"الامور تتجه الى مسار من التحريك الجدي مع بداية العام الجديد، ليس على قاعدة شراء الوقت انما من منطلق البحث عن تسوية عميقة تتصل بسلة تفاهمات عمادها استكمال تنفيذ الدستور الذي انبثق عن وثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في مؤتمر الطائف، وليس على قاعدة البحث في نظام جديد يشتهي البعض ان ينقل لبنان من المناصفة الى المثالثة، انما على قاعدة تطبيق النظام اي الدستور".
هذا ما كشفه مصدر واسع الاطلاع لـ"وكالة اخبار اليوم" مؤكدا ان "حراكا داخليا بعيد من الاضواء قد بوشر به، وهو يهدف الى وضع خارطة طريق تؤدي الى اتمام الاستحقاق الرئاسي، وعدم اطالة امد خلو سدة الرئاسة كما يعمل ويرغب البعض الى اشهر وحتى سنوات بهدف تصفير حضور كل المنافسين لا سيما ممن هم في موقع وظيفي متقدم، ولم يبق على شغلهم لمواقعهم الا سنة او اكثر بقليل، علما ان هذا الرهان خاطئ لوجود اكثرية قادرة عبر مجلس النواب وعبر الحكومة على منع اي شغور اساسي في موقع مرتبط بالحفاظ على الاستقرار والسلم الاهلي".
وقال المصدر "ان منطلق الحراك هو تأمين جو داخلي قابل للتوافق يلاقي الحراك الخارجي الهادف الى مساعدة لبنان وفق أسس مختلفة جذريا عن الدخول السابق على خط الازمات في لبنان، اذ اعتادت القيادات اللبنانية او ما صارت تعرف بـ"المنظومة الحاكمة" على تكبير الازمات وايصالها الى درجات خطيرة بهدف دفع الخارج مسارعا للتدخل مقدما كل ما تطلبه المنظومة، وقد أثبت مؤتمر الدوحة في العام 2008 ان هناك اغراءات مالية وغير مالية دفعت البعض للتراجع عن مواقفه التصعيدية".
واوضح المصدر ان "هذه اللعبة صارت مكشوفة لدى الخارج الشقيق منه والصديق، وبالتالي مهما بلغت درجة التصعيد التي تنتهجها المنظومة الحاكمة، فان احدا لن يتدخل وسيبقى المنطق الدولي العربي والغربي موحدا في المقاربة لجهة القول ان على اللبنانيين مساعدة انفسهم اولا، حتى يبادر الخارج لمساعدتهم، خصوصا وان مسألة الامن والاستقرار على طول الحدود الجنوبية صارت مؤمنة جراء اتفاق الترسيم البحري المبرم بين لبنان واسرائيل، ولا خوف من تطورات دراماتيكية على هذا الصعيد، حتى حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة اعلنت بلسان نتنياهو نفسه التزامها الاتفاق، اي التزام سيادة الهدوء على الحدود مع لبنان".
واشار المصدر الى ان "التباشير العلنية للحراك الداخلي ستبدأ بالظهور تباعا بعد عطلة الاعياد المجيدة، من خلال مبادرات متتالية تتولاها شخصيات اعتادت ان تنشط على هذا الخط، واللقاء الاخير الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وان كان عنوانه عراقي كون اللواء ابراهيم كان عائدا لتوّه من بغداد، الا انه تمحور في جانب اساسي منه على الملف الرئاسي واهمية الاستجابة للحوار لانجاز هذا الملف وفق رؤية مستقبلية لمعالجة مختلف الازمات".
ولفت المصدر الى ان "المبادرة التي ستنطلق مع بداية العام الجديد لن تكون محصورة بالرئاسة الاولى فقط، انما بسلة من التفاهمات التي تطال الحكومة والعناوين الاصلاحية وكيفية مقاربة ملف النفط والغاز مع اقتراب بدء الكونسورتيوم بالحفر في البلوك الرقم 9 وصولا الى كيفية مقاربة استكمال تنفيذ دستور الطائف، بعدما لمس الخارج تمسكا بهذا الدستور شرط تطبيقه بكامل بنوده، وخشية لدى افرقاء اساسيين من الدخول في اعادة النظر بالنظام لانه سيكون على حساب مكون اساسي قد يؤدي الى الانتقال من المناصفة الى المثالثة".
وقال المصدر "ان الحراك المنتظر سيستجيب لكل الهواجس وسيتقاطع مع من يطرحون لبننة الاستحقاقات وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي ومن يطرحون تدويل القضية اللبنانية، من خلال طرح يجمع بين الطرحين يقوم على توفير قاعدة وفاق داخلي يُستعان على ترسيخها والوصول الى نتائج عملية لها من خلال تدخل خارجي مساعد وضامن، لان اي حل من دون غطاء خارجي سيعني استمرار الازمة لجهة المقاطعة الخارجية للبنان والتي انعكست ازمة غير مسبوقة على المستوى الاقتصادي والمالي".
ويختم المصدر بالقول "ما حك جلدك مثل ظفرك"، ولا بد من توسيع دائرة اللقاءات والحوارات الثنائية للوصول الى تقاطعات من شأنها ان تثمر وضع ورقة حل، ومن ثم دفع الخارج للمشاركة في انضاج الحل على قاعدة تحمل مسؤولياته بمساعدة لبنان من خلال وقف الحصار واعادة الانفتاح علية على الصعد كافة".
داود رمّال - أخبار اليوم