على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ ثلاث سنوات، باتت نسبة كبيرة من اللبنانيين تعيش تحت خط الفقر وعاجزة عن توفير احتياجاتها الأساسيّة.
وبعد ثلاث سنواتٍ على التّدهور المالي والسياسي، بات الشغل الشاغل للمواطن ملاحقة التعاميم المصيرية الصادرة عن مصرف لبنان، والتي من خلالها يتغير مستواه المعيشي سلبا أو إيجابا.
ومنذ إعلان المركزي بيع الدّولار الأميركي بـ 70000 ل.ل. والناس تسأل عمّا إذا كان هناك مخرج من الدوامة التي يدور فيها القطاع المصرفي.
موظّفو القطاع العام في مأزق وخطوات تصعيديّة لتحسين رواتبهم
يختصر الحديث مع الياس، رقيب في أمن الدّولة الكثير من المعاناة التي فاقت كل التوقعات، ليخبر موقع "وردنا" عن حالته النفسية التي تتأزم شيئًا فشيئًا مع كلّ ارتفاعٍ وانخفاض في سعر الصّرف، معتبرًا أنّ ما يحصل بحقّ موظفي القطاع العام غير مقبول وغير أخلاقي.
ويسأل: "من يتحكّم بسعر الصرف اليوميّ؟ وإلى متى سيرتفع الدّولار بهذه الطريقة الجنونية؟"
ويؤكد الياس أنّ "كلّ القرارات التي تصدر حاليًا عن مصرف لبنان لا تبشّر بالخير"، لأنّ راتبه الذي كان يتقاضاه قبل التعميم الأخير لمصرف لبنان كان يوازي 150 دولارا، اما اليوم فيُقارب الـ 90 دولارا على سعر صيرفة.
وختم: "الصرخة ستعلو حتمًا في حال لم نشهد خطوات سريعة تضمن تحقيق استقرار مالي ولو في حده الأدنى".
خبير اقتصادي يشرح..
في حديثه لموقع "وردنا"، أكّد الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، أنّ "الموظّف وحين يسحب راتبه على سعر صيرفة 45 ألف والدولار في السوق السوداء حوالي الـ 80 ألف ل.ل، فهذا يعني أنه حصل على ما يوازي راتبين".
مشيراً الى أن قرار المصرف المركزي سيطبّق هذا الشهر، أمّا الأسبوع المقبل، فموظف القطاع العام سيتقاضى راتبه على أساس سعر صيرفة 70 ألف، وهذا يقلل من استفادة الموظفين.
وتابع مارديني: "عندما كان البنك المركزي يضخّ الدّولار، على سعر صرف الـ 70 ألف وفي السوق السوداء 80 ألف، خسر حوالي 10 إلى 15%، أمّا لو بقي على سعر 45 ألف كان سيخسر قرابة الـ 50%."
وبالتالي الهدف من رفع سعر الصرف على منصة صيرفة هو تخفيض هامش الخسارة، مع العلم انه وفور توقف البنك المركزي عن ضخ الدولار على صيرفة فان الدولار سيعاود ارتفاعه مجددًا.
أمّا عن سؤال من أين يجب أن تبدأ عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي، أكد مارديني أنه يجب أن تبدأ عن طريق توزيع الدولارات المتبقية بمصرف لبنان على المودعين.
من المستفيد من هذه القرارات ؟
بدوره يقول الإقتصادي منير يونس، أنه حتى الساعة لم يظهر من المستفيد من هذا القرار، في ظل الإرتباك الذي بدا واضحا في حركة الاسواق و عمليات السحب.
أما الحل برأي يونس لن يكون الّا بتوحيد سعر الصرف، والذي يبدأ مع حزمة الاصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي، والتي تشمل إعادة هيكلة المصارف وتوزيع الخسائر (إعادة الودائع) ومشروع ضبط التحويلات والسحوبات (الكابيتال كونتورل) خصوصاً أن مفاعيل منصة "صيرفة" بات محدوداً جداً، ويقتصر على تأجيل أمد القفزات الهائلة لسعر الدولار.
وعكس ذلك، يكون إهدار ما تبقى من احتياطات لدى المركزي، ثم بحث التصرف بمخزون الذهب، وهذه هي أخطر مرحلة قد تصلها البلاد.