أوضح مصدر سياسي واسع الاطلاع لـ "الأنباء" ان عملية صياغة البيان الوزاري لحكومة العهد الاولى لن تأخذ وقتا طويلا، كونه سيكون مستوحى من خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ومن كلمتي رئيس الحكومة نواف سلام عند التكليف ومن ثم عند التأليف.
وقال المصدر سينطلق البيان الوزاري من انه على رغم الحروب والأزمات المتلاحقة، لا يزال لبنان صامدا بهويته الوطنية المتجذرة في تنوعه ووحدته.
وأكد المصدر ان البيان سيقارب الأزمة التي يعيشها لبنان، ولن يعتبرها مجرد أزمة حكم أو إدارة، بل هي أزمة ثقة بين الدولة والمواطنين، تكرست بفعل الفساد المستشري، وسوء إدارة الموارد، وغياب الرؤية الاقتصادية المستدامة.
من هنا، فإن إعادة بناء لبنان الجديد تبدأ بتفعيل صلاحيات الدولة، وتعزيز استقلالية القضاء، وإعادة هيكلة الإدارة العامة، بحيث تصبح المؤسسات أكثر كفاءة وخالية من التدخلات السياسية والطائفية، كما أن تقوية الجيش اللبناني ضرورة وطنية، ليس فقط لحماية الحدود ومنع التهريب ومكافحة الإرهاب، بل أيضا لفرض سلطة الدولة على كامل أراضيها، وفق استراتيجية دفاعية متكاملة تمكن لبنان من إزالة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن سيادته، مع الالتزام الكامل بتنفيذ القرار 1701، لما يشكله من عنصر أساسي في تثبيت الاستقرار في الجنوب.
وأشار المصدر إلى ان تناول التنمية الاقتصادية في البيان الوزاري، سيكون من انها تحتاج إلى رؤية إصلاحية قائمة على بناء دولة حديثة، تعتمد على الشفافية وتحقيق مبدأ المواطنة، وتعزيز اللامركزية الإدارية، مع ضمان استقلالية القضاء وفعالية المؤسسات الأمنية.
ولا يمكن الحديث عن أي إصلاح اقتصادي جدي من دون مكافحة الفساد، إذ إن استعادة الثقة الداخلية والخارجية بالدولة تبدأ من محاسبة الفاسدين، وتأمين العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت، وإنصاف المودعين الذين نهبت أموالهم في واحدة من أكبر الأزمات المالية في تاريخ لبنان. هذه الملفات ليست مجرد قضايا عابرة، بل هي اختبارات حقيقية لمدى قدرة الدولة على استعادة دورها وهيبتها.
ورأى المصدر ان التحدي الآخر في البيان الوزاري الذي لا يقل أهمية هو ملف التوطين، الذي يشكل تهديدا للتركيبة الوطنية اللبنانية. لذا، فإن أي مقاربة لهذا الملف يجب أن تستند إلى رؤية وطنية تحفظ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتؤكد على رفض توطينهم، التزاما بالدستور اللبناني ومقررات جامعة الدول العربية.
وفي السياق عينه، ينطبق الأمر نفسه على النازحين السوريين الذين فقدوا أي مبرر لبقائهم في لبنان، كما إن تعزيز علاقات لبنان العربية والدولية ضرورة ملحة، ليس فقط من أجل الدعم الاقتصادي، ولكن أيضا للحفاظ على استقلالية القرار الوطني، بعيدا من الاصطفافات التي أضعفت الدولة وزادت من هشاشتها أمام الضغوط الخارجية.
ولفت المصدر إلى انه على صعيد الإنماء، فإن مقاربة البيان الوزاري لهذا الملف الملح ستنطلق من ان إعادة إعمار المناطق المتضررة في الجنوب والبقاع وبيروت ليست خيارا، بل هي واجب وطني يجب تنفيذه بعيدا من الحسابات السياسية والمزايدات.
فهذه المناطق دفعت أثمانا باهظة نتيجة الحروب والاعتداءات، وأبناؤها يستحقون العيش بكرامة في بيئة تتوافر فيها أبسط مقومات الحيا.
وبحسب المصدر سيكون للشباب حيز مهم في البيان الوزاري، لأن المستقبل في لبنان مرهون بقدرته على احتضان شبابه، ومنحهم فرصا داخل وطنهم، بدلا من دفعهم إلى الهجرة.
فالإصلاحات يجب أن تواكب تطلعات الأجيال الصاعدة، عبر خلق بيئة اقتصادية مشجعة للاستثمار، وتوفير التعليم الحديث وفرص العمل، لضمان عدم فقدان لبنان لأحد أهم موارده، وهو طاقاته الشابة.
ويرى المصدر ان الاهم الذي يجب ان يركز عليه البيان الوزاري هو ان الوحدة الوطنية هي المفتاح لإنقاذ لبنان. فلا يمكن النهوض بالبلد في ظل الإقصاء أو الاستئثار بالسلطة.
المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة تعاون وتكامل بين كل المكونات، بعيدا من الصراعات العبثية، وبعيدا من تكرار أخطاء الماضي.. الإصلاح ليس قرارا آنيا، بل مسار طويل يتطلب إرادة سياسية حقيقية، ونهجا تدريجيا قائما على الواقعية والتخطيط السليم. التحديات كبيرة، لكن الفرصة لاتزال قائمة لإطلاق مسيرة بناء لبنان الجديد. لبنان القوي بسيادته، المزدهر باقتصاده، العادل بحكمه، والموحد بإرادة أبنائه بحسب "الأنباء" الكويتية.