رأت مجلة "فورين أفيرز" أن أميركا، تقف على حافة كارثة في الشرق الأوسط، بينما هي على أعتاب تدخل ذي مخاطر كبيرة في إيران.
وأضافت الصحيفة أن "عملية أميركية محدودة، ومخططا لها بدقة، قد تسير دون أي رد انتقامي، إلا أن قرار التدخل في الصراع من شأنه، بدلاً من إنهاء البرنامج النووي الإيراني، أن يجعل التوصل إلى حل مستدام أكثر صعوبة".
وأعلن الرئيس دونالد ترامب قبل يومين أنه سيقرر خلال الأسبوعين المقبلين ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية على إيران.
ووفق التقرير فإن الولايات المتحدة، ستدخل إذا قرر ذلك بالإيجاب، حربًا في الشرق الأوسط بأهداف غامضة؛ بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، مكافحة الانتشار النووي، واستراتيجية غير مكتملة، ومخاطر عالية بالوقوع في الفخ.
وأضاف: "تُظهر التصريحات الأميركية والإسرائيلية بشأن الحرب في إيران اثنتين من أبرز أمراض السياسة الخارجية الأميركية على مدار القرن الماضي. أولهما هو الاعتقاد بإمكانية استخدام القوة الجوية لتحقيق أهداف استراتيجية، لا تكتيكية فحسب".
ووفقًا للجيش الأميركي، فإن المنشأة مدفونة على عمق كبير، مما يتطلب على الأرجح إلقاء عدة قنابل بدقة متناهية لاختراق المجمع تحت الأرض.
وفي حين سيكون من الخطأ المراهنة ضد سلاح الجو الأميركي، لكن من غير الحكمة استبعاد احتمال فشل المهمة؛ وهو احتمال وارد يجب على إدارة ترامب الاستعداد له.
وأضافت المجلة أن محاولة فاشلة لاستهداف فوردو لن تُمكّن إيران من إعادة بناء برنامجها النووي بسرعة فحسب، بل ستزيد أيضًا من دافعها لتطوير سلاح نووي لردع أي محاولات مستقبلية ضد برنامجها.
وفي غضون ذلك، سيكون البديل عن الضربات الجوية هو هجوم يتضمن نشر قوات برية أمريكية لمهاجمة فوردو، ما يُعرّض أفراد الخدمة الأمريكية لخطر جسدي أكبر، ويزيد من احتمالية رد إيران المباشر على المنشآت الأمريكية في الشرق الأوسط.
وقالت المجلة إن قرارًا أميركيًا بالتدخل سيجعل التوصل إلى حل مستدام أمرًا صعبًا.
وتابعت أن المشكلة الثانية هي ثقة في غير محلها بسهولة إسقاط نظام مُعادٍ، وإيمان شبه أعمى بأن الحكومة التي ستخلفه ستكون أفضل من سابقتها؛ إذ أصبحت إسرائيل أكثر صراحةً بأن هدفها في إيران هو إسقاط الجمهورية الإسلامية.
وذهبت المجلة إلى أنه حتى لو نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في تحقيق أهدافهما بتدمير فوردو أو حتى الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، فمن المرجح أن تكون هذه إنجازات عابرة أو انتصارات باهظة الثمن؛ فالمعدات المدمرة يمكن إعادة بنائها.
وبينما يمكن استبدال حكومة استبدادية بأخرى أكثر جشعًا، فإن حتى أطيب الأفعال نيةً قد تؤدي إلى عكس النتيجة المرجوة.
ومن بين أهم الدروس العديدة التي كان ينبغي على صانعي السياسات الأمريكيين تعلمها على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، هو أن النجاح العسكري لا يترجم بشكل كامل، إن وُجد، إلى نجاح سياسي.
ورغم أن تدمير منشأة فوردو سيوجه ضربةً قاصمة لطموحات إيران النووية من خلال إعاقة برنامجها للتخصيب، لكن حتى العملية الناجحة لن تُسدد ضربةً قاضيةً للأنشطة النووية الإيرانية، وبالتأكيد ليس على المدى المتوسط أو البعيد.
وحتى في أفضل السيناريوهات، التي تُدمَّر فيها جميع أجهزة الطرد المركزي وغيرها من المعدات والبنية التحتية النووية، سيحتفظ العلماء الإيرانيون بالمعرفة اللازمة لإعادة البناء.
وخلُصت "فورين أفيرز" إلى أنه نظرًا لتوقع صمود معظم مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب في حالة الحرب؛ لأنه يُعتقد أنه منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، ويصعب تدميره أكثر من أجهزة الطرد المركزي الحساسة، فإن إيران لن تبدأ برنامجها من الصفر.
وأضافت: "كما سيكون لدى القادة الإيرانيين حافز قوي لاتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب الكشف هذه المرة، وهو تهديد سيتفاقم إذا انسحبت إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي".
وأكدت أنه حتى لو نجحت المُقامرة الأمريكية الإسرائيلية، وأعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء دون تحفيز التسرع في امتلاك سلاح نووي، سيُعتبر ذلك رهانًا خاسرًا للغاية مُقارنةً بالبديل؛ اتفاق يفرض تحققًا صارمًا على الأنشطة النووية الإيرانية، ويُتيح وقتًا كافيًا لكشف ومنع أي تجاوز للحدود.
وفي حين أن استنفاد كل فرصة للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق هو المسار المسؤول الوحيد؛ لذا فإن تأجيلًا لمدة أسبوعين من شأنه أن يمنح ترامب وكبار مسؤولي إدارته وقتًا كافيًا لاستيعاب هذه الحقيقة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتوصل إلى اتفاق يُنهي الصراع.
وختمت: "قد يترك ترامب أمن الولايات المتحدة والمنطقة رهنًا بنتائج مقامرة متهورة قد تجرّ الولايات المتحدة أكثر إلى الشرق الأوسط وتُسبب كارثة أخرى في السياسة الخارجية ستُطارد الأمريكيين لعقود".