"صندوق استرداد الودائع"، مصطلح جديد دخل اليوميات المتعلقة بأزمة الودائع وسط انسداد أفق الحلول أكانت السياسية او المعيشية، في وقت اصحاب الودائع يعانون بصمت في انتظار الفرج! بالطبع، وسط الازمات وفقدان الثقة بالدولة وكل ما يمكن ان يصدر، فان من الطبيعي ان يلاقى هذا الطرح بالرفض او اقله بالتشكيك، خصوصا وان تجربة اللبنانيين مع "الصناديق" لم تكن يوما ناجحة، بل كناية عن محسوبيات و"استثمارات انتخابية" لبعض الاطراف.
في حين ان التعريف العلمي للصندوق السيادي، هو "صندوق استثماري مملوك من الدولة، ويضم أصولاً حكومية مستمدة من فائض الاحتياطيات التي تملكها الدولة، وتعود بالنفع على اقتصادها ومواطنيها. ويمكن أن يضم تمويل صندوق الثروة السيادية أصولاً من الاحتياطيات الفائضة من عائدات الموارد الطبيعية المملوكة للدولة، وفوائض الميزان التجاري، واحتياطيات البنوك التي قد تتراكم من الميزانية، وتعاملات العملات الأجنبية، وأموال الخصخصة ومدفوعات التحويلات الحكومية"....
وورد انشاء "صندوق استرداد الودائع Deposit Recovery Fund" في مشروع "إعادة التوازن إلى الانتظام المالي" (الخطة المالية)، الذي اقرته الحكومة واحالته الى المجلس النيابي، حيث بدأت لجنة المال والموازنة الشهر الفائت بدراسته، اذ تنص الفقرة الرابعة من المادة السادسة على تحويل رصيد المبالغ التي تفوق 100 ألف دولار إلى أدوات رأسمالية أو أوراق مالية مصدرة من "صندوق استرجاع الودائع" أو من خلال أي إجراء ينصّ عليه قانون معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها.
شرح مرجع مالي ان الامر ما زال مجرد فكرة اولية لا يمكن التعليق عليها، ولم يحدد المشروع مهمته وكيفية ادارته، وبالتالي لم يحصل بحث جدي حوله، وقال المرجع، عبر وكالة "أخبار اليوم" المبدأ موجود لكن هذا لا يعني انه اصبح قانونا اقره مجلس النواب.
وردا على سؤال، شدد المرجع على واجب الدولة في اعادة ديونها، وقد يكون الامر عبر خلق صندوق لادارة اصولها ويكون الايفاء بالمستحقات من مردود هذه الاصول، وبالتالي هذه الفكرة لا بأس بها لكن العبرة في التطبيق وتحديد الاصول التي ستدرج فيه، والتشريعات المطلوبة من اجل ادارتها بالشكل الذي يؤمن مردودا اكبر من المردود الحالي، فعلى سبيل المثال اذا تم وضع مؤسسة الكهرباء ضمن هذا الصندوق وبقيت ادارة القطاع كما هي الآن، فان اي جدوى منه ستنتفي.
الى ذلك، اكد المرجع انه لن يكون هناك اي حل جدي الا اذا كان حلا متكاملا يبدأ بانتظام الامور السياسية، اي انتخاب رئيس الجمهورية والدخول في مرحلة استقرار سياسي، لبدء المعالجات الفعلية.
وعن دور القطاع المصرفي في مثل هذا الصندوق، قال المرجع: الطرح هو ان جزءا من الودائع تنتقل الى هذا الصندوق وتقوم المصارف باستلام حقوق او "اوراق ثبوتية" تحدد حقوق المصرف فيه، مكررا: انها افكار اولية قابلة للنقاش.
على المستوى السياسي، قال الوزير السابق رشيد درباس، عبر وكالة "أخبار اليوم"، اقتراح "صندوق استرداد الودائع"، كمن يريد وضع العربة امام الحصان، معتبرا ان بعض الطروحات تشبه اللجوء الى ترميمات غير قابلة للانتظام، ولفت الى ان معالجة مسألة ودائع الناس وكيفية الحفاظ عليها وكيفية ادارة املاك الدولة، لا يمكن ان تستقيم في حين ان هذه الدولة تتفتت ولا توجد فيها اي بنية.
ورأى درباس ان بداية اي حل، تكون مع انتخاب رئيس للجمهورية واعادة تكوين اجهزة الدولة من خلال تشكيل حكومة توحي بالثقة كي تتكلم مع الداخل والخارج، اما في الوقت الراهن فان الحكومة لا تحظى باي صدقية، معتبرا ان ما يحصل راهنا هو من باب تمييع الوقت والتمويه عن المسألة الاساسية المتمثلة بانتخاب رئيس للبلاد.
واضاف: اقرار هذا النوع من الصناديق راهنا لن يجد آذانا صاغية، ولن تجد من يصدقها، ولن تلاقي تأييدا شعبيا لانها ستكون كـ"طبخة البحص"
واذ اعتبر ان انتخاب رئيس الجمهورية يفتح الكثير من الابواب، قال درباس: شرط ان يكون لا غبار على سيرته الذاتية او سمعته، على ان يترافق الامر مع الاتفاق على رئيس حكومة محترم وتشكيل حكومة من الخبراء لديهم تاريخهم في مجالاتهم، وبالتالي فان هذه الاجراءات "تفتح شهية" من يريد مساعدة لبنان وتخلق نوعا من الاطمئنان عند الناس.
وردا على سؤال، قال درباس: "لم يبق حليبا لدى البقرة"، واذا لم تحصل اعادة تكوين وفقا لفكرة مناقضة لما هو في السابق لا يمكن للبلد ان ينهض، وحينها تنجح الحكومة في خلق دورة اقتصادية ناشطة لا بل تصبح اقوى من مجلس النواب.
عمر الراسي - أخبار اليوم