العراق

البرلمان العراقي يجمد مناقشات قانون الحشد الشعبي

البرلمان العراقي يجمد مناقشات قانون الحشد الشعبي

كشف نائب في البرلمان العراقي عن تجميد النقاشات البرلمانية المتعلقة بقانون الحشد الشعبي، بعد المحادثة الهاتفية الأخيرة بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

وأوضح، أن شريطة عدم الكشف عن اسمه، أن "رئاسة البرلمان قررت إرجاء المناقشات الرسمية بشأن مشروع القانون، بانتظار التوصل إلى صيغة توافقية بين الكتل، أو فتح حوارات مع الجانب الأميركي لخفض حدة التوتر المتصاعد إزاء الملف"، مبيناً أن "هناك مخاوف من أن يؤدي تمرير القانون حالياً إلى تعقيد العلاقة مع واشنطن، وتعرض العراق لضغوط مالية ودبلوماسية إضافية".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أصدرت بياناً شديد اللهجة، عقب الاتصال بين الوزير روبيو والسوداني، عبّرت فيه عن "قلق الولايات المتحدة من تمرير قانون الحشد الشعبي، بوصفه عاملاً قد يرسّخ نفوذ الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، ويقوّض سيادة الدولة العراقية".

ولطالما شكّل ملف الحشد الشعبي واحدة من أكثر القضايا حساسية في العراق، إذ يُنظر إليه من قبل بعض القوى بوصفه رديفاً للقوات الأمنية و"درعاً عقائدياً" للدولة، فيما تعتبره أطراف أخرى تهديداً لبنية المؤسسة العسكرية، ومصدراً لتفاقم الازدواجية الأمنية.

ويعود الجدل الحالي إلى طرح مسودة جديدة لقانون الحشد الشعبي في البرلمان، تتضمن مواد تمنح الهيئة صلاحيات أوسع، وتكرس استقلاليتها التنظيمية والإدارية، ما أثار موجة انتقادات داخلية وخارجية، وسط تحذيرات من أن يؤدي تشريعها إلى ترسيخ الانقسام السياسي، وإضعاف العلاقة مع الشركاء الدوليين.

بدوره، قال النائب في البرلمان العراقي مختار الموسوي إن "التحذيرات الأميركية بشأن قانون الحشد الشعبي باتت نمطاً متكرراً، لا ينبغي أن يُلتفت إليه عند اتخاذ القرار على مستوى الدولة".

وأضاف أن "المخاوف الأميركية غير مبررة، إذ سبق أن عبّر الجانب الأميركي عن رفضه لقوانين عدة، بينها قانون تجريم التطبيع، لكنها مُررت في نهاية المطاف دون تأثير فعلي على المصالح العراقية"، مؤكداً أن "العراق يتمتع بالسيادة الكاملة، وعلى البرلمان أن يمضي في تشريع القانون".

انقسام داخلي

وبحسب مصادر نيابية، فإن العقبات التي تواجه تمرير القانون لا تتوقف عند الاعتراضات الدولية، بل تشمل أيضاً خلافات داخل البيت السياسي العراقي، إذ تبدي كتل كردية وسنية تحفظها على بعض المواد، مثل آليات الهيكلة، والتوازن الداخلي، فيما يعترض نواب ضمن الإطار التنسيقي على مواد أخرى قد تُفضي إلى إحالة قيادات نافذة إلى التقاعد، ما يجعل الانقسام ممتداً داخل التحالف نفسه.

ورغم أن جلسة القراءة الثانية للقانون شهدت حضوراً واسعاً تجاوز 170 نائباً، إلا أن التصويت النهائي ظل مؤجلاً بقرار غير معلن، وسط مساعٍ حكومية لـ"تهدئة المواقف"، وتأجيل الحسم إلى مرحلة لاحقة.

وبحسب بيان للحكومة العراقية، فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ردّ على وزير الخارجية الأميركي خلال الاتصال، موضحاً أن "طرح قانون الحشد الشعبي أمام مجلس النواب يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني الذي انتهجته الحكومة"، مؤكداً أنه "جزء من البرنامج الحكومي الذي أقرّه البرلمان، ويشمل تنظيم أوضاع المؤسسات الأمنية كافة، كما حصل مع جهازي المخابرات والأمن الوطني".

وأضاف السوداني أن "الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية عراقية رسمية، وتعمل ضمن صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة"، مشيراً إلى أن "تشريع القانون يهدف إلى تنظيم أوضاع المقاتلين والإدارة".

حسابات أميركية

ويرى مختصون أن الموقف الأميركي الرافض لا ينبع فقط من حيثيات القانون نفسه، بل من تداعياته المحتملة على المشهد الأمني والإقليمي، خاصة أن واشنطن تتهم بعض قيادات الحشد بالارتباط الوثيق بطهران، وتخشى من أن يُوظف القانون لحمايتهم قانونياً وتمكينهم مالياً.

في المقابل، لا تزال الكتل السنية والكردية تحافظ على موقف متحفظ إزاء القانون، مع تغليب خيار "الصمت"، خشية أن يُفسر دعمهم له كتموضع سياسي مع طرف شيعي مسلح، خاصة في ظل الذاكرة المتوترة من مرحلة ما بعد 2014، حين دخلت فصائل الحشد إلى مناطق سنية في سياق الحرب ضد داعش.

يقرأون الآن