رياضة

راشفورد آخر الناجين من سفينة مانشستر يونايتد الغارقة

راشفورد آخر الناجين من سفينة مانشستر يونايتد الغارقة

يبدأ ماركوس راشفورد أولى مغامراته الاحترافية بعيداً عن الدوري الإنكليزي لكرة القدم، بانتقاله إلى نادي برشلونة الإسباني، في خطوة تُعدّ الأجرأ في مسيرته الكروية. المهاجم الدولي الإنكليزي صاحب الـ27 عاماً كان قد خرج لأول مرة من أسوار أولد ترافورد في منتصف الموسم الماضي، عندما أعير إلى أستون فيلا، حيث شارك في 17 مباراة سجل خلالها 4 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة، تجربة قصيرة لكنها مهّدت لرحيل أكبر إلى برشلونة، ليبدأ تحدياً جديداً يضعه أمام بيئة كروية مختلفة تماماً عما اعتاده في إنكلترا.

هذا الانتقال يمثل لحظة فارقة في مسيرة راشفورد؛ فبعد سنوات قضاها في مانشستر يونايتد النادي الذي نشأ فيه وتدرج في جميع فئاته العمرية، قرّر تركه ولو مؤقتاً بحثاً عن أجواء قد تمنحه الثقة والبريق الذي فقده أخيراً في الفريق.

راشفورد نفسه كان قد أعلن في كانون الثاني/ يناير الماضي أنه يشعر بأنه "مستعد لتحديات جديدة خارج منطقة الراحة"، وهي عبارة تلخص واقع أولد ترافورد في السنوات الأخيرة، إذ لم يعد "مسرح الأحلام" مكاناً مريحاً لأيّ لاعب، بل أصبح ساحة ضغوط متواصلة وسلسلة إخفاقات متتالية.

يونايتد... من نادٍ يجذب النجوم إلى محطة عبور فاشلة

سنوات قليلة كانت كافية بتحويل مانشستر يونايتد من وجهة مثالية لنجوم الصف الأول إلى محطة عبور غير ناجحة لمعظمهم، فالنادي أنفق مئات الملايين لجلب لاعبين بصفقات ضخمة قاربت أو تجاوزت حاجز الـ100 مليون يورو، لكن كثيراً منهم لم يتمكن من التأقلم مع الضغط أو تحقيق التطلعات، والنتيجة أن هؤلاء النجوم إما خرجوا معارين بحثاً عن استعادة مستواهم، أو غادروا نهائياً بحثاً عن استقرار افتقدوه في أولد ترافورد.

أمثلة حيّة لنجوم استعادوا بريقهم بعد الرحيل

أنتوني (ريال بيتيس):

الجناح البرازيلي الذي تعاقد معه مانشستر يونايتد قادماً من أياكس مقابل قرابة 100 مليون يورو عام 2022، عاش فترة صعبة للغاية في إنكلترا، حيث سجل 12 هدفاً فقط وصنع 5 أخرى في 96 مباراة.

إعارته إلى ريال بيتيس الإسباني أعادت إليه شيئاً من السعادة الكروية التي عاشها في أمستردام، إذ أحرز 9 أهداف وقدم 5 تمريرات حاسمة في 26 مباراة، وأسهم في تأهل الفريق إلى الدوري الأوروبي والوصول إلى نهائي دوري المؤتمر الأوروبي، وحالياً بيتيس يضغط لتمديد الإعارة، فيما يبحث يونايتد عن بيع نهائي لكنه لم يجد العرض المناسب بعد.

ماسون غرينوود (أولمبيك مارسيليا):

المهاجم الإنكليزي الذي كان أحد أبرز المواهب في يونايتد، اضطر لإعادة بناء مسيرته بعيداً عن إنكلترا بعد أزمته الشهيرة عام 2022. إعارته إلى خيتافي في الدوري الإسباني أعادته للأضواء، حيث سجل 10 أهداف وصنع 6 في موسم واحد.

انتقاله لاحقاً إلى مارسيليا مقابل 30 مليون يورو شكل نقطة تحوّل مهمة، إذ تألق بشكل لافت في الدوري الفرنسي مع المدرب روبرتو دي زيربي، مسجلاً 22 هدفاً وصانعاً 6 تمريرات في 36 مباراة، ورغم عروض الأندية السعودية المغرية، يفضل مارسيليا الاحتفاظ به لأطول فترة ممكنة.

سكوت مكتوميناي (نابولي):

لاعب الوسط الأسكتلندي الذي كان يُنظر إليه في يونايتد كـ"رجل المهمات الصعبة"، وجد ضالته في الدوري الإيطالي بعد انتقاله إلى نابولي مقابل 30 مليون يورو.

خلال موسم 2024-2025 تحوّل إلى أحد نجوم الفريق بفضل روح القتال التي أشعلت مدرجات سان باولو، حيث سجل 13 هدفاً وقدم 6 تمريرات حاسمة في 39 مباراة، ليسهم بشكل مباشر في تتويج نابولي بلقب الدوري الإيطالي.

الجماهير أطلقت عليه ألقاباً مثل "العملاق" و"البطل الخارق"، تعبيراً عن تقديرها لجهوده.

جادون سانشو (بوروسيا دورتموند/تشيلسي):

تجربة الجناح الإنكليزي مع يونايتد كانت مخيّبة للآمال، لينتقل على سبيل الإعارة إلى ناديه السابق بوروسيا دورتموند حيث أسهم في بلوغ الفريق نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2024.

وبعد تجربة قصيرة مع تشيلسي ساعد فيها الفريق على التتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي، لا يزال سانشو يبحث عن الاستقرار، مع وجود مفاوضات لانتقاله إلى جوفنتوس هذا الصيف.

راشفورد... الناجي الأخير

كل تلك القصص تمثل مشهداً واضحاً لواقع مانشستر يونايتد الحالي، وهو نادٍ فقد بريقه التاريخي، وبيئة صعبة لم تعد تناسب حتى نجومه الكبار، وبينما غادر كثيرون بحثاً عن أنفسهم، كان ماركوس راشفورد آخر من حاول الصمود وسط العواصف، لكنه أدرك في النهاية أن النجاة تتطلب القفز من السفينة قبل الغرق الكامل.

انتقاله إلى برشلونة ليس مجرد خطوة رياضية، بل هو بحث عن هوية جديدة وفرصة لإعادة إطلاق مسيرته في فريق يملك فلسفة هجومية مغايرة، وبطولة تمنحه فرصة لاختبار نفسه أمام أسلوب لعب جديد وجماهير مختلفة.

الأنظار ستتجه الآن إلى ملعب "مونتجويك"، حيث سيحاول راشفورد كتابة فصل جديد يليق باسمه وتاريخه، وليثبت أن الناجي الأخير من "السفينة الغارقة" قادر على الطيران من جديد، لكن هذه المرة بألوان برشلونة لا مانشستر يونايتد.

يقرأون الآن