عانى الكثير من الناس من مشاعر القلق في مرحلة ما من حياتهم، سواء كانت هذه المشاعر ناتجة عن اختبار مهم أو أخبار سيئة غير متوقعة.
وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق، يُمكن أن تتحوّل هذه المشاعر إلى أفكار أو مخاوف متكررة تؤثر على الحياة اليومية.
ووفقًا لجمعية علم النفس الأميركية، يُمكن أيضًا تصنيف القلق بحسب الأعراض الجسدية.
وقال الدكتور ساي أشوثان، استشاري الطب النفسي في Cygnet Health Care في المملكة المتحدة، إن معظم هذه الأعراض ناتجة عن الإنتاج المفرط لهرمونات التوتر، بما في ذلك الكورتيزول والأدرينالين والنورأدرينالين والفازوبريسين. وتعمل هذه الهرمونات على تنشيط استجابة الجسم للقتال أو الطيران، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل زيادة معدل ضربات القلب والتعرق وسرعة التنفس.
وحدّد الخبراء بعض الأعراض الجسدية الأكثر شيوعًا للقلق والآليات الكامنة وراءها:
الصداع
الصداع النصفي والصداع اليومي المزمن شائعان لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق، وفقًا لجمعية القلق والاكتئاب الأميركية. وقال أشوثان إن أكثر أنواع الصداع شيوعا صداع التوتر حيث يشعر الفرد بوجود رباط ضيق حول رأسه.
وقال الدكتور أنوب ماثيو، الطبيب النفسي الرئيسي في عيادة كانتوراج في المملكة المتحدة، إنّ الصداع يُمكن أن يحدث بسبب إفراز هرمونات التوتر، والتي يمكن أن تقيد الأوعية الدموية في الدماغ.
ومع ذلك، غالبًا ما يكون من الصعب تحديد أيهما يأتي أوّلًا: القلق أو الصداع.
وقال أشوثان: "يمكن أن يكون الصداع جزءاً من أعراض القلق أو أن الصداع يمكن أن يؤدي في الواقع إلى القلق".
أعراض القلب والأوعية الدموية
غالبا ما يبلغ الأشخاص المصابون بالقلق عن أعراض القلب والأوعية الدموية، مثل ضيق الصدر أو ضربات القلب. وقال ماثيو إنّ السبب في ذلك هو أن هرمونات التوتر يُمكن أن تسبب انقباض الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب.
وتم ربط اضطرابات القلق أيضًا بضعف عمل العصب المبهم - طريق الجسم السريع الذي يحمل المعلومات بين الدماغ والأعضاء الداخلية - وانخفاض تقلب معدل ضربات القلب (HRV) - التغيرات في الوقت بين ضربات القلب - وفقًا لمراجعة نشرت في مجلة Frontiers in Psychiatry.
ويلعب العصب المبهم دوراً مركزيًّا في تنظيم نشاط القلب: عندما لا يعمل بشكل صحيح، يمكن أن يؤدي إلى فشل القلب في الانقباض بطريقة فعالة. وكتب باحثو المراجعة أن انخفاض معدل ضربات القلب في الوقت نفسه يهيئ الفرد لتعافي أبطأ من الضغوطات.
أعراض الجهاز الهضمي
قال أشوثان إنه عندما يكون الفرد قلقًا، تدخل المزيد من هرمونات التوتر إلى الجهاز الهضمي. ويُمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل الانتفاخ وآلام البطن والغثيان والإمساك.
وقد يكون سبب الارتباط بين القلق وفرط الحساسية الحشوي (عتبة الألم المنخفضة في الأعضاء الداخلية) هو مزيج من العوامل الوراثية وتجارب الحياة المبكرة، وفقًا لمراجعة نُشرت في مجلة Frontiers in Systems Neuroscience. وتعد الطفولة المبكرة فترة محورية لتطوّر دوائر الدماغ المسؤولة عن تنظيم التوتر والألم. وقد تزيد بعض الأشكال الجينية المتعددة من خطر عدم تطوّر دوائر الدماغ هذه بشكل صحيح. وعندما يتعرض فرد مهيأ وراثيًا لتجارب مبكرة في حياته، مثل الصدمة أو سوء المعاملة، فقد تتطوّر دوائر الألم العصبية الخاصة به بطريقة تعزز الشعور بالألم والقلق في مرحلة البلوغ.
وقال ماثيو إن هرمونات الإجهاد يمكن أن تعطل أيضا توازن البكتيريا في الأمعاء، ما يؤدي إلى التهاب ومشاكل أخرى في الجهاز الهضمي. ووجدت مراجعة نشرت عام 2021 في مجلة Clinical Psychology Review أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق يميلون إلى أن يكون لديهم المزيد من البكتيريا المسببة للالتهابات (مثل Enterobacteriaceae وDesulfovibrio)، وعدد أقل من البكتيريا المفيدة (مثل Faecalibacterium) .
ضعف المناعة
قال أشوثان إن الكورتيزول، الذي يتم إنتاجه بشكل مفرط خلال فترات القلق، يمكن أن يؤثر على جهاز المناعة عن طريق تعطيل إنتاج خلايا الدم البيضاء التي تقاوم العدوى. وقال: "الإفراج المستمر عن الكورتيزول سيؤدي بالتالي إلى زيادة فرصة الإصابة بالعدوى".
مشاكل التنفس والدوخة
ولفت الاختصاصي في علم النفس السريري في SilverCloud للخدمات الصحية عن بُعد انجيل إنريكي، إن التنفس السريع والضحل والدوخة من الأعراض الشائعة للقلق.
وقال: "نشعر بالقلق عندما نتوقع أن شيئا سيئا قد يحدث ويتفاعل الجسم لمساعدتنا في التعامل مع موقف شديد أو مرهق. وينتج عن ذلك استجابة قتال أو هروب. وسيستجيب الجسم عن طريق زيادة تنفسنا بحيث تنقل رئاتنا المزيد من الأكسجين من خلاله في حال احتجنا إلى الهروب". لكن إنريكي قال إنّ هذا يمكن أن يجعل الناس يشعرون بضيق في التنفس، ما قد يؤدي إلى مزيد من القلق أو الذعر.
وقد تؤدي زيادة وتيرة التنفس أيضًا إلى الدوار. وقال إنريكي "عندما نشعر بالقلق، نبدأ في التنفس بسرعة وعمق. وهذا يؤدي إلى انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم مما يسبب الغثيان والدوخة أو الوخز في اليدين أو القدمين".