضة في حال انتخاب جوزف عون رئيساً. وبالتالي يريد الثنائي المالي عوضاً عن الثلث المعطّل.
4- أن يشارك الثنائي في تسمية قائد الجيش المقبل، إذ إنّ الثنائي يعتبر أنه قدّم تنازلاً بقبوله تطبيق القرار 1701 في منطقة جنوب الليطاني، وبالتالي يريد قائداً للجيش لا يتصادم معه الحزب.
لم تكن مطالب الثنائي الشيعي سهلة عند الأميركيين الذين يصرّون على دعم انتخاب عون من دون مقابل سياسي. فهم يعتبرون أنّ الحزب وإيران هزما في لبنان والمنطقة، وأنّ اقتراب موعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض بعد أسبوعين سيكون عامل ضغط إضافي على الثنائي.
ويشير مصدر أميركي مسؤول ل"وردنا" أنّ اتفاق وقف إطلاق النار ينص بوضوح على كامل الأراضي اللبنانية بما فيها منطقة شمال الليطاني، وبالتالي فإنّ كلام هوكستين من دارة النائب فؤاد مخزومي حول تطبيق الاتفاق في شمال الليطاني أيضاً هو بمثابة ردّ على سلّة مطالب الثنائي الشيعي.
ويؤكّد المصدر أن واشنطن تعتبر أنّ جوزف عون هو الاسم الابرز الذي يلاقي مواصفات الخماسية، لكنّها في الوقت عينه لا تمانع وصول شخصيات تحمل نفس المواصفات مثل الوزير السابق جهاد أزعور أو النائب نعمت افرام.
قبل أيام من وصول الموفد السعودي الأمير يزيد الفرحان والمبعوث الأميركي آموس هوكستين، حاول الثنائي القيام "بتهريبة رئاسية".
وفي معلومات خاصة ب"وردنا" فإنٍ رئيس مجلس النواب نبيه بري أوفد معاونه السياسي النائب علي حسن خليل ليقوم بجولة على الكتل النيابية لطرح اسم اللواء الياس البيسري. وبالفعل استطاع علي حسن خليل تأمين ما يزيد عن 70 صوتاً للبيسري موزعة كالآتي:
- الثنائي الشيعي 30 صوتاً
- التيار الوطني الحر 13 صوتاً
- حزب الطاشناق 3 أصوات (صوتان وصوت الوزير جورج بوشيكيان الذي انفصل عن الكتلة)
- المردة وميشال المرّ 4 أصوات.
- كتلة الاعتدال 6 أصوات.
-كتلة التوافق الوطني 5 أصوات.
- كتلة المنشقين عن التيار الوطني الحر 4 أصوات.
- 5 أصوات من التغييريين.
- و5 أصوات من المستقلّين الذين لا ينضوون تحت كتل نيابية.
لكنّ زيارة الموفد السعودي الأمير يزيد الفرحان وحديثه أمام النواب، وخصوصاً السنة منهم حول أنّ المواصفات الرئاسية تنطبق على اسم قائد الجيش العماد جوزف عون وأنّه لم ينسّق أحد مع المملكة حول اسم اللواء الياس البيسري قطعت الطريق أمام محاولة الثنائي.
وبناءً على ذلك، عاد الانقسام بين الكتل حول اسم الرئيس، وما هو شبه مؤكد حتى الساعة أنّ أحداً من الأسماء المرشحة وهي: جوزف عون وجهاد أزعور والياس البيسري وزياد بارود لا يملك في سلته الانتخابية لا 86 صوتاً التي تخول المرشح الفوز من الجولة الأولى، ولا عتبة ال65 التي يحتاجها أي مرشح، سوى قائد الجيش، للفوز من الجلسة الثانية.
وبالتالي، فإنٍ عدم انتخاب رئيس سيجعل لبنان مكشوفاً ويفتح الباب أمام جميع الاحتمالات في الأسبوعين المتبقيين قبل دخول ترامب البيت الأبيض. فهل تنجح المساعي السياسية لملئ الفراغ الرئاسي قبل مجيء ترامب؟ أمّ أنّ موعد 21 كانون الثاني سيقلب جميع الموازين؟.