دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

ما هي أسباب نتنياهو الخفية للقتال مجدداً في غزة؟

ما هي أسباب نتنياهو الخفية للقتال مجدداً في غزة؟

رغم إلحاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارته على تكرار فكرة أن سبب العودة إلى القتال في غزة، هو رفض حركة حماس المتكرر لإطلاق المزيد من الرهائن، فإن ثمة أسباباً أخرى لا تنقصها المعقولية، يرددها قطاع عريض من الشارع الإسرائيلي، في سبب العودة الإسرائيلية إلى الحرب، رغم ما تحمله من تهديدات خطرة لحياة باقي المحتجزين في القطاع.

من بين المفارقات أنه تردد على نطاق واسع، بين أهالي الرهائن الإسرائيليين، قبل فترة، مخاوف من عودة القتال إلى غزة خلال شهر مارس/آذار الجاري تحديداً، رغم الحديث وقتها عن محاولات تمديد اتفاق وقف إطلاق النار، حيث قال بعض المحللين إن نتنياهو سيعود حتماً إلى القتال، حتى يكتمل عقد حكومته قبل التصويت على الميزانية العامة المقررة يومي 25 أو 26 الشهر الجاري، لأنه في حال فشل تمريرها سيتم حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة ستؤدي غالباً إلى الإطاحة بحكومة نتنياهو.

مكافأة بن غفير

● مع عودة القتال إلى غزة، جواً وبراً، تلقى نتنياهو أولى المكافآت الداعمة لبقاء حكومته، حيث أعلن إيتمار بن غفير عودته مجدداً إلى الحكومة كوزير للأمن القومي، قبل أسبوع من التصويت الحاسم على الميزانية، في ظل صعوبات يواجهها الائتلاف الحكومي، لضمان الأغلبية، وتشكل هذه العودة نقطة حاسمة، لضمان تمرير الميزانية.

● بحسب بعض المحللين، فإن نتنياهو لجأ إلى تكيتك تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف القتال مع حماس، في محاولة لإنقاذ المزيد من الرهائن، دون الانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، وذلك على مدار الأسابيع القليلة الماضية بدعم من دونالد ترامب، لكن هذه الاستراتيجية باءت بالفشل، مع تمسك حماس بالمضي قدماً في تحقيق كافة الخطوات المتفق عليها دون تغيير، ومن ثم اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي للعودة إلى القتال دون تحرير باقي الرهائن.

● من بين الأسباب غير المعلنة لعودة القتال إلى غزة، بحسب تقرير لصحيفة هآرتس العبرية، اعتماد نتنياهو على وجوده في السلطة على دعم سياسيين متطرفين مثل بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والذين يتشدقون بما يصفونه بضرورة النصر الشامل على حماس، وهو ما لم يتحقق على مدار أكثر من عام من القتال، حيث فشلت أهداف الحرب حتى الآن، وبين هؤلاء من يحلم برؤية عودة المستوطنات الإسرائيلية إلى غزة بعد إخلائه من الفلسطينيين، وهو اعتبار يشمل ضمناً أن حياة بعض الرهائن قد تكون ثمناً مقبولاً لهذا الهدف.

ترامب سلاح ذو حدين

● مثّل الدعم الذي تلقاه نتنياهو من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقطة قوة في منحه حرية اتخاذ قرار العودة إلى القتال، لكن ذلك شكل انتكاسة واضحة لأهالي المعتقلين الإسرائيليين، حيث كانوا يراهنون بقوة على الإدارة الأميركية الجديدة في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، بعد ضغوطها الناجحة لإتمامه، لدرجة أن بعضهم قال في تصريحات صحفية إن:«ترامب يخشى أكثر من نتنياهو على أرواح أبنائنا المعتقلين في غزة»، وفقاً لصحيفة هآرتس.

● بدا أن إدارة ترامب تدعم قرار إسرائيل استئناف الهجمات واسعة النطاق، حيث صرّح البيت الأبيض بأن إسرائيل تشاورت مع الولايات المتحدة قبل شن هجومها، كما تجاوزت إدارة ترامب الكونغرس لتزويد إسرائيل بأسلحة بقيمة 4 مليارات دولار، وطرحت اقتراحاً جديداً لوقف إطلاق النار يخالف بشكل كبير الاتفاق المبرم في يناير.

● يقول ميتشل باراك، خبير استطلاعات الرأي والمحلل الإسرائيلي الذي عمل مساعداً لنتنياهو في التسعينات: «يبدو الأمر رائعاً، أن يكون الرئيس ترامب إلى جانبنا». لكنه وصف ذلك بأنه سلاح ذو حدين، مضيفاً أنه إذا غيّر ترامب موقفه، فلن يكون أمام نتنياهو خيار آخر، وسيضطر إلى تنفيذ وقف القتال والعودة إلى مفاوضات المرحلة الثانية.

● يرى خبراء إسرائيليون أنه في البداية بدا أن ترامب ومبعوثته ستيف ويتكوف كانا جادّين في إلزام نتنياهو بشروط الاتفاق الذي وقّعه، لكن بعد زيارته إلى البيت الأبيض في أوائل فبراير، بدأت الأمور تتغير، حيث رفض بعدها الوفاء بالتزامه ببدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، ثم انتهك بنداً آخر من الاتفاق مع رفضه سحب القوات الإسرائيلية من ممر فيلادلفيا، ثم لم يتحقق ذلك أيضاً في اليوم الثاني والأربعين من الاتفاق.

بدلاً من الإصرار على تنفيذ المرحلة الثانية، بدأت إدارة ترامب باقتراح صفقات أصغر تهدف إلى «تمديد» المرحلة الأولى، وهو أمر لا يظهر إطلاقاً في نص الاتفاق، كما رفضت حماس هذه المقترحات مراراً، ثم استأنفت إسرائيل الحرب.

المقامرة الجنونية

● يؤكد مراقبون إسرائيليون أنه حتى لو وجدت إلى جانب الأسباب السياسية، مبررات أمنية لاستئناف القتال، فإنّ ما يصفونه بـ«المقامرة الجنونية» التي أقدمت عليها الحكومة الإسرائيلية على حياة الرهائن الذين ما زالوا في غزة تُعدّ من أقسى المجازفات في تاريخ إسرائيل، كما اتهمت تقارير حكومة نتنياهو بأنها تُسيء معاملة عائلات الرهائن، ليس فقط بإظهارها اللامبالاة بل أيضاً بترديد أن «الضغط العسكري سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن».

● رغم زخم حركة المعارضة لعودة القتال في الشارع الإسرائيلي، فإنها بحسب وسائل الإعلام العبرية ربما أقل كثافة من سابقاتها، لكن العامل الفارق، أن كثيراً من الأسرى المفرج عنهم، أصبحوا يرددون بين ذوي الرهائن مدى الجحيم الذي كانوا يعيشونه في غزة وقت الغارات الإسرائيلية المكثفة، وكانت حياة الكثيرين منهم على المحك، فضلاً عن أعداد القتلى بين صفوفهم والذين استقبلت إسرائيل جثامين بعضهم وفي انتظار الباقي منهم.

● خلال الساعات التالية لعودة القتال، بدأ الرهائن الذين أُطلق سراحهم بفضل صفقة، واحداً تلو الآخر، بكتابة منشورات يائسة على وسائل التواصل الاجتماعي، داعين حكومة نتنياهو إلى التراجع عن قرارها والتركيز على إطلاق سراح باقي المحتجزين عبر المفاوضات، وليس من خلال عملية عسكرية تُشكل تهديداً كبيراً على حياتهم.

ما الخطوة التالية؟

● قد تشمل الخطوات التالية المزيد من الغارات الجوية المكثفة، إضافة إلى تنفيذ مناورة برية جديدة وواسعة النطاق في غزة، بقيادة رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، على أمل هزيمة حماس نهائياً، حيث صرح أن تنفيذ الخطة يتطلب عدة فرق عسكرية، وهذا يتطلب أيضاً استدعاءً واسع النطاق للاحتياط، لأول مرة في ظل ظروف لا يوجد فيها إجماع شعبي حقيقي على مبرر العودة إلى الحرب.

● من الأمور التي اتضحت جلياً من شهادات بعض الرهائن المفرج عنهم خلال الشهرين الماضيين أن حماس كانت تنقلهم بين مواقع مختلفة بشكل متكرر، ولم تكن لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية معلومات استخباراتية دقيقة عن أماكن وجود العديد منهم. هذا يعني أنه سيكون من المستحيل تنفيذ غارات جوية وعملية برية بثقة تامة بأن الرهائن الذين مازالوا أحياء من جملة 59 محتجزاً باقيين لن يتعرضوا للأذى.

● أمام هذه الأوضاع المقلقة، تجمع آلاف الإسرائيليين أمام مبنى البرلمان للمطالبة بتجديد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وللاحتجاج على الخطوات السياسية التي اتخذها نتنياهو، بما في ذلك إقالة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، في وقت يواجه نتنياهو اتهامات قوية من قبل المعارضة بتقديم بقائه السياسي ودعم حكومته اليمينية على مصالح إسرائيل وأرواح الرهائن.

● تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون وقفاً كاملاً للأعمال العدائية في غزة لضمان إطلاق سراح ما يصل إلى 24 رهينة على قيد الحياة وجثث أكثر من 30 آخرين لا يزالون في غزة، في وقت دعا بعض ذوي الرهائن إلى اقتراح التوجه إلى الحدود مع غزة وتشكيل حزام بشري لمنع الهجمات الإسرائيلية، وفقا لصحيفة "الخليج". 

يقرأون الآن