ردا على كل الجهود اللبنانية والدولية التي تُبذل لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتطبيق القرار "1701"، تأتي المواقف والحملات التي يطلقها مسؤولو "حزب الله" لتشوّش على هذا المسار الذي كان واضحاً بشأنه كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، اللذين يتمسكان في الوقت عينه بالحوار للتوصل إلى تفاهم داخلي بعيداً عن أي صدامات داخلية.
وكان لافتاً في الأيام الأخيرة المواقف الصادرة عن مسؤولي الحزب، والتي أتت بعدما أعلن رئيس الجمهورية أنه يسعى ليكون عام 2025 عام حصر السلاح بيد الدولة، مع تأكيده أن "التواصل قائم بين الرئاسة والحزب، والترجمة ظاهرة على الأرض، وأنه متّفق مع رئيس البرلمان نبيه برّي على كل المواضيع، وخصوصاً حصر السلاح بيد الدولة".
وبعدما هدد نائب رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله"، محمود قماطي، بقطع كل يد تمتد إلى "سلاح المقاومة"، جاء كلام النائب حسن فضل الله، ليصب في السياق ذاته حيث شنّ هجوماً على الدولة اللبنانية، معتبراً أن "العدو يستفيد من ضعف الدولة وعجزها وعدم قيامها بمسؤولياتها الكاملة في مواجهة الاعتداءات".
بعده مباشرة تحدث القيادي في الحزب وفيق صفا مجددا عن قطع اليد التي ستمتد لسلاح حزبه.
واليوم الجمعة كان كلام امين عام الحزب نعيم قاسم متناغما الى حد بعيد مع هذه الحملة والتي ترافقت مع اغتيال اسرائيل لمسؤولين في الحزب.
لكن هذه الرسائل التي يبعث بها مسؤولو الحزب عبر الإعلام، وتدور جميعها في فلك سحب سلاح الحزب والاستراتيجية الدفاعية، ترى مصادر وزارية لبنانية أنها "موجّهة إلى بيئة الحزب أكثر منها إلى الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي بعدما بات الجميع مقتنعاً بأن القرار قد اتُّخذ، ومسار حصر السلاح بيد الدولة قد بدأ"، واضعة ما يحصل في خانة "الاستهلاك المحلي تمهيداً لاستيعاب بيئة الحزب التبدلات التي تحصل، ورسائل للداخل بأننا موجودون"، واصفة المواقف بأنها "غير واقعية".
في الإطار كان واضحا جدا ما قاله الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط عن ان "حزب الله" انتهى عسكريا، وتحدث تلفزيونيا عن كواليس ما أسماها "أخطر مرحلة في تاريخ حزب الله"، معتبرًا أنّ فرضية "توازن الرعب" في ظل مواجهة الغرب وإسرائيل "غير دقيقة".
وأشار إلى حجم الاختراق الإسرائيلي الذي طال البنية الأمنية والعسكرية والتقنية للحزب في جنوب لبنان.
وكشف جنبلاط ملامح تطوّر الصراع بين المحور الإيراني والإسرائيلي في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.
وقال إنّ الخلاف الإستراتيجي الإسرائيلي الإيراني كبير جدًا، معتبرًا أنّ المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني لن تصل إلى أي "أفق سلمي".
وحذّر من حرب أميركية إسرائيلية طويلة على إيران والمنطقة، قائلًا: "أرى الحرب قادمة وستكون طويلة".
أضف الى كل ما تقدم ما شهدته مناطق جنوبي الليطاني خلال الايام القليلة الماضية، حيث أفاد مصدر مقرّب من "حزب الله" اليوم السبت، بأنّ معظم المواقع العسكرية التابعة للحزب جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني.
وذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنّ "حزب الله" سلّم قرابة 190 نقطة من أصل 265 نقطة عسكرية تابعة له مُحدّدة في جنوب الليطاني.
ويأتي تسليم المواقع، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، عقب فتح "حزب الله" جبهة إسناد لقطاع غزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تصاعدت لاحقًا إلى حرب مفتوحة أدت إلى اغتيال العديد من قادته على رأسهم الأمين العام السابق حسن نصر الله.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان على نشر قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والجيش اللبناني فقط في جنوب لبنان، وانسحاب "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني على بعد 30 كيلومترًا من الحدود مع فلسطين المحتلة وتفكيك ما تبقّى من بنيته التحتية في الجنوب.
مرحلة بداية نهاية نفوذ ايران في المنطقة بدأ من السابع من أكتوبر 2004 حين اطلقت حماس عملية "طوفان الأقصى" وصولا الى "حرب الاسناد" وحرب الحوثيين البحرية، وعليه نحن أمام مرحلة حساسة وحاسمة في تاريخ المنطقة التي رسم مستقبلها بدقة الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
خاص- وردنا