وقد وجد الباحثين أنه حتى في ظل وجود مستويات منخفضة من النترات، أي حوالي نصف المستوى المسموح به الذي حددته وكالة حماية البيئة الأمريكية في مياه الشرب، يمكن أن تسبب آثاراً سلبية على صحة واكتمال نمو الجنين، وقد قالت (السيدة فانيسا كوفمان)، أخصائية أبحاث زائرة في (كلية الصحة العامة جامعة إيلينوي): " في حين أن تأثيرات مستويات النترات المرتفعة على صحة الرضع معروفة،
فقد تم إجراء القليل من الأبحاث حول تأثير المستويات المنخفضة من النترات في مياه الشرب على الأطفال، وهذه فجوة بيانات مهمة إذا ما أردنا تقييم مدى كفاية وفعالية المعايير الحالية المحددة لمستويات النترات في مياه الشرب " تجدر الإشارة إلى أنه غالبا ما تتلوث مياه الشرب بالنترات عندما تتسرب الأسمدة إلى مصادر مياه الشرب، كما أن المستويات العالية من النترات في مياه الصنبور يمكن أن تسبب ميتهيموغلوبين الدم للرضع، وهي حالة مرضية قاتلة تعرف باسم متلازمة الطفل الأزرق، حيث يتحول جلد الطفل إلى اللون الأزرق بسبب منع النترات كرات الدم الحمراء من حمل الأكسجين. ولهذا السبب، حددت وكالة حماية البيئة الأمريكية معايير خاصة بمستويات النترات في مياه الشرب عند 10 أجزاء في المليون، بهدف تقليل خطر إصابة الأطفال الرضع بمتلازمة الطفل الأزرق، ففي أكبر دراسة للعلاقة بين النترات في مياه الشرب ووزن الأطفال عند الولادة، راجعت كوفمان وزملاؤها تعرض أمهات أكثر من 852،348 رضيع حي في الدنمارك لمستويات النترات في الفترة الواقعة ما بين 1991 إلى 2011، وقد ربطوا عناوين المنازل ببيانات النترات من قاعدة بيانات وطنية لمراقبة جودة المياه بالبيانات المأخوذة من السجلات الدنماركية المتعلقة بوزن الأطفال عند الولادة وطولهم ومحيط الرأس، حيث تقدم هذه السجلات موردا لا مثيل له لعلماء الأوبئة بسبب كونها الأكثر اكتمالاً ودقة في العالم، بالإضافة إلى الاعتماد على بيانات الرعاية الصحية الوطنية والتركيبة السكانية الفردية والبيانات البيئية التي تمتد لعقود من الزمن، وقد وجد الباحثين خلال الدراسة أن مستويات النترات في مياه الشرب التي تستهلكها الأم كانت مرتبطة بوزن الأطفال عند الولادة، لكن الاختلافات في الوزن كانت صغيرة نسبياً ولكنها مهمة، حيث كان الأطفال المولودين لأمهات قدر احتواء مياه الشرب الخاصة بهن على حوالي نصف المستوى المسموح به من النترات، أخف بمعدل 10 جرامات من الأطفال المولودين من غيرهم، كما ولاحظ الباحثين انخفاضاً في طول الجسم تزامنا مع زيادة تركيز النترات في مياه الشرب، بينما لم يلاحظوا حدوث أي تأثير على محيط الرأس، تقول كوفمان: " قد يكون الاختلاف في الوزن وطول الجسم صغيراً، ولكنه يمكن أن يكون له تأثير على الصحة إذا ما كان الطفل يعاني من نقص الوزن في الأساس لأسباب أخرى، حيث يعتبر وزن الولادة علامة مهمة للصحة، ويمكن أن يكون له تأثير مدى الحياة على الصحة والنمو أيضاً ".
المصدر: مجلة MedicalXpress