الامارات

دبي تواصل ترسيخ مكانتها ضمن أكثر الوجهات العقارية جذباً

دبي تواصل ترسيخ مكانتها ضمن أكثر الوجهات العقارية جذباً

تواصل دبي ترسيخ مكانتها كواحدة من أكثر الوجهات العقارية جذباً لأصحاب الثروات الطائلة حول العالم. فقد أظهرت بيانات حديثة أنها لا تزال تسجل أداءً استثنائياً في سوق العقارات الفاخرة، رغم التحديات المتنامية في المشهد الاقتصادي الدولي، ما يعكس عمق الثقة في بيئتها الاستثمارية ومتانة بنيتها القانونية والاقتصادية.

في هذا السياق، يشير تقرير لـ "بلومبرغ نيوز" إلى أنه:

سوق العقارات الفاخرة في دبي استمر في الازدهار خلال الربع الأول من العام الجاري 2025.

المشترون الأثرياء قادوا مرة أخرى مبيعات قياسية من المنازل بقيمة تزيد عن 10 ملايين دولار.

وفقاً لشركة نايت فرانك للأبحاث، فإنه "خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، بِيعَ 111 منزلًا، بقيمة إجمالية بلغت 1.9 مليار دولار وبزيادة قدرها 5.7 بالمئة عن الفترة نفسها من العام الماضي،

الشركة ذكرت في تقرير لها أن الربع الأول شهد بيع 12 منزلًا بقيمة 25 مليون دولار أو أكثر.

تُظهر القفزة في المبيعات كيف استمر سوق العقارات في دبي في تسجيل طلب متزايد في الأشهر التي سبقت الاضطرابات التي شهدتها السوق العالمية في أبريل، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية عالمية شاملة.

في الوقت نفسه، يرى محللون أن قطاع العقارات في دبي قد يواجه بعض التحديات المستقبلية، إلا أن مرونة السوق ومتانة البنية الاقتصادية للإمارة قد تُمكّنها من احتوائها بفعالية. كما أن متابعة المستثمرين العالميين لتطورات السوق تعكس استمرار جاذبية دبي، رغم المتغيرات المحتملة في أسعار النفط والبيئة الاقتصادية الإقليمية.

ووفق رئيس أبحاث الشرق الأوسط في نايت فرانك، فيصل دوراني، فإن أرقام الربع الأول عكست "استمرار إقبال أصحاب الثروات الطائلة حول العالم على شراء منازل فاخرة وفريدة من نوعها". ومع ذلك، أشار دوراني إلى وجود خطر من أن تؤثر الاضطرابات الأخيرة في الأصول العالمية على سوق العقارات في دبي.

إطار جاذب

وفي وقتٍ تشهد فيه العديد من الدول الغربية زيادات ضريبية وتغيرات متسارعة في تركيبة المجتمعات، تبرز دبي كوجهة استثمارية مفضّلة، بفضل إطارها القانوني الآمن ونظامها الضريبي الجاذب.

هذا المزيج من الاستقرار والتسهيلات المالية يجعلها خيارًا مثاليًا لمن يسعون إلى توجيه استثماراتهم نحو بيئة أكثر مرونة ووضوحًا في المعايير.

وهو ما يؤكده الخبير البريطاني في قطاع العقارات، جوناثان رولاند، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، ويقول: "إن الإطار القانوني الآمن والنظام الضريبي المواتي يجعلان دبي جذابة للغاية، خصوصاً في وقتٍ تشهد فيه العديد من دول الغرب زيادات ضريبية".

كما يلفت في الوقت ذاته إلى تصاعد في تفضيل الأفراد لخيارات الحياة المريحة (حتى وإن تطلب ذلك الابتعاد عن أوطانه). وهي الحياة التي يجدونها في دبي، قائلاً: "هناك انطباع شائع لدينا في المملكة المتحدة وأماكن أخرى من الغرب بأن نسيج المجتمع يتغير بسرعة، وأن الشعور بالانتماء الوطني آخذ في التراجع، إذ بات الناس يفضلون نمط الحياة على حساب الوطن".

ازدهار ملحوظ

وبالعودة لتقرير "بلومبرغ" فقد أفاد بأن الطلب على العقارات في دبي شهد ازدهاراً ملحوظًا منذ العام 2020، حيث استقطبت تعاملات الحكومة مع الجائحة وسياساتها الميسرة في منح التأشيرات أعداداً كبيرة من المشترين الأجانب.

وقد استفاد قطاع العقارات الفاخرة في دبي، بما في ذلك الفلل المطلة على الواجهة البحرية في جزر المدينة الاصطناعية المصممة على شكل نخيل، من تدفق الوافدين الأثرياء.

وفي الربع الأول، ظلت جزيرة نخلة الجميرا الاصطناعية واحدة من أكثر المواقع شعبية، حيث سجلت 34 معاملة لمنازل تزيد قيمتها عن 10 ملايين دولار بقيمة إجمالية بلغت 562.8 مليون دولار، بحسب نايت فرانك.

وجهة جاذبة

الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ثمة عوامل تعزز مكانة الإمارات كوجهة جاذبة للاستثمار العقاري، حيث تعد الدولة من بين الأفضل في المنطقة بل وحتى على مستوى العالم في بعض العديد من التصنيفات.

ومن أبرز هذه العوامل ما يتعلق بـ "الاستقرار السياسي والاقتصادي"؛ ذلك أن الإمارات دولة مستقرة سياسياً، وتتمتع باقتصاد قوي ومتنوّع يدعمه النفط والتجارة والسياحة والطيران ومختلف القطاعات. كما أن الحكومة تتبنى سياسات اقتصادية مرنة وبيئة تنظيمية مشجعة للاستثمار.

ويضاف إلى ذلك توافر البنية التحتية عالمية المستوى، حيث شبكات مواصلات حديثة ومطارات دولية كبرى وطرق سريعة متقدمة. فضلاً عن عوائد استثمارية مرتفعة، باعتبار أنها تعد من أعلى نسب العائد على الإيجار في العالم. جنباً إلى جنب والنمو المستمر في الطلب على الإيجار من السكان المحليين والوافدين.

ويشير الجروان إلى قوانين اتلملّك الواضحة والداعمة للمستثمر الأجنبي، لافتاً إلى نظام التملك الحر الذي يتيح للأجانب شراء العقارات في مناطق معينة بدون شريك محلي. مع وجود قوانين عقارات مدعومة برقابة صارمة من جهات رسمية .

كما يشير في الوقت ذاته إلى عوامل أخرى رئيسية، بما في ذلك:

نظام ضريبي جذاب.

فرص الإقامة عبر الاستثمار العقاري: منح تأشيرات إقامة طويلة للمستثمرين العقاريين، مما يعزز الشعور بالاستقرار ويشجع على الاستثمار طويل الأجل.

سوق سياحية نشطة: الإمارات من أكثر الدول زيارة في العالم، مما يعزز الطلب على الإيجارات قصيرة الأجل .

الابتكار والرقمنة في الخدمات العقارية: معاملات إلكترونية بالكامل، تطبيقات حكومية ذكية، وشفافية كبيرة في عرض وتوثيق الصفقات.

كما يٌبرز أيضاً تنوع الخيارات العقارية، بين المنازل الفاخرة والشقق الاقتصادية، والعقارات التجارية والأراضي..، كلها متاحة، وتناسب مختلف الفئات.

عام قياسي

حققت دبي خلال 2024 عاماً قياسياً لسوق العقارات الذي بلغ ذروته بتسجيل 180 ألفا و900 معاملة بقيمة 522.1 مليار درهم إماراتي، بحسب وام.

أظهر تقرير للسوق أصدرته شركة "FÄM العقارية"، مطلع العام، أن السوق حققت قفزات كبيرة بنسبة 36 و27 بالمئة على التوالي عن أعلى مستوى سابق بلغ 133 ألفا و100 عملية بيع بقيمة 411.1 مليار درهم إماراتي في عام 2023؛ إذ ارتفعت المبيعات الأولى في السوق الأولية من المطورين بنسبة 30 بالمئة على أساس سنوي إلى 334.1 مليار درهم إماراتي، ما يسلط الضوء على الطلب القوي على العقارات الجديدة والعقارات على الخارطة.

وارتفع حجم المعاملات بنسبة 51 بالمئة إلى 119 ألفا و800 معاملة بيع في عام 2024، ما يعكس زيادة كبيرة في ثقة المشترين ونشاط المطورين، بينما ارتفع متوسط سعر القدم المربع، بنسبة 10 بالمئة إلى 1600 درهم إماراتي.

وكان الدافع للطلب إطلاق مشاريع جديدة وخطط دفع مواتية، حيث اجتذب القطاع المستثمرين الأجانب، بدعم من حوافز الإقامة وإصلاحات التأشيرة. وحقق الطلب المتصاعد في السوق الثانوية زيادة بنسبة 21 بالمئة في عمليات إعادة البيع إلى 188.1 مليار درهم إماراتي. كما ارتفع حجم المعاملات بنسبة 14 بالمئة إلى 61 ألفا و100 معاملة مما يدل على النشاط المستدام، وارتفع متوسط السعر لكل قدم مربع بنسبة 12 بالمئة على أساس سنوي إلى 1.300 درهم إماراتي.

الاستثمار العقاري

بدوره، يؤكد مدير عام شركة تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية، رضا مسلم، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على الأهمية القصوى التي يمثلها الاستثمار العقاري ضمن أهم القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، لافتاً إلى أن "هذا القطاع لطالما كان من الركائز الأساسية التي اعتمدت عليها الإمارات منذ نشأتها وحتى اليوم.. وقد شهدنا تطوراً ملحوظاً ومستمراً في هذا القطاع، بفضل سلسلة متصلة من التشريعات والتطورات المستدامة التي أسهمت بشكل كبير في نموه القوي والمستدام، وبنسب نمو عالية للغاية".

ويشير إلى التنافس على تقديم أفضل التسهيلات الممكنة لهذا القطاع الحيوي. وكان آخر هذه المبادرات نظام الاستثمار الحر.

ويضيف "عندما نتحدث عن الاستثمار العقاري، فإننا لا نعني فقط الوحدات السكنية أو التجارية التقليدية.. المفهوم الأوسع يشمل أيضاً الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها شركات تطوير عالمية مرموقة (..) بما في ذلك إنشاء مشاريع عقارية متكاملة تشمل الأبراج والمولات وغيرها.. فالمشروع المتكامل، على سبيل المثال، قد يضم مولاً تجارياً تعلوه ثلاثة أو أربعة أبراج متعددة الاستخدامات، سواء كانت وحدات سكنية أو مكاتب أو فنادق.. هذا هو جوهر الاستثمار العقاري الحقيقي الجاذب".

ويضيف:

"إن دولة الإمارات حريصة كل الحرص على حماية المستثمر الأجنبي والمستثمر المواطن على حد سواء"

لو لم يكن هناك اطمئنان تام لدى المستثمر العقاري الأجنبي على استثماراته، وضمان حمايتها بموجب القانون، وحماية قيمة العملة المحلية من أي انهيار أو تذبذب كبير، لما أقدم على الاستثمار في دولتنا.

استقرار العملة كان له دور حاسم في تعزيز الثقة.

الأمر لا يقتصر فقط على السياسة النقدية، بل يشمل أيضًا السياسة المالية وكافة التشريعات.

دولة الإمارات تتميز بأنها من أسرع دول العالم في تطوير تشريعاتها بما يتناسب مع التطورات العالمية. وخير مثال على ذلك هو تبني تشريعات خاصة بالذكاء الاصطناعي.

يقرأون الآن