يكاد يكون المسجد الوحيد في العالم الذي تقام فيه الصلاة مرة واحدة كل عام، وتحديداً في الجمعة الأخير من شهر أغسطس، رغم مكانته الروحانية الكبيرة في القلوب، وبساطة تصميمه الآسر، وموقعه الاستثنائي الذي يخطف الدهشة من العيون.
إنه مسجد "كوشلات" الذي يقع شرقي دولة البوسنة والهرسك، جنوب شرقي أوروبا، بالقرب من مدينة "زفورنيك" على قمة جبلية وسط طبيعة ساحرة، ويعد أحد أقدم المساجد في البلاد، ويتميز بزخارفه البديعة، وارتفاعه الشاهق.
الطريق إلى المسجد طويل وشاق، حيث يتعين على المصلين السير على الأقدام صعوداً لمسافة طويلة بطريق ضيق ووعر، فضلاً عن طبيعته الجبلية، ما جعل إقامة الشعائر والصلوات به بشكل منتظم أمراً في غاية الصعوبة.
المسجد بناه العثمانيون في الفترة من 1460 إلى 1480 في إطار حروبهم الأوروبية العديدة في تلك الحقبة، لكنه تعرض للهدم على يد الصرب في سياق الحرب التي اندلعت في الفترة من 1992 حتى 1995، ليعاد ترميمه لاحقاً، ويٌفتتح في 2013، وتقام به صلاة الجمعة من كل عام.
وتعكس الصلاة في المسجد على هذا النحو الغريب والنادر رغبة مسلمي البوسنة في الحفاظ على هويتهم الثقافية، وإرثهم التاريخي، حيث أصبح المسجد بمثابة رمز للحفاظ على الهوية والصمود في وجه المحن على مر التاريخ.
تأتي إعادة ترميم المسجد وافتتاحه للصلاة مجدداً ضمن خطة طويلة الأمد تنتهجها السلطات البوسنية، بدعم من عواصم إسلامية، لإعادة تشييد مساجد تاريخية دمرتها الحروب والنزاعات خلال حقب سابقة.