بلغ الجوع وسوء التغذية مستويات غير مسبوقة في غزة، مع تأكيد الأمم المتحدة أن عشرات الآلاف من الأطفال والنساء يحتاجون إلى علاج عاجل، في وقت تدخل القطاع كميات شحيحة من المساعدات في ظل القيود الإسرائيلية.
وأفاد الدفاع المدني في غزة بأنه يرصد تزايد حالات «استشهاد الأطفال الرضع نتيجة الجوع الحاد وسوء التغذية»، مؤكداً وفاة ثلاثة أطفال على الأقل خلال الأسبوع المنصرم.
وقال المتحدث باسم الجهاز محمود بصل: «هذه الحالات المؤلمة لم تكن بسبب إصابات مباشرة من القصف، بل نتيجة نقص التغذية، غياب الحليب، وانعدام الرعاية الصحية الأساسية».
يقول زياد مصلح (45 عاماً) الذي نزح من شمال قطاع غزة إلى وسطها وهو الآن في مخيم النصيرات «نحن نموت، أطفالنا يموتون ولا نستطيع فعل أي شيء».
ويضيف «أولادنا يبكون ويصرخون يريدون طعاماً، ينامون بالوجع والجوع وبطونهم فارغة خاوية، نحن الكبار والله غير قادرين على الحركة من كثرة التعب والجوع. الأمهات غير قادرات على الوقوف لخدمة أولادهن من قلة الطعام، والمياه الحلوة والمالحة مقطوعة منذ أكثر من أسبوع».
وبحسب مصلح «لا يوجد طعام أبداً، وإن توافر القليل في السوق، فإن أسعاره خيالية ولا أحد يستطيع شراءه».
والأحد، وفي إحدى نقاط توزيع الطعام في النصيرات داخل مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى مركز للنزوح، كان الأطفال الذين ينتظرون دورهم للحصول على طعام، يقرعون الصحون والأواني، وقد بدت علامات الجوع الشديد على وجوه معظمهم، وفق مراسل فرانس برس.
مخزون أغذية منخفض
يشكو سكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليوني شخص، إلى جانب الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، من انخفاض مخزون المواد الغذائية، ما تسبب في ارتفاع هائل في أسعار القليل المتوافر منها في الأسواق.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مطلع يوليو من أن سعر الدقيق أصبح أعلى بـ3000 مرة مما كان عليه قبل اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال مدير البرنامج كارل سكاو الذي زار مدينة غزة مطلع الشهر الجاري «الوضع هو الأسوأ الذي رأيته في حياتي».
وأضاف «قابلت أباً فقد 25 كيلوغراماً خلال الشهرين الماضيين. الناس يتضوّرون جوعاً، بينما الطعام موجود على بُعد أمتار خلف الحدود».
وكانت إسرائيل بدأت في الثاني من/مارس، فرض حصار مطبق على القطاع بعد انهيار المحادثات لتمديد وقف إطلاق النار الذي أبرم بداية عام 2025 واستمر ستة أسابيع.
ومنعت دخول أي سلع حتى أواخر مايو، حين بدأت السماح بدخول عدد قليل من الشاحنات.
ومع نفاد المخزون الذي كان قد تجمع خلال فترة وقف إطلاق النار، تواجه غزة أسوأ نقص في الإمدادات منذ بداية الحرب قبل أكثر من 21 شهراً.
وقال سكاو: «مطابخنا خالية، ولا تقدم سوى الماء الساخن مع القليل من المعكرونة».
ولعل الأطفال والنساء الحوامل هم الأكثر تضرراً من سوء التغذية.
وتقول «أطباء بلا حدود» إن المرضى في عياداتها لا يتعافون من جراحهم بشكل جيد بسبب نقص البروتين، وأن نقص الغذاء يؤدي لاستمرار العدوى لفترات أطول .