دولي

بعد تصريحات ترامب والسيسي.. هل يشهد ملف "سد النهضة" انفراجة؟

بعد تصريحات ترامب والسيسي.. هل يشهد ملف

أعادت التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سد النهضة، الأمل في إمكانية تحريك الجمود الذي يخيّم على المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، لاسيما في ظل إعلان أديس أبابا الانتهاء من بناء السد والاستعداد لافتتاحه رسميا خلال أسابيع.

وأكد ترامب، خلال لقائه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن الولايات المتحدة تعمل على تسوية النزاع المرتبط بسد النهضة، مضيفا: "نحن على طريق حلّ هذه المشكلة بسرعة كبيرة".

وفي المقابل، سارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الترحيب بهذه التصريحات، مشيدا بما وصفه بـ"حرص الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد الإثيوبي، وتأكيده على ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة".

ويرى دبلوماسيون ومراقبون تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، أن تصريحات ترامب قد تفتح الباب أمام عودة الدور الأميركي كوسيط مؤثر في ملف سد النهضة، وهو الدور الذي برز سابقا خلال الولاية الأولى لترامب، حين قادت واشنطن جولة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، بمشاركة البنك الدولي.

ورغم ما شهدته تلك الجولة من تقدم في صياغة مشروع اتفاق فني وقانوني، إلا أن رفض الجانب الإثيوبي التوقيع أفشل جهود الوساطة، ما أدى إلى تعثر المفاوضات مجددا، ووصولها إلى ما وُصف لاحقا بـ"الطريق المسدود".

وشكك وزير مصري سابق في تصريحات لـموقع "سكاي نيوز عربية" من انخراط إثيوبيا "بجدية" في أي مفاوضات مستقبلية، خاصة بعد انتهاء كافة الأعمال الإنشائية واقتراب موعد الافتتاح رسميا.

وقبل أيام، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد افتتاح سد النهضة رسميا في سبتمبر المقبل بعد اكتمال جميع أعمال بناء السد، موجها دعوة إلى كل من مصر والسودان لحضور مراسم الافتتاح السد الذي وصفه بأنه "رمز للبركة والمنفعة المتبادلة، وليس مصدرا للصراع أو التهديد".

ويقع سد النهضة على مجرى النيل الأزرق، الرافد الأكبر لنهر النيل، قرب الحدود مع السودان، وبدأت أعمال تشييده عام 2011 بتكلفة بلغت نحو 4 مليارات دولار، ويُعدّ أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ إثيوبيا الحديث.

وتنظر القاهرة إلى السد بوصفه تهديدا وجوديا، لما قد يترتب عليه من تقليص في حصتها "التاريخية" من مياه النيل، التي تمثل الشريان الأساسي لتأمين احتياجات مصر من المياه العذبة.

أما الخرطوم، فتعرب عن مخاوف متزايدة من أن يؤدي أي خلل إنشائي في السد إلى أضرار جسيمة على أراضيها الزراعية، في المناطق المحاذية لمجرى النيل الأزرق.

يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تصريحات الرئيس الأميركي بشأن سد النهضة قد تمثل بوادر انفراجة محتملة، إذا توافرت الإرادة السياسية لدى الأطراف المعنية، موضحا أن ترامب سبق وأن تدخل في فترة رئاسته الأولى، بطلب من مصر، لكن الوساطة الأميركية آنذاك لم تُفضِ إلى نتيجة ملموسة، بسبب عدم ممارسة أي نوع من الضغوط الفعلية على إثيوبيا.

لكن "هذه المرة الوضع مختلف"، كما يعتقد السفير رخا، مرجعا ذلك إلى عاملين أساسيين قد يُسهمان في إحداث اختراق في هذا الملف، الأول إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي اكتمال بناء السد، مع بقاء بعض الأمور الفنية فقط، ما قد يمنح الجانب الإثيوبي قدرا من الاطمئنان ويدفعه إلى التوقيع على اتفاق، والثاني وفرة الفيضانات خلال السنوات العشر الماضية، والتي ضمنت تدفقا مائيا وفيرا، وقد تجعل أديس أبابا أكثر مرونة في التعامل مع المطالب المصرية.

وبشأن جدية الولايات المتحدة في الانخراط هذه المرة في العملية التفاوضية، أضاف الدبلوماسي المصري السابق: "الآن بات السد أمرا واقعا، والتفاوض أصبح يتعلق بترتيبات لإدارة هذا الواقع، لكن الأمر يتوقف على شقين: قرار سياسي من إثيوبيا، وقدرة الولايات المتحدة على إقناعها بقبول اتفاق قانوني ملزم، خاصة بشأن إدارة المياه في فترات الجفاف المؤقت والممتد".

وفيما يتعلق بأوراق الضغط الأميركية، ذكر رخا أن الولايات المتحدة تملك بالفعل تأثيرا كبيرا على إثيوبيا، نظرا للمشروعات المشتركة والمساعدات، فضلا عن مساهمتها المباشرة -بحسب تصريحات ترامب- في تمويل جزء من مشروع السد، لافتا إلى أن ترامب يسعى إلى تسجيل إنجاز دولي جديد قد يُعزز فرص حصوله على جائزة نوبل للسلام.

أما عن طبيعة الانفراجة المحتملة، فقال رخا إن "العودة للتفاوض لن تكون من نقطة الصفر، بل ستُبنى على الاتفاق السابق الذي تم بلورته في عهد ترامب خلال وساطة وزارة الخزانة الأميركية، بالإضافة إلى ما أعقب ذلك من مفاوضات مباشرة بين مصر وإثيوبيا".

يقرأون الآن