دولي

المعارضة الإيرانية: نظام خامنئي خان القضية الفلسطينية

المعارضة الإيرانية: نظام خامنئي خان القضية الفلسطينية

كبّدت حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية خسائر كبيرة، شملت كبار قادتها العسكريين ودفاعاتها الجوية، وصولاً إلى برنامجها النووي، رمز سيادتها الوطنية، الذي تتفاوت التقديرات في شأن حجم الأضرار التي لحقت به. ولعلها المرة الأولى منذ الحرب العراقية- الايرانية، يبدو فيها النظام بخطر.

ومع ذلك، تقول رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي في حديث خاص إن إعادة بناء القدرات العسكرية للنظام الإيراني مرهونة بعاملين اثنين على الرغم من أنه تلقّى ضربات كبيرة، وفقد مجموعة كبيرة من قادة قواته وهدمت بنیته التحتية وتسليحاته العسكرية.

وتعتبر "منظمة مجاهدي خلق" الإيرانية، الفصيل الأكبر ضمن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أكبر فصائل المعارضة الإيرانية في الخارج. وبعد تاريخ سجالي، أعادت المنظمة صوغ نفسها وأصبحت الديموقراطية وحقوق الإنسان والعلمانية شعارها الجديد، واكتسبت شعبية واسعة في البرلمانات الغربية.

وتحدثت زعيمة أكبر فصيل إيراني معارض عن تأثير الحرب الأخيرة على النظام والسيناريوات المفترضة لإيران ما بعد الحرب واحتمالات إعادة النظام بناء قدراته، فضلاً عن حجم التأييد الشعبي للمنظمة داخل إيران وملفات أخرى. 

وأوضحت رجوي أنه قبل 21 عاماً، أعلنتُ في البرلمان الأوروبي أنّ حلّ أزمة إيران لا يكمن في سياسة الاسترضاء مع هذا النظام ولا في شنّ حرب خارجية، بل الحلّ الوحيد هو الخيار الثالث، أي تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.

وأضافت في 18 حزيران / يونيو وفي خضمّ هذه الحرب الأخیرة، كرّرتُ هذا الموقف داخل البرلمان الأوروبي من جدید. وخلال الحرب، أكّدتُ أن الشعب الإيراني يرحّب بنهاية الحرب، ویرید إقرار السلام والحرية. دعوا الشعب الإيراني يحسم بنفسه معركته المصيریة بإسقاط خامنئي ودكتاتورية ولاية الفقيه.  

وتابعت نطمح إلى إقامة جمهورية ديموقراطية غير نووية في إيران، تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل، ومنح القوميات حقّ الحكم الذاتي.

ولفتت رجوي إلى أن خريطة الطریق هذه لا تؤمّن فقط الديموقراطية وحقوق الإنسان في إیران، بل تأتي في خدمة السلام، والاستقرار، والإعمار، والتعاون، والتنمية الاقتصادية لإيران والمنطقة والعالم.

وأكملت هذا ليس حلماً، بل برنامج عملي وقابل للتحقيق، تسعى إليه "منظمة مجاهدي خلق" ، وشباب الانتفاضة، وشبكة واسعة من وحدات المقاومة والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يعملون لیل نهار لتحقيقه.

وأشارت إلى أن النظام تلقّى ضربات كبيرة، وفقد مجموعة كبيرة من قادة قواته وهدمت بنیته التحتية وتسليحاته العسكرية، وإعادة بناء هذه القدرات تعتمد على عاملَين اثنين: أولاً هل سيتبنى المجتمع الدولي سياسة حازمة تجاه هذا النظام، أم يعود مرة أخرى إلى سياسة المهادنة التي اتّبعها لسنوات طويلة؟. السياسة الوحيدة التي تسمح للنظام بإعادة بناء قدراته العسكرية هي سياسة المساومة والمهادنة التي تمنحه الوقت والفرصة لإعادة تشكيل آلته القمعية والعسكرية،وثانياً، وهو الأهم، العامل الداخلي. فالانتفاضة والمقاومة ستسبقان جهود النظام في إعادة البناء، ولن تمنحاه الوقت الكافي، وهذا بالتحديد ما تخطط له وتعمل عليه المقاومة الإيرانية.

وقالت يواجه النظام حالياً سؤالاً كبيراً یطرحه أبناء الشعب الإيراني، لماذا تم إنفاق كل ثروات الشعب الإيراني على مشروع نووي لا علاقة له بمصالح الشعب، وتبخّر في ليلة واحدة،الجواب على هذا السؤال سيؤدي إلى تعميق كراهية الشعب للنظام، ما سيؤدي بدوره إلى تفجّر الانتفاضة الشعبية.

وعن الاقتصاد الإيراني فأكدت رجوي أنه في حالة كارثية نتيجة العقوبات الدولية، والفساد البنيوي، والإنفاق الهائل على البرنامج النووي، والقمع الداخلي، ودعم الميليشيات الأجنبیة، وفي ظل هذه الأوضاع، فإن إعادة بناء البرامج العسكرية والنووية ستكون باهظة التكاليف، وإذا اختار النظام أن يفرض هذه الأعباء مجدداً على كاهل الشعب كما فعل سابقاً، فإن الانفجار الاجتماعي والانتفاضة المقبلة سيكونان أسرع وأقوی.

وكشفت أن "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومکوّناته، وبخاصة "منظمة مجاهدي خلق" التي تُعد العمود الفقري لهذا المجلس، لهما جذور عميقة في المجتمع الإيراني، فهذه المنظمة تناضل منذ ستين عاماً من أجل الحرية، والعدالة، وسيادة الشعب، في مواجهة دكتاتوريتَي الشاه وولایة الفقیه، وقدّمت أكثر من 120 ألف شهيد في هذا الطريق، ولم تغادر خندق المقاومة لحظة واحدة،أما المرأة الإيرانية التي تعرضت في ظل هذا النظام لأبشع صور القمع والتهميش، فتحظى بمكانة محورية في المقاومة الإيرانية. أكثر من نصف أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من النساء، وتبوّأت النساء معظم المناصب القيادية في المنظمة. وقد رفعت هذه المقاومة من مكانة المرأة الإيرانية التي أرادها النظام أن تبقی سجينة البيت ومواطنة من الدرجة الثانية، إلى موقع القيادة والمسؤولية".

وأضافت على الرغم من القمع الشديد، تعتمد هذه المقاومة اليوم على شبكة واسعة من وحدات المقاومة داخل إيران، تنشط في فضح جرائم النظام، وتعبئة الجماهير، وقيادة الاحتجاجات، واستهداف مراكز القمع والإجرام، وإلى ذلك هناك شبكة اجتماعية واسعة تابعة لمجاهدي خلق تضم شرائح مختلفة من أبناء الشعب، وعوائل الشهداء، والسجناء السياسيين السابقين، وغيرهم...

وأشارت إلى أن تقوم هذه الشبكة بدور فاعل في الاحتجاجات الاجتماعية، کما استطاعت المنظمة الحصول على أكثر المعلومات سرية عن النظام. وثمرة هذه الشبكة الواسعة ما حققته المقاومة خلال العقدَين الماضيَين من معلومات دقيقة عن البرامج النووية والإرهابية للنظام. ومن أبرز عوامل تميزنا، هو أننا نمتلك رؤية سياسية واضحة لمستقبل إيران.

واعتبرت أنه "قبل نحو عشرين عاماً قمت بتلخیص هذه المشاریع في ما يُعرف بالخطة ذات النقاط العشر التي قدّمتها إلى المجتمع الدولي أمام مجلس أوروبا. ونالت هذه الخطة منذ ذلك الحين دعم أكثر من 4000 مشرّع ونائب برلماني، وغالبية عشرات البرلمانات في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات الدولية البارزة".

وزادت يُعبّر الإيرانيون المقيمون في الخارج عن دعمهم لهذا البرنامج وللمجلس الوطني للمقاومة وللتغییر الدیموقراطي من خلال تجمّعات سنوية حاشدة، بمشارکة مئات الشخصيات السياسية وکبار المسؤولین السابقین من مختلف دول العالم.

وتابعت "كانت حركتنا منذ اليوم الأول مناديةً بوحدة القوى في جبهة الشعب. فالقوى التي تنشط ميدانياً داخل إيران تحظی بوحدة عمل عملیة، وكل من يسعى بصدق إلى إسقاط النظام داخل إيران، هو متحد ومؤتلف مع "مجاهدي خلق" والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يُعتبر أطول ائتلاف سياسي في تاريخ إيران، وهو يوشك أن يدخل عامه الخامس والأربعين. ويضم هذا المجلس في صفوفه اتجاهات سياسية متعددة، وديانات ومعتقدات متنوعة، إضافة إلى قوميات مختلفة. وما يجمع كل هذه المكوّنات هو الهدف المشترك بإسقاط نظام الملالي، وإقامة جمهورية ديموقراطية على أساس خطة النقاط العشر التي أشرت إليها سابقاً، وقد دعا هذا المجلس عام 2002 إلى تشكيل "جبهة التضامن الوطني"، لتشمل كل القوى التي تطالب بإسقاط النظام بکامل تیاراته وأجنحته، وتسعى إلى إقامة جمهورية ديموقراطية على أساس فصل الدين عن الدولة. وفي هذا الإطار، نحن رحّبنا ونرحّب دائماً بالتعاون مع القوى الجمهورية التي تناضل من أجل إسقاط هذا النظام".

وكشفت أنه "فيما يخص العلاقة مع الدول الأخرى، وخصوصاً دول الجوار، فقد حدّدت المادة العاشرة من خطة المقاومة الإيرانية ذات النقاط العشر الموقف السياسي بشكل مختصر وواضح على النحو التالي: إيران غير نووية، خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومُلتزمة بالسلام، والتعايش، والتعاون الدولي والإقليمي".

وتابعت "لقد عانت شعوب إيران والمنطقة كثيراً من سياسات نظام الشاه الذي كان يتصرّف كشرطي للمنطقة، كما عانت من سياسات نظام الملالي، الذي يسعى إلى بسط هيمنته على المنطقة وإخضاع دول المنطقة تحت إرادته. سقوط نظام الملالي سيكون نهاية حاسمة لكل هذه السياسات التوسعية والعدوانية".

وأكدت أنه "ستُحدث المقاومة الإيرانية بعد إسقاط نظام ولاية الفقيه تغييراً جذرياً في السياسة الخارجية لإيران، بحيث تقوم على مبدأ التعايش السلمي، والاحترام المتبادل مع جميع دول المنطقة، والعمل بما يخدم مصالح الشعب الإيراني واستقرار المنطقة".

ولفتت إلى أن من "أكبر الخيانات التي ارتكبها الخميني ونظام الملالي استغلال هذا النظام لقضية فلسطين وشعاراتها العادلة، حيث وجهوا أكبر ضربة لهذه القضية ولفصائلها الوطنية، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية".

وختمت رجوي مؤكدة أن "وجود هذا النظام يشكّل عقبة أساسية أمام السلام والاستقرار في المنطقة، فتاريخ نظام ولاية الفقيه خلال أكثر من أربعة عقود هو تاريخ من تصدیر الحروب والتطرف والإرهاب".

يقرأون الآن