بعد انتظار أسبوع لبيان لم يصدر عن اللقاء الخماسي في باريس، برزت الجولة الدبلوماسية التي بدأها سفراء الدول الخمسة في عين التينة ولاحقاً في السراي الحكومي. اللهجة كانت حازمة لجهة ضرورة انجاز الاستحقاقات الدستورية لا سيما انتخاب رئيس الجمهورية ولاحقاً عدم الابطاء بالاصلاحات اللازمة كمعبر أساسي للمساعدات الدولية ودعم صندوق النقد الدولي.
في هذه الأثناء، تواصل الشلل على وقع استمرار المصارف والضغط لاقرار عدد من التشريعات لا سيما قانون الكابيتال كونترول. الا أن الجلسة التشريعية باتت في مهبّ التأجيل وربما الالغاء بعد ابلاغ النائب الان عون هيئة مكتب المجلس عدم مشاركة تكتل لبنان القوي في الجلسة.
اذا لا جلسة تشريعية الخميس، ولكن هذا لا يعني أن الباب قد أوصد على امكانية عقدها، والرهان على احتمال عودة التيار الوطني الحر عن قراره لا سيما بعد العمل على تخفيض بنود جدول أعمال الجلسة الى حدود ١٠ بنود فقط.
وفيما تأجل البحث التشريعي الى اجتماع هيئة مكتب المجلس الاثنين المقبل، كان الرئيس سعد الحريري على موعد مع عدد من اللقاءات في بيت الوسط لا سيما مع كوادر تيار المستقبل، ولاحقاً مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ملتزماً بالصمت السياسي.
الحريري سيكتفي باحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري من ضريحه اليوم، الذي يتحوّل سنوياً الى مقصد سياسي وشعبي في ذكرى ذاك اليوم المشؤوم في ١٤ أذار ٢٠٠٥ حين سقط رجل الاعتدال وخسر لبنان قامة سياسية ووطنية كبيرة، وكان موته شرارة استقلال لبنان الثاني وانتهاء زمن الوصاية السورية.
تحل الذكرى ال18 لاستشهاد الرئيس الحريري، ولبنان على مفترق طرق أحلاهما مرّ، فهو معلّق بين الحياة والموت وما أحوجه اليوم الى أمثاله لانتشال البلد من جهنم التي وصل اليها. فمن كان يتوقع أن لبنان الحلم الذي انتشله رفيق الحريري من بين الركام وأعاد اعماره وحضوره السياسي في المحافل الدولية، يمكن أن يتحوّل الى دولة مارقة ماحقة لا محل لها بين الدول المتحضرة.
الوزير السابق رشيد درباس لفت في حديث الى جريدة الأنباء الالكترونية الى ما أسماه بالمفارقة الغريبة عندما نسمع البعض يقول أن وصول البلد الى هذا المنحى الخطير كان بسبب السياسات التي اعتمدت في الثلاثين سنة الماضية، محاولين تبرئة أنفسهم وتحميل الحريري وزر ما حصل، مع أن المرحلة التي أمضاها الحريري في رئاسة الحكومة هي ٨ سنوات فقط امتدت من العام 1992 الى العام 2000،ورغم ذلك لم يبق من لبنان الا ما بناه الحريري، من المطار الى المدينة الرياضية والجامعة اللبنانية والسراي الحكومي والبنى التحتية والاوتسترادات وسواها.
وقال درباس: "بعد ذلك خرج من الحكم، فماذا فعلوا في المرافق العامة؟ الكهرباء التي كانت 24/24 في بيروت و20 في بقية المناطق فأين هي اليوم؟ وأين أصبح قطاع الاتصالات الذي كانوا يعتبر بترول لبنان؟"، مضيفاً "لقد مضى على استشهاد الحريري 14 سنة، عشنا أكثر من نصفها بفراغ رئاسي وحكومي وتعطيل غير مبرر في ادارة الدولة التي تحوّلت الى مزرعة. ولو كان الحريري حياً فهل كان سيرضى بذلك وفوق كل ذلك يريدون تحميله مسؤولية ما يحصل اليوم بفضل سوء ادارتهم وعدم خبرتهم في قيادة البلد".
من جهته، النائب السابق فارس سعيد استذكر في اتصال مع الأنباء الالكترونية استشهاد الرئيس الحريري بأنه استشهاد قامة لبنانية عربية دولية وحّدت اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وشكّلت حدثاً هاماً لمرحلة جديدة أدت الى خروج الجيش السوري.
وقال سعيد: "لم نر بتاريخ لبنان استشهاد قامة وطنية أعطت لبنان ما أعطاه الحريري، فاستشهاده يعد خسارة لجميع اللبنانين بكافة طوائفهم ومذاهبهم"، مستذكراً الرفاق الذين حوّلوا هذا الاستشهاد الى مبادرة وطنية، مذكّراً بأن وليد جنبلاط وسعد الحريري كانا في طليعة انتفاضة الاستقلال، وهو من موقعه الى جانب قادة ثورة الارز كانوا يأملون أن يتحوّل هذا الحدث العظيم الى حالة وطنية جامعة.
١٨ عاماً حملت معها تطورات كثيرة غيّرت وجه لبنان، وكان اخرها كارثي على كافة المستويات وأظهرت كم لبنان بحاجة لرجال دولة من طينة رفيق الحريري يعملون دائماً وفق قاعدة لبنان أولاً.
جريدة الأنباء الألكترونية