أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أن "القوات ليست مجرد حزب، بل هي تاريخ بحد ذاته"، متوجهاً للمنتسبين الجدد الى الحزب بالقول: "هذا اليوم ليس معاملة إدارية، فلا تفكروا أنكم جئتم لتقديم طلب انتساب أو استلام بطاقة عضوية فحسب، كما لو أنكم تذهبون لاستخراج رخصة قيادة أو بطاقة رعاية صحية أو رخصة بناء أو ما شابه. ما يحدث اليوم ليس معاملة إدارية على الإطلاق، بل هو أبعد ما يكون عن ذلك". إنه يوم مميّز جدا في حياتكم. ومن لا يشعر بأن هذا اليوم استثنائي، عليه أن يعيد النظر في انتمائه، لأن هذا اليوم يشبه إلى حد كبير، وإن من بعيد ، لحظة استلامكم بطاقة هويتكم الوطنية".
كلام جعجع جاء خلال حفل تسليم البطاقات للمنتسبين الجدد، الذي أقامته الأمانة العامة للحزب في المقر العام في معراب، في حضور الأمين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، منسقي مناطق: البقاع الشرقي جورج مطر، عاليه طوني بدر، بيروت ايلي شربشي، البقاع الغربي - راشيا ملحم منصف، زحلة ألان منيّر، رئيس مصلحة النقابات طوني نون، رئيس جهاز الإدارة نهرا بو يونس، رئيس مكتب الإنتسابات جان نصرالله، رئيس الجامعة الشعبيّة مارون عكر وعدد من رؤساء المراكز ومكاتب الإنتساب ومكاتب التنشئة السياسيّة والمنسقيات.
وكان قد استهل جعجع كلمته بالقول: "صراحة، القوات اللبنانية باتت تاريخا قائما بحد ذاته. وأود أن أذكّركم جميعاً بأن في مثل هذا اليوم من العام الماضي، بلغ عمرنا الفعلي خمسين عاما، أي نصف قرن. ونصف قرن يعني تاريخاً حقيقياً، خصوصا عندما تكون هذه الخمسون عاما مليئة بالأحداث كما شهدناها منذ العام 1975 وحتى اليوم".
ولفت إلى أنه "في مناسبة كهذه، أحتار من أين أبدأ، لأن القوات اللبنانية ليست مجرد حزب، بل هي تاريخ بحد ذاته. لقد استمعت إلى رفيقنا مارون عكر وهو يتحدث عن الفكر، وهذا أمر مهم جداً، لكنه يبقى جزءاً من تاريخ القوات اللبنانية. سمعت أيضاً الأمين العام يتحدث عن النظام الداخلي، وهو في الحقيقة تقدّم أُنجز خلال السنوات العشرين الأخيرة من عمر الحزب، لكنه يبقى مجرد إطار قانوني. أما القوات اللبنانية الفعلية، فهي تلك المجموعات من الشباب التي تكوّنت تلقائياً في العام 1975 للدفاع عن أرضها وقراها، من دون أي أهداف بعيدة أو نظرية، إنما كان فعلا مباشرا، انتهى بنا إلى وجود حزب القوات اللبنانية".
تابع:"أعود اليوم، في هذه المناسبة، إلى الرفاق والرفيقات المنتسبين الجدد - لأنني أرى العديد من المنتسبين القدامى، وهذا أمر مشرّف طبعا لأقول لكم: اعتبروا أن هذا اليوم ليس يوماً عادياً في حياتكم. هذا اليوم ليس معاملة إدارية، فلا تفكروا أنكم جئتم لتقديم طلب انتساب أو استلام بطاقة عضوية فحسب، كما لو أنكم تذهبون لاستخراج رخصة قيادة أو بطاقة رعاية صحية أو رخصة بناء أو ما شابه. ما يحدث اليوم ليس معاملة إدارية على الإطلاق، بل هو أبعد ما يكون عن ذلك. إنه يوم مميّز جداً في حياتكم. ومن لا يشعر بأن هذا اليوم استثنائي، عليه أن يعيد النظر في انتمائه، لأن هذا اليوم يشبه إلى حد كبير، وإن من بعيد ، لحظة استلامكم بطاقة هويتكم الوطنية".
واضاف: "اليوم، أنتم تتسلّمون هوية جديدة، لا علاقة لها بالهوية البيولوجية أو الجغرافية. فالهوية البيولوجية نأخذها تلقائياً لأننا وُلدنا من أب وأم في مكان معين، فيُسجّل اسمنا ونُعطى بطاقة هوية على هذا الأساس. أما اليوم، فأنتم جئتم لتأخذوا بطاقة هوية من خياركم الحر مئة بالمئة. لم يُفرض عليكم ذلك، لا بالخَلقة ولا بالطبيعة ولا بالجغرافيا، بل هذا خيار إرادي صرف. هذه الهوية التي تنالونها اليوم، ترتبط بدوركم في الحياة وفي التاريخ، لا بالبيولوجيا أو الجغرافيا، بل بموقعكم من العالم ومن مصيره".
وقال: "هنا نصل إلى نقطة مهمة جداً: دوركم في الحياة. في الآونة الأخيرة، ليس في لبنان فحسب بل حتى في الغرب وكثير من دول العالم، تغيّر مفهوم الدور في الحياة. كثير من الناس، بكل أسف، أصبحوا يعيشون على هامش الأحداث، رغم أن حياتهم كلّها تتأثر بالأحداث. فكيف يعوّضون عن غياب هذا الدور؟ يعوّضون عنه بالتذمّر، وبالانتقاد، وبالحديث المستمر عن السياسيين الذين سرقونا وأساءوا الإدارة. يكرّرون الشكوى، طوال الليل، ثم ينامون ويستيقظون في اليوم التالي ليفعلوا الشيء نفسه. لكن أنتم اليوم مختلفون. أنتم تضعون أنفسكم في موقع التأثير على هذه الأحداث التي تؤثر في حياتكم. مثلاً، نعم، هناك من سرق أموالنا في المصارف، لكن لا يكفي أن نشتكي. المطلوب أن نتحرك، نعمل، ونتنظّم، كي لا يعود أحد ليسرق أموالنا وأموال الناس مجدداً. دوركم في الحياة شديد الأهمية. فإما أن نكون مثل أولئك الذين لا يفعلون شيئاً سوى المشاهدة والبكاء، أو نكون من أصحاب التأثير الذين يغيّرون مجرى الأمور ضمن نطاقهم".
وشدد على ان "هذه الهوية التي تنالون اليوم، تمكّنكم من التأثير على مجرى الأحداث التي تمسّكم وتمسّ حياتكم". وقال: "النقطة الثانية هي مسألة التاريخ. نحن جميعاً هنا جزء من تراكم طويل من الأجيال، أجيال تعبت وناضلت لتوصلنا إلى ما نحن عليه. وإن أردنا أن نراجع تاريخ عائلاتنا فحسب، سنكتشف أن كل واحد منا هو امتداد لسلسلة طويلة من التضحيات والمقاومة. وبالتالي، أمامنا خياران: إما أن نعيش في صلب التاريخ ونكمل ما بدأه أجدادنا، ولو لم يكونوا منتسبين حزبياً، إلا أنهم مارسوا ما نمارسه اليوم عن وعي، أو أن نعيش على هامش التاريخ".
وأشار إلى أنه "إذا راجعتم تاريخ البشرية، سترون أنه في كل مرحلة، يُذكر شخص أو اثنان أو ثلاثة، ومجموعة أو اثنتان، والباقي، رغم كثرتهم ، لا يُذكرون لأنهم عاشوا على الهامش".
وقال: "اليوم، الهوية التي تأخذونها هي قرار بالعيش في قلب التاريخ، والالتزام بمسيرة أجيال من المقاومين منذ 1500 سنة حتى الآن. هذه الهوية تعني أنكم لا يمكن أن تكونوا متفرجين على ما يحدث، بل يجب أن تكونوا فاعلين. يجب أن تدركوا أنكم اخترتم هذا الانتماء بإرادتكم، تماماً كما اختار الشهداء مصيرهم، لأنهم ذهبوا إلى الموت عن سابق تصور وتصميم. لم يموتوا بالصدفة أو بسبب الفقر أو الإهمال، بل ذهبوا إلى المعركة مدركين أنهم قد يُستشهدون".
تابع:"لذلك، ما تفعلونه اليوم، هو اختيار مماثل. أنتم تضعون المحبس لا في أصابعكم، بل في قلوبكم. هذا الالتزام سيرافقكم مدى الحياة، بإذن الله، وصولاً إلى تحقيق الأهداف التي لا نعمل نحن وحدنا لأجلها، بل نكمل فيها مسيرة أجيال سبقتنا منذ آلاف السنين".
وتطرّق إلى دور "القوّات"قائلا: "كلمة صغيرة أخيرة حول دور القوات اللبنانية: لتدركوا تماماً أين أنتم اليوم. إذا نظرنا إلى لبنان قبل ثلاثة أو أربعة أشهر ، رغم أن الوضع تحسّن قليلاً الآن ، وحذفنا القوات اللبنانية من المعادلة، فماذا كان سيبقى من لبنان؟ ماذا كان سيحدث في زحلة؟ وماذا كان سيحدث في جونية؟ وفي سائر المناطق؟ من كان سيبقى؟ لا أعرف، لكني أعتقد أن الوضع كان سيتغيّر كثيراً نحو واقع لا يشبه ما نطمح إليه".
وشدد على أنه "بانتسابكم اليوم، أنتم تضعون في أيديكم مهمة عظيمة، ليست عبئاً، بل شرفاً. لكنها تتطلب عملا كثيرا، وجهدا كبيرا. وفي نهاية المطاف، يمكن لكل واحد منكم أن ينام مرتاح الضمير، لأنه يقوم بما يجب أن يقوم به".
واعتبر أن "في المجتمع نوعين من الناس: من يمرّون من دون أن يتركوا أثرا، ومن يتركون بصمة في كل مكان. أنتم من الذين قرّروا أن يتركوا بصمة".
وختم: "أهنئكم فردا فردا على انتسابكم، وأطلب منكم أن تكونوا أوفياء لهذا الانتساب حتى اللحظة الأخيرة، كما كان رفاقنا الأوفياء منذ خمسين عاما حتى اليوم، أولئك الذين وصلوا إلى الاستشهاد، أو الإصابة، أو السجن، أو تعبٍ كبير، أو أي مصير قدّره الله لهم. فلنبقَ دائماً في قلب الخير، وسأراكم تباعاً على هذا الدرب الطويل".