في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدتها إيران في المنطقة، مع تراجع نفوذ ميليشياتها من لبنان مروراً بالعراق واليمن، وسقوط النظام السوري، أفادت مصادر لـ"العربية" و"الحدث" بأن الحرس الثوري الإيراني بدأ في تكثيف اجتماعاته مع المعارضين السياسيين والمسلحين لحكومة طالبان في أفغانستان.
وذكرت المصادر أن وزارة الخارجية الإيرانية وجهت دعوة لكل من قائد جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية أحمد مسعود، وحاكم بلخ السابق عطا محمد نور أحد زعماء الحرب الأفغان، ووزير الخارجية السابق صلاح الدين رباني لزيارة إيران.
وأكدت أن أحمد مسعود غادر من طاجيكستان إلى مدينة مشهد الإيرانية، حيث التقى خلال اليومين الماضيين بقادة كبار في الحرس الثوري ومسؤولين في وزارة الخارجية، في حين عقد عطا محمد نور اجتماعات منفصلة مع المسؤولين أنفسهم في مشهد، أما صلاح الدين رباني، فلم يوافق حتى الآن على الدعوة الإيرانية، بحسب المصادر.
وأشارت مصادر أفغانية مطلعة إلى أن الحكومة الإيرانية سمحت لأحمد مسعود، ولأول مرة منذ عدة سنوات، بلقاء ضباط القوات الخاصة "الكوماندوز" التابعين للحكومة الأفغانية السابقة والمقيمين في إيران، حيث جرى اللقاء تحت حراسة مشددة من عناصر الحرس الثوري الإيراني في مدينة مشهد، فيما لا تزال لقاءاته في إيران مستمرة.
ويُذكر أن الحكومة الإيرانية لم تكن تسمح في السابق للسياسيين الأفغان بلقاء المقيمين في إيران، تجنباً لإحراج محتمل مع حكومة طالبان، التي شهدت علاقاتها مع طهران تقارباً كبيراً منذ عودتها إلى السلطة عام 2021.
كما أفادت مصادر "العربية" و"الحدث" من إسطنبول بأن مسؤولين بارزين من الحرس الثوري ووزارة الخارجية الإيرانية التقوا قبل أكثر من شهرين بمجموعة من السياسيين وقادة الأحزاب الأفغانية.
وذكرت المصادر أن من بين المسؤولين الإيرانيين الذين حضروا الاجتماعات في إسطنبول وأنقرة، سيد حسين موسوي، المساعد السابق لقاسم سليماني في شؤون أفغانستان، وقائد قاعدة أنصار القائم في مشهد ناصر غزالي بور، بالإضافة إلى مساعد وزير الخارجية والمدير العام لشؤون جنوب آسيا في وزارة الخارجية محمد رضا بهرامي، والسفير السابق في كابل إبراهيم طاهريان.
وبحسب المصادر، عُقد أحد الاجتماعات في منزل السياسي الأفغاني خواجة محبوب صديقي، وهو أحد مساعدي حاكم بلخ السابق عطا محمد نور، وشارك فيه كل من نائب الرئيس الأفغاني السابق عبد الرشيد دوستم، زعيم حزب الحركة الوطنية الإسلامية الأفغانية، ونائب الرئيس التنفيذي السابق محمد محقق، زعيم حزب الوحدة الإسلامية الشعبية، والمتهم بدعم ميليشيا فاطميون وتجنيد الأفغان في مناطق الصراع لصالح الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى وزير الداخلية السابق تاج محمد جاهد.
وأضافت المصادر أن وفد الحرس الثوري الإيراني التقى أيضاً بأعضاء الحركة الوطنية الأفغانية للسلام والعدالة، التي يتزعمها وزير الخارجية الأسبق محمد حنيف أتمر
وأشارت المصادر إلى أن أجندة الاجتماع كانت سرية، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الحرس الثوري الإيراني يسعى إلى إيجاد موطئ قدم له داخل أفغانستان عبر دعم معارضي حكومة طالبان، في ظل خسائره المتتالية في المنطقة، من تقليص نفوذ حزب الله في لبنان ومقتل قادته، إلى سقوط النظام السوري السابق، وانهيار قدرات الحوثيين في اليمن.
ونقل أحد السياسيين الأفغان لـ"العربية" و"الحدث" أن الحرس الثوري الإيراني لطالما سعى لإنشاء منطقة نفوذ خاصة به غرب العاصمة كابل، على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت، وأن هذه الخطة طُرحت لأول مرة خلال الحرب الأهلية الأفغانية بين عامي 1992 و1996، غير أن رفض بعض القادة الأفغان حال دون تنفيذها.
وأضاف السياسي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن خسائر إيران الإقليمية دفعتها إلى اعتبار أفغانستان الموقع الأنسب لإعادة التموضع، عبر دعم معارضي طالبان، رغم العلاقات الوثيقة التي تجمعها مع حكومة طالبان.
الجدير بالذكر أن وفداً من السياسيين الأفغان المقيمين خارج أفغانستان، برئاسة زعيم حزب الوحدة الإسلامية الشعبية محمد محقق، زار إيران الشهر الماضي والتقى بمسؤولين إيرانيين، وذلك بعد قيام السلطات الإيرانية بترحيل المئات من اللاجئين الأفغان.
كما أن زعيم حزب الدعوة الإسلامية عبد رب الرسول سياف، الذي يعتبر أحد زعماء الحرب الأفغان زار إيران في فبراير العام الجاري، والتقى بمسؤولين إيرانيين، ودعا من إيران حكومة طالبان إلى تشكيل "شورى الحل والعقد".
وفي السياق، غادر وزير خارجية حكومة طالبان، مولوي أمير خان متقي، صباح اليوم إلى إيران بدعوة رسمية من نظيره الإيراني عباس عراقجي، للمشاركة في منتدى حوار طهران 2025، المقرر انعقاده في 18 و 19 مايو الجاري.