نفذت وحدات من الحركات المحايدة المنضوية تحت الجبهة الثورية وتحالف تأسيس وقوات الدعم السريع عملية إجلاء واسعة شملت آلاف المدنيين العالقين في معسكري زمزم وأبو شوق وأحياء أخرى في الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، التي تشهد توتراً كبيراً وأوضاعاً إنسانية خطيرة، وسط اتهامات للجيش والحركات المتحالفة معه باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023، قُتل عشرات الآلاف من المدنيين في إقليم دارفور والعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة ومدن أخرى في البلاد، كما فر أكثر من 15 مليون شخص من مناطقهم.
أوضاع قاسية
بعد رحلة استغرقت ساعات طويلة على ظهر شاحنات مفتوحة، وصل النازحون الذين شملتهم عملية الإجلاء إلى مناطق "طويلة" و"كورما" شمال شرق الفاشر. لكن بعضهم يعاني من أوضاع صحية قاسية جداً في ظل نقص حاد في الغذاء ومواد الإيواء.
ووفقاً لآدم إسحاق، البالغ من العمر 67 عاماً، فإن الأوضاع المأساوية التي واجهوها داخل الفاشر دفعتهم للاستجابة لخطة الخروج الآمن، مبدياً تخوفه من تعرض المناطق التي نزحوا إليها لأي هجمات.
وأكد الهادي إدريس، رئيس الجبهة الثورية، أن عملية الإجلاء لاقت استجابة كبيرة بعد الظروف الصعبة التي عاشوها داخل الفاشر، لكنه أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "هناك تحديات كبيرة تواجه العملية، خصوصاً الجوانب المتعلقة بتوفير الغذاء والدواء في مناطق الإيواء الجديدة، إضافة إلى توفير الحماية من أي هجمات جوية محتملة".
وفي ظل صعوبات كبيرة تواجه أنشطة المنظمات الدولية ونقص في التمويل يقدر بنحو 96%، أكد محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، في تنوير على قناة موقع المنظمة، أن "الوضع الحالي للنازحين في السودان يجسد أزمة نقص التمويل بالنسبة للناس على الأرض".
وحذر قائلاً: "لا يمكن الحفاظ على قدرة المنظمة… يجب أن يتوسع مستوى الاستجابة الحالي لتلبية الاحتياجات".
متطلبات قانونية
يلفت معز حضرة، الخبير في القانون الدولي الإنساني، إلى أن اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 تلزم أطراف الحرب بوضوح بحماية المدنيين وفتح مسارات آمنة لإجلائهم من مناطق القتال كما يحدث في الفاشر حالياً.
ويقول حضرة لموقع "سكاي نيوز عربية": "ظلت القوى المدنية منذ اندلاع القتال تطالب بتوفير مناطق آمنة للمدنيين، لكن التقاعس في هذا الجانب أدى إلى تفاقم الخسائر البشرية". ويضيف: "أعتقد أن الخطوة الحالية وإن جاءت متأخرة، إلا أنها ستسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بشرط التزام طرفي القتال بوقف أي هجمات أرضية أو جوية على المناطق التي تم إجلاء المدنيين إليها".
ويشير حضرة إلى أن الهجمات الجوية التي تستهدف السكان في إقليم دارفور تشكل الخطر الأكبر، معتبراً أن استمرارها يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحماية المدنيين والنازحين.