شنت القوات الروسية هجمات بلا هوادة على باخموت، اليوم الأربعاء، في محاولة لتطويق المدينة الصغيرة الواقعة شرق أوكرانيا وإعلان أول انتصار كبير لها منذ أكثر من ستة أشهر بعد عدد من المعارك الأكثر دموية في الحرب.
وتمكنت رويترز من الوصول إلى باخموت من ناحية الغرب يوم الاثنين، وهو ما يثبت أن المدينة لم تحاصر بعد على الرغم من ضغط القوات الروسية من الشمال والجنوب لإغلاق آخر الطرق المتبقية إلى المدينة.
وارتفعت ألسنة اللهب والدخان في السماء من المباني المحترقة. واستمر دوي إطلاق النار والانفجارات الذي وصل إلى عنان السماء. وجابت المركبات المدرعة الأوكرانية الشوارع التي لم يبق فيها سوى الكلاب الضالة وسط الوحل والحطام.
ولا يزال ألوف السكان داخل المدينة المدمرة التي كان يقطنها نحو 70 ألف نسمة قبل الحرب.
وقال رجل متوسط العمر يرتدي معطفا وقبعة من الصوف على درج المبنى الذي يسكن فيه: "إنه أمر مخيف حقا".
وأضاف، "لا أستطيع تحريك ساقي -بالكاد تتحركان- من هول الموقف... سأبقى هنا طالما ظل بيتي سليما وما لم يصبني أذى".
وفي بلدة تشاسيف يار إلى الغرب، شبت النيران في محل بقالة.ش
وقال مسعف بالجيش عمره 25 عاما كان متجها إلى الجبهة: "لن نتخلى عن باخموت. سنتمسك بها حتى النهاية... المجد لأوكرانيا، الموت للأعداء".
وأشار الجيش الأوكراني في إفادة صحفية صباح اليوم إلى العدو يواصل "تقدمه باتجاه باخموت. لا يتوقف عن اقتحام مدينة باخموت".
وضع صعب
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب عبر الفيديو في وقت متأخر مساء أمس الثلاثاء على أن معركة باخموت "هي الأصعب" لكن الدفاع عنها ضروري.
وأضاف، "روسيا بشكل عام لا تكترث بالبشر وترسلهم في موجات مستمرة (للهجوم) على مواقعنا، شدة القتال تتزايد".
ونشرت وكالة الإعلام الروسية الحكومية مقطع فيديو قالت إنه يظهر مقاتلات روسية من طراز سو-25 تحلق في سماء باخموت.
ويقول رجل في المقطع تم تعريفه على أنه مقاتل من مرتزقة مجموعة فاجنر "نحن سعداء لأنهم في قبضتنا"، مضيفا أن الطائرات ساعدتهم "نفسيا".
وقال المحلل العسكري الأوكراني أوليه زدانوف إن القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراق بين قريتين شمالي باخموت هما قريتا بيرخيفكا وجاهيدني وتابع قائلا "يشكل ذلك اختراقا في الجبهة الشمالية لباخموت... يشكل تهديدا واضحا لنا".
والمنطقة المحيطة بباخموت من إحدى المناطق على الجبهة التي حققت فيها روسيا مكاسب واضحة خلال هجوم في الشتاء شهد ما وصفه الجانبان بأنه أكثر قتال دموي في الحرب.
وبعد أن تكبدت خسائر فادحة على الأرض في النصف الثاني من 2022، تلقت القوات الروسية تعزيزات بوصول مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم منذ سبتمبر أيلول.
وتمسكت كييف من جانبها بالدفاع على مدى الأشهر الثلاثة المنصرمة على أمل أن ينهك القتال القوات الروسية المهاجمة قبل أن تشن أوكرانيا هجوما مضادا هذا العام بأسلحة جديدة منها دبابات وعدها بها الغرب.
وتقود مجموعة فاجنر القتال قرب باخموت، وقامت المجموعة العسكرية الخاصة بتجنيد عشرات الآلاف من المُدانين من السجون وأرسلتهم لجبهة القتال.
واتهم يفجيني بريجوزين، قائد مجموعة فاغنر كبار القادة في الجيش النظامي الروسي بالخيانة لعدم تزويد رجاله بما يحتاجونه كما يجب في أكبر المؤشرات على وجود خلاف داخلي في موسكو.
وتلقت فاغنر ما بدا أنه إظهار من الكرملين للدعم اليوم عندما بحث مجلس النواب الروسي (الدوما) خططا لتوسيع نطاق قوانين رقابية لتشمل حكما بالسجن لمدة 15 عاما لمن يشوهون سمعة "التشكيلات التطوعية" التي تقاتل في الحرب.
وكتب رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين على وسائل التواصل الاجتماعي يقول "تلك المبادرة هي لحماية كل من يخاطرون اليوم بحياتهم لضمان أمن البلاد وأمن مواطنينا".
وأضاف، "عقاب المخالفين سيكون قاسيا".
ويعتبر الأوكرانيون والروس عادة أن الأول من مارس آذار هو أول يوم في فصل الربيع. وذابت الثلوج بالفعل على الجبهة مما أتى بما يسمى الربيع السيبيري وهو موسم الأوحال السوداء ذائعة الصيت في التاريخ العسكري بأنها قاهرة الجيوش التي حاولت من قبل أن تنفذ هجمات في مناطق في أوكرانيا وغرب روسيا.
ويتباهى الأوكرانيون بأن تحول الطقس للدفء أثبت أن روسيا أخفقت في أن تجبرهم على الإذعان بالبرد والتجمد بشنها هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على البنية التحتية للطاقة في أنحاء البلاد منذ أكتوبر تشرين الأول.
وكتب أمين مجلس الأمن القومي الأوكراني أوليكسي دانيلوف في تغريدة على تويتر: "حسنا.. هل تمكنتم من تجميدنا؟ أول يوم في الربيع الأوكراني سعيد عليكم!"
وخيمت الحرب على اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في نيودلهي سيحضره وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وأيضا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الهندية إن بلاده التي تستضيف الاجتماعات لا تريد أن تهيمن القضية الأوكرانية على الحدث مع أنها ستكون على رأس جدول الأعمال.
وتريد الدول الغربية أن يندد الاجتماع بالحرب. فيما قال مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي إن بروكسل لن تدعم البيان الصادر عن الاجتماع إلا إذا تضمن مثل تلك الإدانة.
وكرر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أمس موقف موسكو وقال إنها منفتحة على إجراء مفاوضات سلام لكن أوكرانيا وحلفاءها الغربيين يجب أن يقبلوا ضم روسيا لأراض أوكرانية.
وتعتبر أوكرانيا أن لا يمكن للسلام أن يتحقق إلا إذا انسحبت روسيا من كل أراضيها.