إذا صحّت التوقعات ونجحت المساعي في اخراج حكومة «منقّحة» الى النور، وهذا كان بحكم المؤكد حتى ساعات ليل أمس، يكون شهر تشرين الأول حافلاً بأمور عدة صارت واقعاً. بينها والأهم اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وعودة مرحلية للنازحين السوريين الى ديارهم، واستكمال الخطوات التشريعية المطلوبة ومنها قانون السرية المصرفية الذي أقر بالتعديلات التي أضيفت عليه. اذ ينقل عن المستشار الرئاسي الفرنسي بيار دوكان قوله إنّ العهد نجح في اتمام انجازين هما الترسيم البحري، واقرار قانون السرية المصرفية.
وفي تشرين أيضاً ثمة معلومات تتحدث عن ترسيم بحري مع قبرص وسوريا ستنطلق خطواته الاولى في غضون أيام. اذ تلقى الرئيس اللبناني ميشال عون رسالة من قبرص تتمنى فيها لو يحرّك لبنان ملف ترسيم الحدود البحرية مع قبرص وسوريا عما قريب، فيما رد لبنان كان ايجابياً، وهناك خطوات جدية ستتم المباشرة بها عما قريب حيث سيزور وفد قبرصي لبنان لهذا الغرض.
اما الترسيم على الحدود البحرية مع اسرائيل فسيتم تكريسه رسميا في السادس والعشرين والسابع والعشرين من الجاري. وان كان توقيعه لن يكون مباشراً، او مشابهاً لتوقيع الاتفاقيات بين الدول لكنه سيكون يوماً مفصلياً للبنان. ستكون بداية خروج لبنان من ازمته انطلاقا من وعود الوسيط آموس هوكشتاين بعودة الكهرباء عما قريب الى لبنان. ما يعني أن الإنقطاع كان بقرار سياسي قبل أن يكون تقنياً. ومن خلال الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية سيكون لبنان على موعد مع تثبيت الأمن على طرفي حدوده لوجود مصالح اسرائيلية يصعب المس بها. والاهم أنّ لبنان ولو بعد حين، سينضم حكماً الى نادي الدول النفطية.
في السادس والعشرين من الجاري يصل الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين الى بيروت حاملاً صيغة الاتفاق النهائية. يتوجه الى بعبدا ويطلع رئيس الجمهورية على كافة التفاصيل المتعلقة بيوم التوقيع المقرر في اليوم الثاني لزيارته اي في السابع والعشرين من الجاري. وفي المعلومات أن هوكشتاين قد يزور اسرائيل للغاية نفسها وهو سيطلع لبنان على طبيعة الوفد الاسرائيلي الذي سيشارك في الناقورة ليكون تمثيل لبنان مماثلاً لمستوى التمثيل الاسرائيلي.
وفي اليوم الثاني يتوجه هوكشتاين الى الناقورة لينضم الى الوفدين اللبناني والاسرائيلي. تحت علم الامم المتحدة وبحضور قائد اليونيفيل سيوقع الوفدان اللبناني والاسرائيلي نص الاتفاق بشكل منفصل. يجلس الوفد اللبناني في غرفة بينما يجلس الوفد الاسرائيلي في غرفة اخرى منفصلة، لا يلتقيان ولا يتبادلان الحديث ثم يقوم كل طرف بتوقيع نص الاتفاق منفرداً ويسلمه الى الوسيط الاميركي. وباشرت الأمم المتحدة اعداد المقر لإستضافة الوفود المشاركة.
لن يظهر توقيع لبنان الى جانب التوقيع الاسرائيلي على ورقة واحدة بل كل منهما سيوقع على ورقة منفصلة ولا حاجة الى عرض الإتفاقية ومناقشتها في مجلس الوزراء او البرلمان لأنه لا مسّ بالخط 23 المعتمد في الامم المتحدة والذي سبق ووقعه لبنان العام 2011.
حتى الساعة، وفي انتظار تبلغه طبيعة التمثيل الإسرائيلي فإن لبنان لم يحسم اسماء وفده بعد ولو أن اسماء كثيرة صارت قيد التداول مع احتمال أن يتشكل وفد تقني عسكري يتمثل فيه موظفون اداريون من الفئة الاولى، لكن الاشكالية تكمن في حال كان الوفد الاسرائيلي ممثلا بوزيرالكهرباء فهل يقبل لبنان برفع المستوى ليكون تمثيلاً سياسياً رسمياً على هذا المستوى؟ القرار رهن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيقرر بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب والحكومة أسماء الوفد.
وكما في الاسماء، فالتوقيع الاولي الذي يسبق توقيع الوفد في الناقورة ليس محسوماً بعد. فهل يوقع رئيس الجمهورية الرسالة كونها موجهة الى الامم المتحدة انطلاقاً من موقعه كحامي الحدود كما ورد في الدستور، أم سيكتفي بتوقيع اعضاء الوفد في الناقورة؟
أما لجهة الإتفاق الموقع مع شركة «توتال انرجي» فلا حاجة لإعادة التوقيع مجدداً لأن العقد الموقع ساري المفعول ولن تكون هناك حاجة لاعادة عرضه على مجلس الوزراء. وتجزم مصادر معنية بالملف أن لا جديد بل هناك تعديل للعقد في البلوكين 4 و 9 من أجل تعديل النسب بعدما خرجت شركة نوفوتيك الروسية وهذا يلزمه موافقة استثنائية أي إنها إجراءات قانونية وادارية ضرورية لمواكبة التنقيب المضمون في إتفاق الترسيم وأن الشركة ستكون مجبرة بموجب العقد الموقع على استكمال عملية التنقيب الى حين العثور على الغاز واستخراجه.
اذاً هي «إنجازات تشرين». اذا تحققت ستكون بداية الخروج من النفق وإن كان خروجاً بطيئاً.
غادة حلاوي - نداء الوطن