وزعت السفارة الفرنسية في لبنان الاحد رسالة تهنئة وجهّتها السفيرة آن غريو إلى اللبنانيين لمناسبة السنة الجديدة، اكّدت فيها لهم "انّ فرنسا ستظلّ هنا رغم التحدّيات. ستظلّ فرنسا هنا لأنّها لم تفقد الأمل في تجدّد لبنان، ولأنّ إنهيار المؤسسات لا يُنسينا أنّكم هنا، أنتم، وأنّكم لا تستسلمون". واضافت "فرنسا ستدافع عنكم وستذكّر بدون كلل، سواء في المؤسسات الدولية أو لدى الشركاء الإقليميين والدوليين، بأهميّة إستقرار لبنان وازدهاره في المشرق، كبوّابة إستراتيجيّة في شرق البحر الأبيض المتوسط. عام تجدّد، لكي يعي أخيراً الذين سيتولّون أمور مستقبلكم مدى التحدّيات الوجودية التي يواجهها لبنان، ويرفضوا زوال الدولة ويرفضوا أيضاً الثقافة المعمّمة المحيطة بها والقائمة على الإفلات من العقاب، ويلتزموا جدّياً بإعادة لبنان إلى كنف المجتمع الدولي وبإجراء الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد ووضع أُسس دولة القانون والعدالة. ستظلّ فرنسا ساهرة على ذلك وستواكب هذه الخطوات الضرورية التي تتطلّعون إليها".
أتت مواقف السفيرة الفرنسية بينما لبنان غارق في مآس لا تنتهي سياسية واقتصادية ومالية. صحيح ان باريس وقفت الى جانب لبنان ولم تتركه، إلا أنها لم تتمكن منذ ان دخلت بقوة على الخط المحلي اثر انفجار المرفأ، من تحقيق خرق ولو واحد، في جدار الأزمات المتناسلة. ووفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن جهود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مشكورة طبعا. فمن دونها، ما كانت قضية "البلد الصغير" لتحضر في مناقشات العواصم الكبرى وعلى جدول اعمالها، حيث يُسجّل لـ "سيد الاليزيه" انه تمكّن على مر السنوات الماضية، من طرح ملف لبنان في لقاءاته مع زعماء العالم، مِن الرئيس الاميركي جو بايدن الى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان...
لكن مع الاسف، توقفت مفاعيل الحركة الفرنسية عند هذا الحد، وهي لا تزال الى اليوم، عقيمة وبصفر نتائج عملية، أكان على الصعيد السياسي او على الصعيد الاقتصادي والمالي. بل ان هذه الاوضاع آخذة في التدهور يوما بعد يوما.
أسباب هذا الإخفاق عديدة، وابرزها إمساك ايران بالورقة اللبنانية عبر حزب الله بإحكام، في مقابل عجزٍ دولي او عدم رغبة دولية عموما وفرنسية خصوصا، بالاصطدام مع طهران، لإنقاذ لبنان... ومن عوامل الفشل ايضا، اعتماد باريس خيار مفاوضة الجمهورية الإسلامية ومد اليد لحزب الله وللطبقة السياسية ككل، بدلا من مواجهتها أو "معاقبتها" علما ان ثورة شعبية كانت مندلعة ضدها منذ 17 تشرين 2019.. فأتى موقف الاليزيه المرن هذا، بنتائج عكسية واعاد تثبيتَ "أرجل" المنظومة في الارض السياسية، وقد بدا ماكرون يعترف بعدم صوابية خياره هذا حين عمد منذ اسابيع الى انتقاد المسؤولين في بيروت!
انطلاقا من هنا، تشير المصادر الى ان النهج الفرنسي اذا ما بقي على ما هو عليه، واذا ما بقيت الرياض وايضا واشنطن في وضعية "المتفرّج" على ما يحصل في لبنان، مكتفيتين بمساعدات إنسانية وبدعم للجيش اللبناني، فإن الرهان على دور باريس وعلى اللقاءات التي تستضيفها، لكسر المراوحة السلبية، سيخيب من جديد..