تبقى كل الحلول الدستورية والسياسية والاقتصادية مقفلة في ظل حالة ترقب ثقيل وسط ضياع معظم المكونات النيابية، والأمر عينه خارجياً نظراً الى التطورات الدراماتيكية على خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية وتبعاتها عالمياً ولا سيما اقتصادياً، مما ينعكس سلباً على الداخل اللبناني وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي المعلق بحبال هذه التطورات من دون اغفال الاشتباك الداخلي وهذا الستاتيكو بفعل عدم قدرة أي فريق على حسم خياره الرئاسي.
في السياق، تشير مصادر سياسية متابعة لهذا المسار لــ"النهار"، الى أن لقاء حصل قبل أيام بين نواب ينتمون الى بعض الكتل المتنوعة، وآخرين مستقلين وكثير منهم ممن يقترعون للنائب ميشال معوّض، وكان لقاء صريحاً الى أبعد الحدود وتمحور حول إيجاد مخرج من أجل إمكان التوافق مع التكتلات النيابية الأخرى على مرشح اجماع، بمعنى أن من يصوّتون لمعوّض يؤكدون في الوقت عينه استعدادهم للحوار على أي مرشح تُجمع عليه كل القوى السياسية والنيابية. ولفتت الى أنه خلال الحوار بين النواب المجتمعين انصبّت المواقف على صعوبة بلورة مرشح وسط الظروف القائمة الى سدّة الرئاسة، والأمر عينه لمرشح "حزب الله" والممانعة زعيم "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، الذي لن يتمكن من الحصول على عدد الأصوات التي حازها النائب معوّض انّما حصّن موقعه ودوره وحضوره للاستحقاق المقبل وأيضاً كزعيم زغرتاوي وشمالي وركيزة وطنية، وقد بات ضرورياً الإقرار بالواقع الراهن والتفتيش عن مرشح اجماع عبر التوافق الشامل من الجميع على أن يستمر الاقتراع لمعوّض الى حين الوصول الى خيار آخر.
وعلى خط مواز، فالجدار المسدود داخلياً ينسحب على الخارج حيث يقول أحد النواب العائدين من باريس، إنه لم يلمس أي تسوية قريبة أو أن اللقاء المزمع عقده فيها والذي سيضم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر وفرنسا هو على نار حامية، وعليه فالاتصالات والمشاورات جارية على قدم وساق حيث العقدة إيرانية لا سيما بعد الموقف الفرنسي المُدين لقمع الاحتجاجات في إيران من قِبل النظام نتيجة العنف المفرط، وصولاً الى استياء واشنطن وباريس من استمرار طهران بارسال المسيّرات الى روسيا لقصف المدن الأوكرانية. هذه العناوين أثّرت الى حدّ كبير في التفرغ للملف اللبناني والبحث عن تسوية، لكن النائب إياه يؤكد أن باريس لا تزال تعمل مع الرياض على الملف اللبناني للوصول الى حلول أو تسوية شاملة من خلال سلّة متكاملة لا تنحصر بانتخاب رئيس بل رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة إصلاحية، وتلك الخطوط العريضة التي يجري البحث فيها عند انعقاد اللقاء الرباعي، اذ يمكن خلافاً لما يُحكى عن انسداد الأفق تمرير صيغة حل ربطاً بالقلق والمخاوف من حصول اضطرابات على الساحة اللبنانية من جراء استفحال الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
وتوازياً، تشير معلومات جهات موثوق بها الى أن السفير السعودي وليد بخاري، كان في باريس قبل أيام لمواكبة ومتابعة الجهود والاتصالات الآيلة بالتكافل والتضامن بين الرياض وباريس الى ايجاد حلول سريعة للوضع المحلي وتفعيل العمل بالصندوق الاستثماري والتنموي بين المملكة وفرنسا، وثمة خطوات سيصار الى مناقشتها في وقت قريب من أجل دعم القطاعات الأساسية التربوية والصحية والاجتماعية، إضافة الى أن السعودية الى جانب الدول التي تواكب المسار اللبناني هي لاعب أساسي. وثمة معطيات وأجواء عن حراك سيقوم به السفير بخاري في الأيام المقبلة باتجاه القيادات والمرجعيات السياسية والروحية، مع التأكيد أن ليس من مرشح تسوّقه المملكة مع أطراف لبنانية، بل هناك مؤشرات الى مرشح اجماع قد يكون ثمرة توافق دولي واقليمي من جراء التوافق بين المكوّنات اللبنانية على اختلافها، انما ووفق المتابعين لهذه اللقاءات والمشاورات ليس ثمة خرق يمكن البناء عليه في وقت قريب الا في حال جاءت اللحظة الدولية – الإقليمية المؤاتية، بمعنى أن التعطيل في الداخل اللبناني لا يحتاج الى اجتهادات، حيث "حزب الله" يقبض على الاستحقاق الرئاسي ومفاصل البلد برمتها على خلفية تمسكه بورقة فرنجية أو كيفية إيجاد مخرج له في حال جاءت التسوية الدولية بمرشح آخر قد يكون قائد الجيش العماد جوزف عون أو "فلتة شوط" خارج السياق المتداول، وهذا ما يعمل عليه البعض، ولهذه الغاية فإيران عقدة أخرى وأساسية كونها من يحرك ويمون على "حزب الله"، وبالتالي تناور بالورقة اللبنانية لتحقيق مكاسب بفعل العقوبات المفروضة عليها دولياً وما تعانيه من حركة احتجاجات في الداخل، ما يعني أن العُقد الرئاسية حدّث ولا حرج وكل الاحتمالات واردة في الأسابيع المقبلة التي تعدّ مفصلية بامتياز.