ربما يكون الأمر الأصعب في ظل الانهيار هو تحديد حد أدنى للأجور ليكون بمثابة الراتب الذي يؤمن أقل مقتضيات العيش الكريم. ففي ظل التدهور المستمر في سعر الليرة وارتفاع الدولار، تشير معظم الدراسات والأبحاث الى أن احتساب الحد الأدنى للراتب يجب أن يكون مترافقاً وملائماً لنسبة التضخم الحاصل، الذي وصل في لبنان، الى أرقام غير مسبوقة واحتل المرتبة الثالثة عالمياً. وبالتالي، أصبح احتساب الحد الأدنى للأجور بمثابة ضرب من خيال. فهل دولرة الرواتب هي الحل وكيف السبيل الى ذلك؟
الأسمر
في السياق، يوضح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث لموقع "لبنان الكبير" أن "لجنة المؤشر والغلاء المعيشي فرضت علينا طرح مبدأ دولرة الرواتب، وهناك فرقاء في الهيئات الاقتصادية رفضوا هذا المبدأ لما يتخلله من صعوبات منها كيفية التّصريح للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وللمالية خصوصاً أن الدولار متحرك".
أما بالنسبة الى القطاع الخاص، فيؤكد الأسمر "ضرورة دراسة ربط الغلاء المعيشي الذي يطرأ في سعر صرف الدولار. وبالنسبة الى القطاع العام، يمكننا أن نقول طُرح هذا المبدأ من خلال اللقاءات مع رئيس الحكومة وهو ربط المعاشات وتطور الرواتب بحسب سعر صرف الدولار إنما أيضاً وزارة المال لم تكن موافقة".
ويقول: "اليوم ننتظر ما هو معروض غداً (اليوم) على مجلس الوزراء فيما يتعلق برواتب القطاع العام والنقل وهناك إقتراح بإعطاء خمسة ليترات يومياً للموظف خصوصاً أن الليترات ستسعّر يومياً بحسب سعر الصرف. لذا، ننتظر الآلية التي ستتّبع وتمهد لدولرة الرواتب جزئياً أو كلياً، علماً أن قسماً كبيراً من القطاع الخاص بما في ذلك الهيئات الاقتصادية ومن المؤسسات التي وضعها مرتاح وتستطيع الاستثمار تعمل على إعطاء الرواتب جزئياً أو كلياً بالفريش دولار".
وعن كيفية تحديد الحد الأدنى للأجور، يشير الأسمر الى أن "آخر دراسة صدرت حددت الـ 20 مليون ليرة كحد أدنى للأجور إنما على أرض الواقع هذا المبلغ لا سبيل الى تحقيقه فالهيئات الاقتصادية ترفضه رفضاً قاطعاً لأنه يؤدي الى مزيد من التضخم في الأسواق"، لافتا الى "أننا كنا في فترة ما ضد الدولرة، ولكن هذا الواقع فرض علينا المطالبة بدولرة الرواتب خصوصاً عندما بدأت تطال لقمة العيش وهذا ما شهدناه مؤخراً في السوبرماركت".
بكداش
أما نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش فيرى أن "دولرة الرواتب هي المشكلة الأكبر، إذ أن هناك بعض المؤسسات التي تدفع للموظفين باللبناني حسب ما تصدره أرقام لجنة المؤشر، وهناك مؤسسات أخرى تدفع بالدولار الفريش أما باقي المؤسسات فتدفع بالدولار واللبناني".
ويوضح أن الحد الأدنى بالنسبة الى القطاع الخاص، هو 100 دولار، مؤكداً "أننا لسنا مع الدولرة الشاملة ولكن ليس هناك خيار آخر سوى القبول بهذا الواقع رأفة بالعامل بحيث أصبحت حياته كلها مدولرة".
أما كجمعية صناعيين، فيقول بكداش: "كنا سباقين الى تعديل رواتب الصناعيين لسبب أن 60 - 70 ?? من البضائع التي تُباع في السوق المحلية مصنوعة في لبنان ولا شك في أن هناك بعض القطاعات كالمواد الغذائية التي تصدّر إلى الخارج وخصوصاً إلى المملكة العربية السعودية أخذت الحيز الأكبر من ذلك، إضافة إلى أن معظم المؤسسات هذه تدفع معاشات موظفيها ما بين 40 - 70 ?? بالدولار الفريش وبالتالي واقعنا مقبول أكثر من غيرنا. كما نخفف على عمالنا أعباء المحروقات والبنزين من خلال تأمين الحافلات أو ندفع بونات بنزين بحسب حاجتهم، وبالتالي الموظف في القطاع الصناعي لا يراقب صعود الدولار ونزوله كغيره".
وعن اجتماع لجنة المؤشر منذ حوالي شهر لتعديل المعاشات، يشير الى أن "الدولار كان 40 ألف ليرة تقريباً واتفقنا حينها على أن يكون الحد الأدنى 4.5 ملايين أي 100 دولار، إلا أن الدولار تخطى اليوم الـ80 ألفاً ولم يقرّوا القرار القديم بعد، ويطلبون عقد اجتماع لجنة مؤشر مرة ثانية، ولكن السؤال ما العمل في حال انخفض سعر الدولار في المستقبل؟ وبالتالي، ليس هناك أي شيء ثابت"، مشدداً على أهمية "إيجاد الحلول الطويلة الأمد للحفاظ على الموظف والمؤسسات".